حلويات رمضان في البيوت التونسية

حلويات رمضان في البيوت التونسية

07 مايو 2020
حلويات منزلية (العربي الجديد)
+ الخط -

لا تغيب "الغريبة" و"المقروض" و"الزلابية" وغيرها من الحلويات التقليدية في تونس عن أي مائدة إفطار أو سحور. ويجد عشرات الشباب العاطلين من العمل في صناعتها فرصة جيدة خلال شهر رمضان نتيجة الإقبال الكبير عليها.

تعدّ الحلويات الشعبية جزءاً من مائدة رمضان، وقد ارتبط شهر الصيام بأنواع مختلفة من الحلويات الشعبية الشهيرة في مناطق تونسيّة عدة. لكنّها غابت اليوم عن المحال الأشهر في العديد من الجهات، ولم تعد موجودة على طاولة التونسيين بسبب الحجر الصحي الشامل وإغلاق كلّ محال صنع الحلويات منذ شهر تقريباً.

عادة لا تغيب "الغريبة" و"المقروض" و"الزلابية" وغيرها من الحلويات التقليدية في تونس عن أي مائدة إفطار أو سحور. ويجد عشرات الشباب العاطلين من العمل في صناعتها فرصة جيدة خلال شهر رمضان نتيجة الإقبال الكبير عليها. وغالباً ما تعمد محال الوجبات السريعة والمطاعم التي تتوقف عن العمل خلال شهر رمضان إلى صنع الحلويات وبيعها حتى لا يفقد العاملون فيها مورد رزقهم. وتشهد المحال في غالبية الشوارع الرئيسية في كلّ المدن تحولاً كبيراً خلال شهر رمضان، ويتنافس أصحاب تلك المحال على صناعة أجود أنواع الحلويات التقليدية. لكن اليوم، وبسبب الحجر الصحي ومنع بيع الحلويات في الشوارع والمحلات، لم يسمح لأصحاب تلك المحلات بالعمل خلال شهر رمضان، ما خلق فرصة للعديد من النساء العاطلات من العمل لإعداد غالبية أنواع الحلويات الشهيرة في بيوتهنّ، وبيعها مباشرة إلى العائلات التونسية.



وباتت بعض مطابخ التونسيات مخصصة لصنع الحلويات الشعبية التونسية بمختلف أنواعها، خصوصاً تلك التي تشهد إقبالاً كبيراً خلال شهر الصيام، وبيعها للجيران وأهل الحي، أو تسويقها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتوفير بعض المداخيل.

كانت مفيدة بوراوي عاملة نظافة في مكاتب عدة على مدى خمس سنوات. لكن في ظل الحجر الصحي وتوقف عملها، بدأت بإعداد الحلويات في مطبخها قبل حلول شهر رمضان لتوفير بعض المداخيل لعائلتها، لا سيما وأنّها تلقت تدريباً في صناعة أشهر الحلويات التونسية لمدّة شهرين. ومع حلول شهر رمضان، قررت البدء في إعداد الزلابية والمقروض. ولأنها لم تكن تتقنها، شاهدت فيديوهات تشرح طريقة صنعها.



والأمر الإيجابي بالنسبة إليها أنّ إعداد هذه الحلويات ليس مكلفاً، إذ تحتاج فقط إلى الدقيق والسكر والزيت النباتي، ويقبل التونسيون على تناولهما. وتؤكد مفيدة أن إعداد بعض الحلويات غير مكلف كما أن مكوناتها موجودة في مطابخ غالبية العائلات التونسية. تعلمت الكثير من والدتها وخلال التدريب إضافة إلى مشاهدة الوصفات على التلفاز.

تبيع بوراوي ما تصنعه إلى جيرانها والعائلات في الأحياء القريبة منها نظراً لصعوبة التنقل إلى مسافات بعيدة داخل المدينة، وتحصل على تحو عشرة دولارات يومياً. وتقول إنه مبلغ كاف بالنسبة إليها لتوفير احتياجات عائلتها. من جهتها، تقول صفية حافظي، التي باتت تصنع الحلويات في منزلها منذ بداية شهر رمضان، إنّها تعد أنواعاً مختلفة من الحلويات التقليدية بحسب المواد المتوفرة في محال المواد الغذائية القريبة من محلّ سكنها. يومياً، تعدّ كميات بسيطة من تلك الحلويات لتضمن بيعها إلى أقربائها وجيرانها وبعض العائلات القريبة من محلّ سكنها، ويساعدها زوجها الذي يعمل في معمل خياطة. وتشير إلى أنها تحصل على نحو 20 دولاراً يومياً، وإن كان تأمين بعض المواد الأولوية كالدقيق والسكر ليس بالأمر السهل.



بدورها، حوّلت كريمة مطبخها إلى محلّ صغير لصناعة الحلويات وأحياناً الخبز. تقول إنّها كانت تعمل مدبّرة منزل لكن تمّ التخلي عنها منذ انتشار فيروس كورونا الجديد في ظل الأزمة المالية التي باتت تواجهها معظم العائلات التونسية. لجأت إلى صناعة الحلويات بمساعدة بناتها وبيع منتجاتها لسكان مدينتها والأحياء المجاورة. كما عملت على ترويج بضاعتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي للوصول إلى أكبر عدد من الناس بعد منع التجوال وفرض إغلاق المحال. اليوم، تتلقى الطلبات عبر الهاتف، ويساعدها زوجها في إيصال ما تبيعه لأنّه حاصل على إذن بالتنقل بسبب عمله.

وعرفت تونس المشاريع النسائية لصنع الحلويات منذ أكثر من مائة عام، من أجل تأمين دخل للنساء في مختلف الجهات، علماً أن جزءاً كبيراً من المجتمع التونسي كان يرفض عمل المرأة خارج البيت. كما ارتبطت صناعة الحلويات بالنساء قبل أن يتقنها الرجال أيضاً. لذلك، فإنّ غالبية النساء يتقنّ صناعة العديد من الحلويات التقليدية التي يتوارثنها جيلاً بعد جيل. تصنع النساء في الأيام العادية الحلويات للاستهلاك اليومي فقط، فيما تجد أخريات في صناعة الحلويات مورداً للرزق خصوصاً خلال فصل الصيف، بسبب حفلات الأعراس والمناسبات الأخرى.