المعارضة السودانية ترفض "خارطة الطريق": نحو المواجهة مع النظام

المعارضة السودانية ترفض "خارطة الطريق": نحو المواجهة مع النظام

24 ابريل 2016
يخشى النظام اندلاع الاحتجاجات لأسباب اقتصادية (أشرف الشاذلي/فرانس برس)
+ الخط -
أسهمت مساندة المجتمع الدولي والإقليمي لخارطة الطريق التي وقعتها الحكومة السودانية بشكل منفرد مع الوساطة الأفريقية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في 21 مارس/آذار الماضي، في اتفاق المعارضة المسلحة والسلمية على تكوين هيكل تنظيمي لـ"تحالف نداء السودان" يُسهل التنسيق والعمل المشترك فيما بينها، ويقدّمها ككتلة واحدة في إطار تحقيق أهدافها في تغيير النظام في البلاد، إما عبر تسوية سياسية شاملة أو انتفاضة شعبية.

في هذا السياق، رفضت المعارضة الممثلة في "الحركة الشعبية"، والحركات الدارفورية، وحزب "الأمة" بقيادة الصادق المهدي، التوقيع على خارطة الطريق الخاصة بوضع إطار لإشراك تلك القوى في عملية الحوار الوطني، وذلك في اجتماعها بالحكومة في أديس أبابا، وبوساطة الآلية الأفريقية لحلّ أزمات السودان برئاسة ثامبو أمبيكي.

ورأت تلك القوى أن الخارطة "منحازة للحكومة في الخرطوم"، خصوصاً أنها تجاهلت تماماً المؤتمر التحضيري للحوار، الذي أقرّه الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن، للاتفاق على إجراءات تهيئة مناخ الحوار. وهو مؤتمر ظلّت الخرطوم ترفضه جملة وتفصيلاً.

وصعّد "تحالف نداء السودان" أخيراً في اجتماعٍ عُقد بالعاصمة الفرنسية باريس، في الفترة بين 18 أبريل/نيسان و21 منه، حاول من خلاله المبعوثان الغربيان للسودان والاتحاد الأفريقي الضغط على تلك الأطراف للتوقيع على الخارطة.

في هذا الصدد، تكشف مصادر لـ"العربي الجديد"، أن "القوى الدولية والإقليمية لوّحت للمعارضة ببند العقوبات، وإحالة الملف برمّته لمجلس الأمن، إلا أن المعارضة لم تكترث للتهديد، واعتبرت أنها لا تملك شيئاً لتخسره. كما تمسّكت بقضيتها عبر تفضيلها المواجهة مع المجتمع الدولي، على الموافقة على إعادة إنتاج النظام وفقاً للخارطة".

ويرى مراقبون أن "الأزمة بين المجتمع الدولي والإقليمي والمعارضة، من شأنها أن تنقل المواجهة إلى الداخل عبر تنشيط المعارضة الداخلية في عملية المقاومة، وتحريك الشارع للفت نظر الرأي العام العالمي، باعتباره مصدر ضغط على الحكومات خصوصاً بعد أن فقدتها المعارضة كشريك أساسي مساند لقضيتها". كما يرجّح المراقبون أن "تُسهم الخطوة في استيلاد عنف مفرط، بالنظر إلى ردة فعل الحكومة، التي سبق أن واجهت تظاهرات سبتمبر/أيلول 2013 بعنف، إذ قُتل وأُصيب نحو 500 شخص".

في هذا الإطار، يقول المحلل السياسي أحمد ساتي لـ"العربي الجديد"، إنه "من الواضح أن المعارضة اصطدمت بمواقف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الداعمة لخارطة الطريق، ما قادهم للمواجهة بتكتّل واحد ورؤى موحّدة. مع العلم أنه في الوقت نفسه يُفسّر حرص الأوروبيين على الخارطة على أنه انتصار بفعل انتزاعها التزامات حكومية، سبق وأن رفض النظام الالتزام بها سابقاً، وتتصل بالموافقة على إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين، ووقف الحرب بمناطق النزاعات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق في توقيت واحد". ويؤكد ساتي أن "اتفاق المعارضة الأخير سيحقق لها فائدة دبلوماسية، كما سيساعدها سياسياً للضغط معاً لتحقيق مطالبها".

وكان "تحالف نداء السودان"، قد خرج بخطوات مفصّلة إثر اجتماع باريس، وجاء فيه أنه "تمّ الاتفاق على الميثاق السياسي الذي يحكم الفترة الانتقالية التي تلي إسقاط النظام الحالي"، التي تمّ تحديدها بأربع سنوات، على أن يحكمها دستور انتقالي مُتَفَق عليه، يتمّ خلالها إعادة هيكلة مؤسسات الدولة النظامية، من الشرطة والأمن والجيش والخدمة المدنية".

واعتبر الميثاق أن "السودان دولة مدنية ديمقراطية ذات نظام حكم فدرالي"، مشدّداً على "تمثيل المرأة في مؤسسات القرار، بما لا يقل عن 30 في المائة من عديد الموظفين". كما نوه إلى ضرورة "قيام مبدأ العدالة الانتقالية للتحقيق العاجل في كافة الجرائم التي ارتُكبت، وإخضاع مرتكبيها لمحاكمة عادلة تضمن عدم الإفلات من العقاب، وتعمل على جبر الضرر والغبن وتنقية الحياة السياسية والاجتماعية".

كما أُعلن في ختام الاجتماع عن هيكل تنظيمي للتحالف، ينصّ على "تكوين مجلس تنسيقي رئاسي من عشرة شخصيات تتمثّل فيه قوى النداء بشخصين، على أن تكون الرئاسة فيه دورية، ومتصلة بالاجتماعات فقط، فضلاً عن سكرتارية ومكتبين تنفيذيين، واحدهما في البلاد والآخر خارجها".

في سياق متصل، يرى المحلل السياسي الطيب زين العابدين، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "هناك محاولة لقوى المستقبل للتغيير (يضمّ أحزابا معارضة، سبق وأن كانت جزءاً من الحوار وانسحبت منه، من بينها حركة الإصلاح الآن، بقيادة غازي صلاح الدين)، لإجراء إضافات غير مباشرة على خارطة الطريق، مثل أن توقّع تلك القوى على ورقة خارجية تحمل تفاصيل أكثر، وتستجيب لبعض مطالبات قوى نداء السودان، ليوقعوا عليها. ما يفتح الباب أمام التفاوض المباشر".

كما يكشف عن "استمرار الاجتماعات بين قوى المستقبل ولجنة السبعة الخاصة بالحوار في ذاك الاتجاه"، مبدياً تفاؤله في نجاحها في إيجاد معادلة، تسمح بانطلاقة الحوار بشكل جادّ، وبمشاركة كل القوى السياسية للوصول لتسوية سياسية للأزمة السودانية".

وفي تطوّر لافت، عقد مجلس الأمن والدفاع السوداني، برئاسة الرئيس عمر البشير، وعضوية وزراء الدفاع والداخلية ومدير جهاز الأمن فضلاً عن مساعدي الرئيس، اجتماعاً يوم الأربعاء، كان الأول من نوعه هذا العام، لبحث الأوضاع الأمنية والعسكرية والجنائية بالبلاد.

ويرى مراقبون أن "الاجتماع دليل على عدم استقرار الأمن بالوضع الذي تدّعيه الحكومة، كما يُشكّل إشارة لاستعدادات حكومية لمواجهات عتيدة، يكون مسرحها الشارع، خصوصاً أن المحرك الأساسي للشارع هو الأوضاع الاقتصادية، التي بلغت حدّاً من الضيق لامس الحزب الحاكم نفسه، بعد تراجع سعر الجنيه أمام العملات الصعبة، حتى وصل سعر الدولار في السوق الموازي إلى 14 جنيهاً الأسبوع الماضي. وهو ما يفسّر اجتماع البشير بالقطاع الاقتصادي يوم الخميس".

دلالات