جدل العدالة الانتقالية يعود من جديد في تونس

جدل العدالة الانتقالية يعود من جديد في تونس

05 يونيو 2015
جدل جديد حول مسار العدالة الانتقالية بتونس (Getty)
+ الخط -

لا يزال مسار العدالة الانتقالية في تونس يثير جدلاً واسعاً، خصوصاً بعد المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية، الباجي القائد السبسي، حول ضرورة إجراء مصالحة وطنية، ولا تزال أعمال "هيئة الحقيقة والكرامة"، التي تترأسها الحقوقية سهام بن سدرين، تواجه انتقادات حادة منذ إنشائها قبل عام، من طرف عددٍ من مكونات المجتمع المدني والخبراء.

وبدأ الجدل منذ إعداد قانون العدالة الانتقالية والمصادقة عليه، من قبل "المجلس الوطني التأسيسي" نهاية العام 2013، وتواصل مع اختيار تركيبة "الهيئة" التي أثارت الرأي العام حينذاك، على خلفية الشبهات التي رافقت عدداً من أعضائها، وعلى رأسهم رئيسة الهيئة.

في المقابل، تتعالى الأصوات من وقتٍ إلى آخر، حول ضرورة إنقاذ مسار العدالة الانتقالية من الانهيار.

وفي هذا السياق، اعتبر رئيس "التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية"، عمر الصفراوي، في تصريحٍ لـ"العربي الجديد"، أنّه "من حقنا ومن واجبنا بعد مرور أكثر من أربع سنوات على اندلاع الثورة، أن نتساءل هل منظومة العدالة الانتقالية الحالية قادرة على إنصاف ضحايا الانتهاكات، وهل العدالة الانتقالية سائرة في مسارها الصحيح ...؟".

هذه التساؤلات كان قد أجاب عنها الصفراوي وغيره من الحقوقيين في عدة مناسبات وتصريحات سابقة، ليعيد طرحها من جديد في ندوة علمية نظمتها التنسيقية بالتعاون مع "المعهد العربي لحقوق الإنسان"، وافتتحها وزير العدل التونسي، محمد صالح بن عيسى، وحملت عنواناً "من أجل إنقاذ مسار العدالة الانتقالية".

وشدد الخبراء، الذين تحدث إليهم "العربي الجديد"، على أن مسار العدالة الانتقالية يجب أن يبدأ أولاً بمراجعة قانون العدالة الانتقالية وتنقيحه، وثانياً بإعادة النظر في تركيبة "هيئة الحقيقة والكرامة".

وأكد الصفراوي، على أنّه "لتجنب التأثيرات السياسية على كيفية إعادة الاختيار أعضاء الهيئة، أقترح أن تكون لجنة الفرز خارج مجلس نواب الشعب، وتكون متكونة من الرباعي الراعي للحوار الوطني، ومن الأستاذ العميد عياض بن عاشور، الذي كان موفّقا في اختيار هيئة الانتخابات الأولى، وعمداء كليات أو جامعات ورؤساء هيئات وطنية حسب الاختصاصات المطلوب توافرها".

وفيما يخص مبادرة المصالحة التي طرحها السبسي قال الصفراوي، إن "الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها بلادنا تُبرر إعطاء أولوية لفضّ النزاعات المتعلّقة بملفات الفساد المالي في آجال وجيزة، وتطبيق إجراءات مُبسطة للتوصّل إلى مُصالحة مع المتورطين في ارتكاب هذه الجرائم عبر آلية التحكيم لكن في إطار العدالة الانتقالية". 

من جهته، اعتبر وزير العدل التونسي أن "العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية التي تُصنف في صميم العدالة وجوهرها، تعدّ الحلقة الأخيرة من المسار وفق تجارب المقارنة، وبالتالي أتساءل هل في ظلّ ماهو متوفر من أدوات  قانونية وسياسية حالية نحتاج إلى نص جديد لتحقيق هذه المصالحة؟".

وأضاف بن عيسى أن "النص القانوني الحالي المنظم لمسار العدالة الانتقالية من خلال فصله 45 يُعدّ الفصل الأمثل لتحقيق المصالحة الوطنية".

بدوره، اعتبر رئيس "المعهد العربي لحقوق الإنسان"، عبد الباسط بن حسن، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن "عودة السؤال حول مصير العدالة الانتقالية لا تعود فقط إلى النقائص التي تضمنها القانون، ولا إلى الجدل الحاصل حول تركيبة هيئة الحقيقة والكرامة فحسب، وإنما أيضا إلى مدى الوعي والإدراك بضرورة أن يكون هذا المسار ضمن الديناميكية السياسية والاقتصادية والاجتماعية".

كما اعتبر أن "السؤال الواجب طرحه هو حول منهجية العدالة الانتقالية ومشروعيتها وشرعيتها، حتى تكون جزءاً من مشروع إصلاحي مجتمعي... لأنّ ما نعيشه هو إضاعة للوقت وفوضى، وبالتالي يجب التحلي بالشجاعة واتخاذ القرارات، في ما يُرى أنه يجب إعادة النظر فيه".

كذلك شدّد بن حسن على ضرورة "العمل على إعادة الثقة في مسار العدالة الانتقالية، وترسيخ العمل المعرفي لها، من خلال رؤية مجتمعية وتاريخية واقتصادية، واعتبارها جزءاً من المصلحة الوطنية..".

اقرأ أيضاً نواب من المجلس التأسيسي السابق بتونس يبحثون عن "الاعتبار"
اقرأ أيضاً تونس: فصل جديد من الصراع مع القضاء