تونس: المستقلون نحو ملء الفراغ في الانتخابات التشريعية
بعد ما كشفته الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية التونسية في 15 سبتمبر/أيلول الماضي التي وضعت شخصاً مستقلاً من دون ماضٍ سياسي في طليعة السباق، توفّر الانتخابات التشريعية، المقررة في 6 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، فضاءً مناسباً لتحتل ما يعرف بالقوائم "المستقلة" مكاناً بارزاً قد يؤثر على الأحزاب ويضاعف من محنتها ويقلص من حضورها داخل البرلمان. عندما خاض التونسيون مباشرة بعد الثورة تجربة المجلس الوطني التأسيسي، انخرط عدد كبير من المستقلين في تلك الانتخابات، لكن الأحزاب هي التي ظفرت بمعظم المقاعد. وكانت تلك النتائج مفهومة وطبيعية، لأن الأحزاب تعتبر الأقدر على التعبئة والإنفاق وتقدّم الصفوف، تحديداً تلك التي تعرّض أنصارها في عهد النظام السابق للاضطهاد والملاحقة. لاحقاً، بدأ يتغير المشهد تدريجياً حين مارست هذه الأحزاب الحكم وتحملت المسؤولية الفعلية، فجاء الحصاد ضعيفاً. وهو ما أدى إلى تفتت كل من حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي أسسه منصف المرزوقي، وحزب التكتل من أجل العمل والحريات الذي تولى رئيسه مصطفى بن جعفر رئاسة المجلس التأسيسي، وخسرت النهضة الموقع الأول في الانتخابات.
على الرغم من ذلك، إلا أنه من السابق لأوانه القول إن الأحزاب مهددة بالانقراض في تونس رغم ضعفها وتراجعها، إذ ليس مستبعداً أن تنطلق بعد إعلان النتائج مبادرات حزبية وائتلافية عدة تهدف إلى تصحيح المسارات الحزبية، وتشكيل أحزاب جديدة لا تكرر أخطاء المرحلة الماضية، وتفتح المجال أمام قيادات جديدة وشابة تكون مختلفة في خطابها وأدواتها ومشاريعها السياسية، لأن المستقلين هم ظاهرة عابرة تبرز خلال الأزمات، رغم أهميتهم في حماية الفضاء العام، وفي تعزيز أدوار المجتمع المدني.