تفاقم أزمة البطالة في عُمان

تفاقم أزمة البطالة في عُمان

19 مايو 2015
شباب عُماني يتسابق لتقديم طلبات عمل (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

تفاقمت أزمة البطالة في سلطنة عُمان ولاسيما بين الشباب، رغم المساعي الحكومية لتوفير فرص عمالة في مختلف القطاعات، عبر حزمة إجراءات، منها تحديد نسبة تعمين (تعيين عُمانيين) للمؤسسات في القطاع الخاص بنحو 60% لمنح تراخيص العمل خلال مرحلة التأسيس، وإطلاق برامج قروض ميسرة لتنفيذ مشاريع صغيرة ومتوسطة.

كما حددت الحكومة حصة سنوية من الوظائف في القطاعات الحكومية لاستيعاب الخريجين من الجامعات والكليات التقنية.

ودفع تفاقم البطالة في البلاد إلى شنّ أعضاء في مجلس الشورى هجوماً حاداً ضد سياسات

وزارة القوى العاملة، الشهر الماضي أثناء جلسات عقدت تحت قبة البرلمان، حيث اتهموها بعدم الجدية في توفير فرص عمل للشباب داخل القطاع الخاص على وجه التحديد وفقاً لمقررات الخطة الخمسية الثامنة (2011/ 2015) لغياب الحوافز الكافية.

أرقام وهمية

وأشار الأعضاء بمجلس الشورى إلى تقديم الحكومة لأرقام وهمية بشأن الحاصلين على فرص عمل من المواطنين، في مقابل احتضان البلاد لنحو 500 ألف عامل وافد خلال الأربع سنوات الماضية، في مختلف المشاريع التنموية، إلى جانب عدم تمكين المواطن العماني من العمل في المواقع الوظيفية العليا ومنحه الثقة الكافية لتقلد هذه الوظائف.

وتسجل البطالة في عمان على أعلى المعدلات في محيط دول مجلس التعاون الخليجي، حيث بلغت عام 2014، نحو 8%، في حين ترتفع في أوساط الشباب إلى 20%، وفقاً لتقرير أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي.

وكانت انتفاضة شبابية للباحثين عن العمل طالت المشهد الداخلي في عام 2011، متزامنة مع ثورات الربيع العربي، دفعت الحكومة لاتخاذ تدابير حاسمة لمكافحة البطالة وتوفير فرص عمل وجعلت هذا الملف في سلم الأولويات استجابة لتوجيهات عليا.

وفي هذا الإطار يقول عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى العماني، توفيق اللواتيا، لـ "العربي الجديد"، إن هناك خللاً حقيقياً في التعامل مع مخرجات مؤسسات التعليم العام والتقني في البلاد، ففي الوقت الذي كانت الخطط تتحدث عن توظيف 275 ألف مواطن خلال الخطة الخمسية التي تنتهي العام الجاري، إلا أن القوى العاملة لم تنجح سوى في توظيف 207 الف مواطن فقط، غالبيتهم في القطاع الحكومي، في مقابل استقبال سوق العمل لنحو 120 ألف عامل وافد سنوياً من الخارج.

انتفاضة الشباب العاطل

وحسب عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى العماني، توفيق اللواتيا، فإن هناك فجوة من قبل الشباب في التوجه للقطاع الخاص تستوجب سدها من خلال تحديد الحد الأدنى للأجور ومعالجة مشكلة غياب الترقي الوظيفي، ومراجعة ظروف ودواعي البيئة غير الجاذبة بالنسبة للمواطن العماني في هذا القطاع الحيوي.
 
ودعا اللواتيا، الجهات المختصة إلى سرعة القيام بعمليات إحلال العمالة الوافدة بالأيدي العاملة

العمانية في المواقع الوظيفية العليا والمتوسطة، ومراجعة برامج مخرجات التعليم الفني والتقني ودراسة أسباب عدم مشاركتهم الفاعلة في تلبية متطلبات السوق المحلية.

اقرأ أيضاً: العمانيون مستاؤون من رفع التجار للأسعار

وكانت إحصائيات غير رسمية، أشارت إلى وجود 143 ألف طلب مسجل من المواطنين لدى سجلات القوى العاملة للباحثين عن العمل، لكن وزير القوى العاملة، عبدالله بن ناصر البكري، أشار في تصريحات سابقة إلى أن الباحثين عن عمل حتى نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، 2015 بلغوا 124 ألفاً فقط وفق الكشوفات الداخلية الرسمية.

غياب حوافز بالقطاع الخاص

ويعاني القطاع الخاص العماني من غياب البريق الكافي لاستمرار المواطن فيه، في ظل ضعف الحافز التشجيعي، وعدم ربط غالبية المخرجات التعليمية بسوق العمل في القطاع الخاص، مقارنة بحوافز أفضل في القطاع الحكومي، خصوصاً بعد قرار توحيد الرواتب الذي تم تنفيذه مطلع العام 2014 وأدى الى زيادة في المرتبات وصلت إلى الضعف في بعض الدرجات الوظيفية.

وبحسب الباحث الاقتصادي في جامعة السلطان قابوس، إسحاق الشرياني، لـ "العربي الجديد"، فإن القطاع الخاص العماني يعاني بالفعل من غياب الحافز المشجع للالتحاق به علاوة على وجود الوافد الذي يمنع المواطن من فرص الترقي الوظيفي، وسلبية بيئة العمل، معتبراً أن الأمر يستدعي وجود دراسة متعمقة من الحكومة حول أسباب ابتعاد الشباب الخريجين عن قبول الفرص المتاحة في المؤسسات الخاصة مع ضرورة وضع برامج مشتركة لحل هذه الإشكالية.

ويرى الشرياني، أن روح الإقدام في اقتحام مجال المشاريع الخاصة تكاد تكون منعدمة لدى الكثير من الشباب، فالغالبية يرغبون في الحصول على وظيفة حكومية من منطلق الاهتمام بالحصول على الراتب فحسب، دون النظر للجوانب الأخرى المتعلقة بريادة الأعمال والتفكير بتأسيس المشاريع الذاتية الصغيرة والمتوسطة، والاهتمام بالمجال الفني والتقني الذي يساعد في الحصول على الفرص بصورة أسرع مما هو عليه حال انتظار قوائم الخدمة المدنية.

وساعدت أوامر أصدرها السلطان قابوس في عام 2011 بسرعة توفير فرص عمل لنحو 50 ألف مواطن، في الحد من حركة شبابية غاضبة آنذاك، وتم استيعاب هذا العدد بالفعل في قوائم الخدمة المدنية والقوى العاملة، لكن الحكومة لم تقدم فرصاً للباحثين عن العمل بنفس هذا العدد في السنوات اللاحقة، في نفس الوقت قدمت فرصاً كبيرة للوافدين، حسب خبراء.

ويرى مسؤولون بالحكومة، أن برنامج التنمية للبلاد يقوم في الوقت الراهن على تنفيذ مشاريع

حيوية عملاقة ولا سيما في النفط والغاز الذي يمثل أهم موارد دخل عمان ما يدفع الى حاجة ملحة لاستيعاب أعداد كبيرة للعمال الوافدين من الخارج.

ووفقاً لإحصائيات رسمية، ارتفع عدد العاملين الوافدين في عمان بنهاية شهر فبراير/شباط الماضي بأسرع وتيرة في 11 شهراً، نتيجة لزيادة عدد الوافدين من الذكور، غالبيتهم من الجنسية الهندية.

وأكثر من ثلاثة أرباع الوافدين للسلطنة جاءوا للعمل في القطاع الخاص، وسجلت العمالة الوافدة زيادة بنسبة 3.2 %، على أساس سنوي لتصل إلى 1.58 مليون عامل بنهاية فبراير/شباط الماضي، مقارنة مع 1.53 مليون عامل في الفترة نفسها من العام السابق.
 
ولاقت هذه الأعداد المتصاعدة سخط ممثلي المواطنين في مجلس الشورى، معتبرين أنها تكشف وجود فشل في قرارات اتخذت لتقليص هذه الأعداد العام الماضي، حيث أعلنت القوى العاملة رغبتها في تخفيض عدد العمال الوافدين من 39% من إجمالي عدد السكان بحسب إحصائيات 2014 إلى 33 % خلال العام الجاري من خلال إيقاف منح التراخيص لمدة 6 أشهر في مجال البناء والإنشاءات، على أن يكون هذا القرار قابلاً للتمديد لـ6 أشهر أخرى.

اقرأ أيضاً: عُمان تدرس خفض الإنفاق ورفع الضرائب لمواجهة تهاوي النفط
            الغش التجاري يتراجع في عُمان

المساهمون