انفلات الإيجارات في اليمن... وملاك يطلبون السداد بالدولار

انفلات الإيجارات في اليمن... وملاك يطلبون السداد بالدولار

06 يوليو 2020
إيجارات المساكن تضاعفت في صنعاء منذ بداية الحرب (محمد حمود/Getty)
+ الخط -

تحولت الإيجارات في العديد من المناطق اليمنية إلى كابوس يطارد المواطنين، بعد أن شهدت انفلاتاً كبيراً في الآونة الأخيرة، سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين أو الحكومة، بينما يتوسع محسوبون على المجلس الانتقالي الانفصالي في الجنوب المدعوم من الإمارات، في عمليات وضع اليد على أراضي مناطق متفرقة من عدن، التي تتخذ منها الحكومة عاصمة مؤقتة ويقومون بعمليات بناء في خضم صراع على قطاع بات يدر مكاسب كبيرة للفاعلين فيه.
وأضحت الإيجارات الهاجس الأكبر الذي يقض مضاجع اليمنيين، في ظل انحسار الدخول وتفشي البطالة بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات وأزمة فيروس كورونا التي تقضي على ما تبقى من مصادر دخل الكثيرين.
معتز الهردي، الموظف في الهيئة العامة للمعادن، أحد الذين اضطرتهم الإيجارات المرتفعة إلى ترك مسكنه في منطقة عصر غرب صنعاء، والانتقال ليعيش مع أخيه الذي وافق على تقاسم المسكن معه.
يقول الهردي لـ"العربي الجديد" إن توقف الرواتب كان بمثابة فقدان شريان الحياة لمئات الاَلاف من الموظفين الذي يعيلون أسراً يقدر عددها بالملايين.
وتضاعفت إيجارات المساكن في معظم المدن اليمنية بصورة متسارعة وبشكل سنوي منذ بداية الحرب عام 2015، ووصلت في بعض المناطق إلى ما بين 70 و80 ألف ريال (115 دولاراً)، دون تكاليف أخرى، مثل الكهرباء والمياه، بينما أصبح كثير من المؤجرين وملاك العقارات، خصوصاً في صنعاء (شمال) وعدن (جنوب)، يطالبون المستأجرين بدفع الإيجار بالدولار.

وقال الخبير في السوق العقارية، عبد القادر النهاري، صاحب مكتب عقاري لتأجير المساكن وبيع الأراضي والعقارات، إن السبب الرئيسي في ارتفاع الإيجارات وأسعار العقارات والأراضي يرجع إلى الحرب وتشكّل ما يعرف بـ "تجار الأزمات"، إضافة إلى حركة النزوح الواسعة التي شهدها اليمن، وتركزت في بعض المناطق في صنعاء وعدن.  
واستقبلت المدن المستقرة والتي لم تطاولها الحرب في اليمن مثل صنعاء وإب (شمال) وحضرموت (شرق) أعداداً كبيرة من النازحين من مختلف المناطق المضطربة والتي طاولتها نيران الحرب، سواءً من المناطق الداخلية مثل الحديدة (غرب) وتعز (جنوب غرب)، أو من المناطق الحدودية مع السعودية مثل صعدة وحرض وميدي والمناطق القريبة من جيزان ونجران وعسير.
وأغلب هؤلاء الذين نزحوا، بحسب النهاري، أسر مقتدرة وتجار وأصحاب أعمال وأيضاً من الفئات الاجتماعية المختلفة إضافة إلى الطبقة الثرية التي استفادت من انتشار السوق السوداء في الوقود والكهرباء والسلع الغذائية خلال الحرب، الأمر الذي غيّر موازين القوى في السوق العقارية ودفع الإيجارات إلى الارتفاع المضاعف بنحو 300% مصحوبة بنمو الطلب على المساكن وازدهار حركة العقارات والأراضي.
وتقدر الأمم المتحدة نسبة السكان الذين اضطروا للنزوح من منازلهم في اليمن بنحو 16% أي حوالي 5 ملايين شخص منذ عام 2015، في حين يعيش قرابة 74% من الأسر النازحة في بيوت مؤجرة خارج المواقع المضيفة.
ومع استمرار السوق العقارية بالاشتعال وتحول إيجارات المساكن إلى أزمة خانقة يواجه الكثير من المستأجرين مشقة واسعة في تسديدها في ظل تراجع الدخل والأعمال وسط أزمات معيشية طاحنة، وهو ما أدى إلى استنفار السلطات المحلية في صنعاء التي قامت بتشكيل لجان لمعرفة أوضاع المستأجرين.

وحسب مسؤول محلي في الجهاز الإداري لأمانة العاصمة صنعاء لـ"العربي الجديد"، فإن هذه الخطوة تهدف إلى تسعير الشقق بما يلائم ظروف المستأجرين وفرض غرامات على مالكي الشقق الذين استغلوا حاجة الناس عبر رفع الإيجارات. 
ويختلف الأمر في مأرب (شرق) التي استقبلت أعداداً كبيرة من النازحين من مختلف المناطق اليمنية ساهمت في خلق حركة عقارية وسكنية واسعة، إذ لا تستند هذه الحركة إلى أي تدخل رسمي من السلطات المحلية في تنظيمها وإيجاد منظومة تشريعية وقانونية لاحتواء هذه الطفرة، بينما تتزايد شكاوى المواطنين والنازحين من ارتفاع الإيجارات بشكل مبالغ فيه وعدم وجود سقف محدد لها.
ويطالب ناشطون في مجال حقوق المستهلك، باستحداث قانون خاص للمساكن والإيجارات في اليمن بموجب عقود رسمية تراعي ظروف الأوضاع الراهنة وتحدد الفئات الأكثر تضرراً ووضع حدود متوسطة للإيجار الشهري بحيث لا يقل عن 10 ألف ريال ولا يزيد عن 30 ألفا.
وفي خضم تحقيق العقارات عوائد مالية كبيرة، تشهد العديد من مناطق عدن توسعا في ظاهرة وضع اليد على الأراضي والعقارات من قبل أشخاص محسوبين على سياسيين وعسكريين من المجلس الانفصالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.
وحسب مصادر في وزارة الأوقاف وهيئة الأراضي العامة، فإن "هؤلاء الأشخاص الذين تحول عملهم إلى ما يشبه المافيا يقومون ببسط أيديهم على الأراضي العامة وأراضي الأوقاف بصورة منظمة، ويقومون بضخ أموال غير معروف مصدرها في البناء العشوائي للمنازل والفلل".
وقالت المصادر لـ"العربي الجديد" إن "تلك الممارسات ساهمت في قفزات إيجارات المساكن والمنازل وأسعار العقارات وارتفاعها بحوالي أربعة أضعاف مقارنة بالمدن اليمنية الأخرى، إذ يصل مسكن مكون من غرفتين فقط إلى نحو 90 ألف ريال في عدن".

المساهمون