الثوار يدخلون الجنّة

الثوار يدخلون الجنّة

29 يونيو 2014

مئذنة مسجد في مصر

+ الخط -

عزيزي الثائر: كل عام وأنت بخير، لمناسبة شهر رمضان المعظّم. ها هو يقبل عليك حاملاً، كعادته، فرصة ثمينة، فلا تهدرها، كما اعتدت، واعتدنا أن نهدر كل الفرص السابقة. إنه شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وهو ما يمنحك ويمنحني ويمنحنا جميعاً فرصاً استثنائية للفوز بجنّة السماء، بعدما حال الطغاة والفَسَدَة، مؤقتاً، بيننا وبين صنع سعادتنا على الأرض.

 لا يهم إن كنت لائكياً أم سلفياً

صدقني، الفرصة تستحق أن تستغل رمضان، لكي تتوب إلى الله، وتضرع إليه، أن يدخلك الجنة، فللموضوع فوائد عدة، بالإضافة إلى نعيم الجنة المقيم، ومن أهم تلك الفوائد أنك في الجنة حتماً لن تلتقي بمَن أفسدوا عليك دنياك، فأورثوك ماضياً تافهاً وحاضراً بائساً، ومستقبلاً مظلماً.

لن تلتقي في الجنة بمَن تحالفوا مع الصهاينة، وشيطنوا المقاومة، واعتبروا إلقاء الحجارة إرهاباً، وحيازة السلاح النووي تدبيراً احترازياً لازماً لمواجهتها.

لن تلتقي في الجنة بمَن أطلق النار على المعارضين السياسيين السلميين، ولم يتورع أن يقتل شعبه بالأسلحة الكيماوية، في حين أنه جبن أربعين عاماً عن أن يطلق رصاصة على المحتل.

لن تلتقي في الجنة بمَن تاجروا بقوت الجوعى، وضاربوا على أسعار أدوية المرضى.

لن تلتقي في الجنة بمَن وضعوا الفوائد الباهظة على قروض الشباب، ومنحوا رجال الأعمال، والقطط السمان والحيتان، قروضاً من دون فوائد، أو ضماناتٍ، ليزداد الغنيُّ غنىً، والفقير فقراً.

لن تلتقي في الجنة بمورّدي الدم الفاسد والمبيدات المسرطنة، ولا بتجار النفايات السامة يزرعونها في أرضنا.

لن تلتقي في الجنة بقائد مجنونٍ، وجد أن توجيه "دانات" المدافع نحو شعبه في الداخل أقل ثمناً وفداحةً من توجيهها إلى الخارج، فخاض وولغ في دماء الألوف.

لن تلتقي في الجنة بشيخٍ مأفونٍ، برّر القتل والسحل والحرق، وأفتى بأن قتل بعض أبناء الوطن بعضاً آخر، قربى إلى الله، وإنه طوبى لمَن قتلهم وقتلوه.

لن تلتقي في الجنة بمناضلي حقوق إنسان ممّن أعلنوا، في بهو وزارة الداخلية، أن عمليات القتل تمت وفقاً للمعايير والاشتراطات الدولية.

لن تجد في الجنة شيوخاً ممّن قرروا إمّا أن يفوزوا بكل شيء، أو لن يفوز أي أحد بأي شيء.

لن تجد في الجنة ليبراليين يحاربون ملصق: هل صلّيتَ على النبيّ، ويهلّلون لقرار إضافة درجات التربية الدينية إلى نتيجة آخر العام.

لن تجد في الجنة يساريين يباركون قمع الدولة اعتصامات العمال وإدانة مطالبهم.

لن تلتقي في الجنة بمَن حرّموا فوائد البنوك على البسطاء، واعتبروها مجرد مصاريف إدارية.

لن تجد في الجنة إعلاميين يكذبون كما يتنفسون، ولا قضاةً لا يخشون حتى الله.

لن تجد في الجنة أكاديميين يهلّلون لعودة السيطرة الأمنية على الجامعات، ويباركون تعيين رؤساء الجامعات، وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام، ويدارون على جرائم قتل الطلاب، بأن الرصاصات التي قتلوا بها من النوع الذي يلسع ولا يقتل!

لن تجد في الجنة مَن فسدت فطرتهم، فلعنوا الحرية، وباركوا الاستبداد، وقبلوا بالفقر، ووأدوا بأيديهم الحلم.

لن تجد في الجنة طغمة الفساد، مثل بن علي وحسني والقذافي.

لن تجد في الجنة أياً من هؤلاء، وغيرهم كثير. ألا يدفعك ذلك إلى اغتنام الفرصة، وطلب الرحمة والفوز بالجنة؟

فإن كانوا أفسدوا عليك دنياك

 فلا أقل من أن تحيد عن مقابلتهم في أخراك.

رمضان كريم.

51BD73CF-6742-4D3D-84E5-51D97F7FC82F
إسلام لطفي

كاتب وإعلامي مصري