بطل من ورق

بطل من ورق

27 ابريل 2014

شارع في بنغازي (17 نوفمبر 2013 أ.ف.ب)

+ الخط -
بدأت تسريباتٌ صحفية، نقلاً عن مصادر عسكرية مجهلّة، تتحدث عن غزوٍ مصريٍ وشيكٍ لبنغازي في ليبيا، بالتزامن مع حديثٍ، عما أُطلق عليه "الجيش المصري الحر" في شرق ليبيا.  وأخذ بعضهم يهلل منتشياً، ومزهواً بالجيش المصري الذي يستغل اسمه بعضهم، في بيع أوهام للبسطاء، لإيجاد بطولةٍ زائفةٍ تارة، أو لتبرير عمليات تخطيطٍ لقرصنةٍ وسرقة موارد من دولة عربية شقيقة، تارة أخرى.
لا تخفى على أحد أزمة الطاقة التي تمر بها مصر، وتكاد تودي بمستقبل عبد الفتاح السيسي، ومن ورائه من مجاميع الثورة المضادة، وخواء خزينة الدولة من الأموال اللازمة، لشراء ما يلزم من محروقات، واضطراب مواقف بعض داعمي الانقلاب، الخليجيين خصوصاً، بعد أزمة سحب السفراء الثلاثة من الدوحة، وما تلاها من اتفاق وتفاهم في الرياض، أوجب نوعاً من التعامل الحذر في ما يخص مصر، خشية التهاب الأوضاع الدبلوماسية، مرة أخرى، داخل البيت الخليجي. وعلى مرمى حجر من الحدود المصرية، يوجد ساحل شرق ليبيا الغني بالنفط، وفي ظل غياب حقيقيٍّ لكل مؤسسات الدولة في ليبيا، بعد ثورة 17 فبراير/ شباط 2011، والتي أطاحت معمر القذافي، بدأ لعاب جنرالات البيزنس الانقلابيين، في مصر، يسيل طمعاً في الوجبة النفطية الليبية الدسمة.
إذن، يظن جنرالات البيزنس الذين لم يخوضوا الحرب يوماً، ووزّعوا على أنفسهم الرتب العسكرية العليا، أن الاستيلاء على شرق ليبيا الغني بالنفط محض نزهة، وتغافلوا عن حقيقة أن ليبيا وتونس تتعامل معهما الجزائر باعتبارهما مناطق نفوذ، وأن الجزائر لن تسمح بوجودٍ مصريٍّ عسكريٍّ في الباحة الشرقية للمغرب العربي، خصوصاً بعد فوز عبد العزيز بوتفليقة بالرئاسة، مرشح المجلس العسكري المتحكم في الجزائر.
ولعل تدخل الجزائر الفوري، وضغطها، لإقالة علي زيدان من رئاسة الحكومة الليبية، بعد قبوله المبدئي اقتراح المشير عبد الفتاح السيسي (آخر مشير في أوروبا مونتغمري هازم الألمان، وواضع أوزار الحرب العالمية الثانية) بوجود قوة تدخل عربية، قوامها عشرة آلاف جندي، منهم سبعة آلاف مصريين، دليل على ضآلة نسب قبول الجزائر بتدخلٍ مصري في ليبيا، تحت أي ذريعة.
بالطبع، لن يحبذ جنرالات البيزنس أن تتوتر الأوضاع مع الجزائر، في جبهةٍ غربية، خصوصاً بعد لطمة المصالحة الفلسطينية على الجبهة الشرقية، وكانت سبباً رئيسياً في إنجازها محاولات فرض محمد دحلان نائباً لمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، فلجأ الأخير لحركة حماس مرة أخرى، فعدو سياسيٌّ عاقلٌ خيرٌ من حليف جاهل.
والآن، يبدو المشهد عبثياً في مصر التي كانت ترسل بعثاتٍ تعليميةً وطبيةً لمساعدة الأشقاء، في زمنٍ ليس بعيداً، وباتت في عهد جنرالات البيزنس تخطط لإرسال حملات قرصنة. وصارت إسرائيل حليفاً والجزائر عدواً محتملاً.
وبكرة تشوفوا مصر.
51BD73CF-6742-4D3D-84E5-51D97F7FC82F
إسلام لطفي

كاتب وإعلامي مصري