الوحش الجريح أشدُّ خطراً

الوحش الجريح أشدُّ خطراً

09 مارس 2016
+ الخط -
يخبرنا قانون الغابة بأنّ الوحوش الكاسرة لا يؤتمن جانبها، ولا يوجد أمل أن تكون صديقةً لغيرها من المخلوقات، طالما أنّها بقيت في الغابة، وعندما تكون جريحة يجب أنْ تتوقع حدوث الأسوأ.
ليس تشبيهاً لمن أعنيه هنا بالحيوانات، فليس هذا ما أردتْ، لكنّها بداية لتوضيح المعنى الحقيقي لهذا المقال، وما أرمي إلى توضيحه هنا.
تتصرف"داعش" الآن مثل وحشْ، أثقلته الصدمات التي تلقّاها في هذا الشتاء، بعد الضربات المتتالية للتحالف الدولي، ضدّ معاقل التنظيم في كلّ من سوريا والعراق، وما ألحقت به من خسائر كبيرة.
طبعا، لا يمكن معرفة حجم الضررالحقيقي الذي ألحقته الضربات العسكرية للتحالف الدولي بمعاقل هذا التنظيم، بسبب التكتم الكبير الذي تفرضه الآلة الدعائية للتنظيم على تلك الأضرار، وأيضاً بسبب عدم معرفة مكامن قوته الحقيقية.
لكن، يمكن تقدير حجم الضرر والإصابات التي لحقت به من خلال ردة فعله العنيفة، والتي شملت أكثر من هدف، وأكثر من مكان، ما حدث في باريس من هجمات دامية، وقبلها في بيروت وصحراء سيناء، وبعدها في مالي وتونس، وربما غدا، في مناطق أخرى من العالم، هي ردة فعل وحش كاسر وينفث نيرانه إلى أي مكان تصل إليه.
لجأ تنظيم "داعش" إلى الهجمات المباغتة، حيث هاجم مناطق استراتيجية و خطوط إمداد مهمّة لأعداءه، والتي من شأنها أن تؤدي لحدوثٍ إرباك للعدو وإعادة حساباته في المعارك.
أفلح التنظيم في السيطرة على نقاطٍ مهمّة في ريف حلب الجنوبي، وفي مقدمتها بلدة خناصر الاستراتيجيّة. كذلك، سيطر (داعش) على تلال مُطلّة على البلدة، وفي محيطها، إضافة إلى قتل العشرات من قوات النظام السوري والميلشيات المقاتلة معه وأسرهم.
وفي وقت سابق أيضاً، شن تنظيم داعش هجوماً على تل أبيض التي تقع على الحدود مع تركيا، والتي سيطر عليها المقاتلون الأكراد، ما دفع التحالف الذي تقوده واشنطن إلى شن غارات لإجبار مسلحي التنظيم على التراجع. وأهداف التنظيم من ردود فعله الدامية، يمكن تلخيصها في ثلاثة أهداف رئيسية:
أولاً، يهدف التنظيم من عملياته الأخيرة إلى صرف الأنظار عن الضربات القوية التي تلقاها، وما تخلّفه من جراح عميقة، تؤثر على حركته وتمدّده، وأكثر من ذلك، فقد تؤثر على معنويات مقاتليه وأنصاره.
ثانياً، يريد أن يبعث رسالة للرَّفع من معنويات أنصاره داخل "دولته"، وفي العالم، بأنَّه مازال قادراً على إلحاق الضرر بأعدائه وضربهم في معاقلهم، والانتقام لضحاياه وأنصاره في معاقله.
وثالثاً، ترهيب الرأي العام العالمي، وخصوصاً في الدول الغربية التي تشارك في التحالف الدولي ضده، للضغط على حكوماته الديمقراطية، للإنسحاب من حربها التي أعلنتها على التنظيم حتى يخفف حدَّة القصف الذي يطال معاقله.
أخطر حالة يمكن أنْ يصل إليها الوحش الكاسر ليس غضبه، بل عندما يكون جريحاً، لأنّه سيضرب بكلّ مخالبه، وفي كلّ مكان تصل إليه.
C741516E-C8ED-4D4F-BB6F-58114ABA9CAD
C741516E-C8ED-4D4F-BB6F-58114ABA9CAD
أيهم أبا زيد (سورية)
أيهم أبا زيد (سورية)