حرية التعبير بين الحق والقانون

حرية التعبير بين الحق والقانون

09 فبراير 2015
يعتبر التونسيون حرية التعبير أهم مكتسب للثورة (ياسين غيدي/الأناضول)
+ الخط -

أثار قرار الهيئة العليا للسمعي البصري التونسية غلق مجموعة من القنوات الإذاعية والتلفزيونية، جدلاً سياسياً وقانونياً كبيراً خلال الأيام الأخيرة في تونس. جدل دفع العاملين في بعض هذه القنوات وأطيافاً من المجتمع المدني والإعلامي إلى التظاهر أمام مقر مجلس نواب الشعب، احتماءً بالمؤسسة التي أصدرت دستور حماية الحريات، وخصوصاً حرية التعبير، التي يعتبرها التونسيون أهم مكتسباتهم، ويراها آخرون مكسب الثورة الوحيد إلى حد الآن.

ولئن تبرر الهيئة قرارها بالتمسك بالقانون ووضع حد للفوضى التي عرفها القطاع وضرورة حصول هذه القنوات على رخص قانونية تمكّنها من العمل بصورة طبيعية، فإن الجدل تجاوز المسألة القانونية إلى تأويلاتها السياسية. وأصدرت مجموعة من المنظمات بياناً نددت فيه بموقف حركة النهضة الداعم لهذه القنوات واعتبرته تدخلاً سياسياً في شؤون هيئة دستورية. وهو ما أخرج الجدل من دائرته القانونية إلى ساحة سياسية بامتياز. غير أن أحد الأصوات المعروفة بخلافها مع النهضة ومع الإسلاميين عموماً، وهو الطاهر بن حسين، الذي يعدّ من مؤسسي "نداء تونس"، وجّه سهام نقده إلى الهيئة خلال تظاهرة نظمتها قناة "الزيتونة"، المتّهمَة سراً بأنها قناة النهضة، متحدٍّ إياها بأنه سينشئ قناة جديدة ومن دون ترخيص من الهيئة، ومتهماً إياهاً بأنها تضرب حرية التعبير وتعدّده، وهو أمر غير مقبول بعد الثورة.
ولئن استجابت بعض القنوات لقرار الهيئة وأوقفت بثها على غرار قناة "الجنوبية"، فإن قنوات تستبسل في الدفاع عمّا تعتبره حقاً مقدساً كفلته الثورة وحماه الدستور، ولا بد من صيانته حتى لا يسقط الجدار الحامي للثورة وإن كان باسم القانون. ولا يفهم كثيرون لمَ لا تمنح الهيئة رخصاً لهذه القنوات التي يختلف خطها التحريري وخلفياتها السياسية وتمكّنها من العمل بصفة قانونية، حماية لحرية التعبير من جهة، وصيانة حقوق العاملين فيها من جهة أخرى. ولا ندري لمَ لا يتحوّل هذا الجدل السياسي أحياناً إلى حوار مباشر بين الجميع يضمن القانون ويحافظ على الحريات.

المساهمون