خدعة أم هدنة؟

خدعة أم هدنة؟

26 فبراير 2016
+ الخط -
دخلت الأزمة السورية، منعطفاً جديداً ونوعياً مع التكتيكات الأخيرة التي طرأت في مواقف أطراف دولية عديدة مؤثرة في مسار المعالجات والمقترحات التي تَمَ ويَتِمُ تقديمها من مُختلف الأطراف الفاعلة على مسرح الأحداث، حيث تتسارع الأحداث المتصلة بالأزمة السورية، وعنوانها تعزيز روسيا وجودها العسكري في سورية، فقد بات واضحاً بروز الدور الروسي المؤثر بشكل ملحوظ قياسياً لحجمه وفاعليته.
من شأن التدخل الروسي المباشر في سورية أن ينقل الصراع الدائر هناك إلى مرحلة أشدَّ تعقيداً بعملية خلط للأوراق، تريد من خلالها موسكو فرض ميزان قوى جديد على الأرض، يقود إلى تسوية سياسية، تنسجم مع القراءة الروسية لبيان "جنيف1". وفي الوقت عينه، قد يشكِّل التدخل تحولاً مفصلياً في السياسات الخارجية الروسية خارج نطاق حزام دول الاتحاد السوفييتي السابق.
جاء التدخل الروسي بهدف ظاهريّ، هو محاربة "داعش"، إلا أنّ الغارات الروسية التي نفذت حتى هذه اللحظة لم توجّه ضد "داعش"، لكنّها وجّهت ضد مواقع الجيش الحر وبعض الفصائل الإسلامية الأخرى، وفي مناطق لا توجد فيها "داعش"، وهذا يؤكد زيف ادعاءات المسؤولين الروس وكذبهم، حول غايات تلك الغارات وأهدافها، خصوصاً وأنّ المسؤولين الروس أكدوا أنّه تمّ انتقاء الأهداف، بالتنسيق مع الحكومة السورية.
كتب أحد منظري مؤسسة (راند) الأميركية منذ أكثر من نصف قرن: "إن أهدافنا ليست مناقضة لأهداف عدوِّنا"، وما نراه اليوم من تدخل روسي في سورية هو تحقيق لأهداف أميركية بعضلات روسية، فالأميركيون، بما ورِثوه من خبرات الاستعمار الأوربي للمنطقة، وباطِّلاعهم على دواخلها، أوعى من الروس باللعبة الاستراتيجية في سورية، وليس سراً أنَّ الأميركيين مسرورون بالتدخل الروسي، ويرونه فرصة للكفكفة من عنجهية بوتين.
وقد عبر توماس فريدمان، في مقال له في صحيفة نيويورك تايمز في (30/09/2015) عن الإنتهازية الأميركية في التعامل مع مغامرة بوتين في سورية، فقال: "إنّ بوتين سيواجه غضب العالم الإسلامي بأسره، بما فيه المسلمين الروس.. إنَّ تسرّع بوتين المتورط في سورية ربّما هو الذي سيرغمه، في النهاية، على البحث عن حلّ سياسي هناك".
يكثر الحديث، في هذه الأوقات، عن الهدنة، المزمع إقامتها على الأراضي السورية، والتي تدعو إلى وقف الأعمال القتالية بين الأطراف المتقاتلة، في أسلوب جديد تنتهجه القوى العالمية لتسهيل ولادة حلّ سياسي، ينهي الأزمة ويوقف نزيف الدماء التي تُراق منذ خمس سنوات، حيث صدر بيان مشترك من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية، بصفتهما الرئيسين المشاركين للمجموعة الدولية لدعم سورية، حول الهدنة (أو وقف الأعمال العدائية) في سورية، والتي ستبدأ اعتباراً من 27 فبراير/ شباط الجاري، وتستثني (الهدنة) تنظيم داعش وجبهة النصرة. وهذا الإستثناء خدعةٌ روسية جديدة، يقول أحدُ السوريين المعارضين، فإذا كان التدخل الروسي جاء بذريعة داعش التي لم تنل 1% من قصف الطائرات الروسية، والهدنة الآن تستثنيها من توقف القصف عليها، فكيف سيكون وضع الهدنة؟ يتساءل السوريون.
C741516E-C8ED-4D4F-BB6F-58114ABA9CAD
C741516E-C8ED-4D4F-BB6F-58114ABA9CAD
أيهم أبا زيد (سورية)
أيهم أبا زيد (سورية)