حلم تنظيم المونديال والابتزاز الأميركي للمغرب

حلم تنظيم المونديال والابتزاز الأميركي للمغرب

14 ابريل 2018
+ الخط -
تناولت الصحافة العالمية، بخاصة الرياضية في الأيام الأخيرة مدى قدرة الملف المغربي على احتضان كأس العالم 2026، والذي تنافسه أميركا في ملف مشترك مع كندا والمكسيك، والذي ستعلن نتائجه بعد شهرين من الآن، فتم التشكيك في قدرة المغرب لعدم توفره على الشروط الكافية خصوصاً شرط استقبال مطاراته لـ 60 مليون سائح، وتوفر المدن المحتضنة والمرشحة لما يزيد عن 260 ألف نسمة.

تفاجأ الجميع بالشروط الجديدة والتي من المستحيل أن يحققها المغرب، خصوصاً الشرط المتعلق بالقدرة الاستيعابية للمطارات، فسال مداد الصحافة والمهتمين بصعوبة فوز المغرب باحتضان هذا الحدث العالمي، هذه الشروط التي كانت ثانوية ولا تعتبر معياراً للترشح في ما سبق، أصبحت بين ليلة وضحاها شروطاً ملزمة لطرفي الملف المغربي والأميركي.

أميركا، القوة الإمبريالية التي لا تفوت الفرص وتقتنصها قنصاً، الحليف الاستراتيجي للمغرب في شمال أفريقيا هكذا أرى أميركا، لا بد من إدخال السياسة في جميع مناحي الحياة، فالسياسة هي الأداة التي تستطيع إعطاءك ما تريد أينما تريد وفي أي وقت تريد وممن تريد.
ليعلم الجميع أن أميركا غير مهتمة إطلاقاً بتنظيم كأس العالم ولا أي تظاهرة عالمية من هذا الحجم، خصوصاً في هذه المرحلة التي تمر فيها بفترات تهديد من قوى عظمى كروسيا والصين وأخرى صاعدة. أميركا التي تعتقد نفسها المخلص الوحيد للعالم وضامن الأمن للكثير من الدول النامية والفقيرة، تريد أن تفعل بالمغرب ما سبق لها وأن قامت به ضد الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتير، الذي رفض توجيهات أميركا بخصوص عدد من القضايا الرياضية، خصوصاً تلك المتعلقة بإعادة النظر في ملف ترشح روسيا لاحتضان كأس العالم، وكذلك خسارتها تنظيم مونديال 2022 الذي آل لدولة قطر.

بعد تعنت بلاتير ورفضه توجهات أميركا بخصوص سحب التنظيم من روسيا، عاقبته بأبشع طريقة ممكنة، وهي فضح مناوراته ودمج ملفاته هو والكثير من أعضاء الفيفا من بلاتيني وغيرهم في ما يسمى بوثائق بنما، التي أقيل بسببها من منصبه لثبوت تورطه في استلام رشاوى وهبات من اتحادات بعض الدول. وأذكر على سبيل المثل لا الحصر إقصاء المغرب أمام جنوب أفريقيا سنة 2010 وفوز هذا الأخير باحتضان كأس العالم. وليعلم المتتبع أيضاً أن أميركا هي التي مهدت الطريق لــ إنفانتينو لتولي رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا، حيث إن هذا الأخير لا يتوانى في دعم الملف الأميركي باستعمال جميع الوسائل، لأنه على يقين من أن فوز المغرب باحتضان الكأس سيحرك ملفات فساد أخرى، وسيُطال هو والكثيرون من حوله من أعلى سلطة كروية في العالم.

إذاً، يتبين أن أميركا لا تتوانى عن استخدام قوتها للضغط على الأشخاص والهيئات وحتى الدول، فالمغرب الآن في مرمى أميركا التي بلا شك من حركت هذه الأخبار في وقت حرج جداً وهو اقتراب زيارة وفد دولي من الفيفا لتفقد ومعاينة الملف المغربي عن قرب، وكذلك اقتراب موعد الإعلان عن محتضن مونديال 2026. أميركا وحسب رأيي، تحاول ابتزاز المغرب أو الضغط عليه في بعض الأمور السياسية والاقتصادية، محاولة توجيه سياسته في أفريقيا التي أصبحت مقاطعة صينية بفعل الاستثمارات الضخمة جداً للصين، وكذلك ضبط التوجه المغربي نحو روسيا والصين الذي عرف في الآونة الأخيرة تطوراً ملموساً، وهذا ما قلناه سابقاً، أن قوى كبرى مثل الصين أصبحت في أعين الكثير من المهتمين هي القوة العالمية الأولى بعد أربعين سنة من الآن.

لا شك في أن القوانين الجديدة للفيفا والتي اعتمدتها عقب فضائح الفساد الأخيرة، من إعطاء الحق في التصويت على البلد المنظم المونديال لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الدولي، عوض اقتصار الأمر على أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا فقط، فتحت المجال للمغرب الذي تحرك بشكل جيد واستمال الكثير من الاتحادات لمصلحته وخصوصاً في أفريقيا للفوز بتنظيم المونديال.

لكن في المقابل، تم تضمين مسطرة الترشح لشرط حصول أي بلد مترشح على 104 أصوات، فإذا كانت هناك نسبة من الممتنعين عن التصويت، وحصل المغرب مثلاً على 100 صوت وحل في المركز الأول خلال التصويت، فإنه لن ينظم البطولة، وستتأجل العملية مع إعادة فتح الباب أمام بلدان من آسيا وأوروبا.

يتضح جلياً أن المغرب في مرمى أميركا بوضوح، إما الرضوخ للتوجيهات بخصوص السياسة المغربية في أفريقيا والكثير من القضايا الإقليمية الحساسة، وإما عرقلة تنظيم المونديال الذي بلا شك سيقلب المغرب أرضاً على عقب من خلال تنفيذ المخطط المونديالي الذي تبلغ قيمته أزيد من 12 مليار دولار في حال فاز بتنظيمه، شخصياً، ما دام المغرب أحد الحلفاء الإستراتيجيين لأميركا، فلا أعتقد أن المغرب سيدخر جهداً في تطبيق التعليمات الأميركية إرضاء لأميركا أولاً، وتحقيق حلم راوده لعشرين سنة مضت.

المغرب سيفوز بتنظيم المونديال، في حال سارت الأمور كما أرادتها أميركا.