القُرصة: طعام البدو والحضر في غزّة.. مرّة سنوياً

القُرصة: طعام البدو والحضر في غزّة.. مرّة سنوياً

28 مايو 2014
أكلة تحتاج إلى ساعات.. مرّة في العام
+ الخط -

اعتاد المسن الفلسطيني، عودة العمور، تناول أكلته التراثية المعروفة بـ"القرصة" أو "اللصيمة"، برفقة أصدقائه وأهل بيته. فالجوّ الأُسري والعائلي في تناول الأكلة الشعبية الفلسطينية هو أحد طقوس تناولها في قطاع غزّة.

وينشغل أبو محمد (65 عاماً) في تجهيز أكلته استعداداً لتقديمها إلى ضيوفه وأحبّائه ممن ينتظرون تناولها في موسمها بشغفٍ مع كل عام. إذ يستغرق إنجازها بشكلها النهائي ساعات عدّة.

ويعود أصل هذه الأكلة إلى أهل البادية، فيطلقون عليها "المُليله"، وعن مكوناتها يقول العمور: "هذه الأكلة عبارة عن بطيخ غير ناضج معروف بـ(العجر)، ويمكن أن نضيف إليه بعض حبّات الباذنجان، ويضاف إليها الطماطم والفلفل الأخضر وزيت الزيتون البلدي ويرافقها البصل الأخضر والثوم".

ويضاف، في حديث لـ"العربي الجديد": "نُشعل نار الحطب، لنشوي العجر بشكل جيّد. والكمية تُحدَّد وفق عدد الأشخاص. ثم نضع عجينة القرصة المعروفة بـ"اللبة" في النار، وقد يتراوح قطر الواحدة نحو 50 سنتيمتراً. بعدها نغطّيها بالرماد الساخن ونضع فوقها كمية من الجمر ليسهل إنضاجها".

يتابع المسن الفلسطيني: "بعد ذلك نجهّز السلطة الخاصة بهذه الأكلة،  بإحضار كميات من الفلفل والملح والطماطم والثوم التي تخلط بالعجر، ثم بالعجينة بعد نضوجها، ونقطّعها قطعاً صغيرة ونهرسها جيّدا مع كمية وفيرة من زيت الزيتون البلدي، ونقدم معها شرائح من البصل، لتصبح جاهزة للأكل".

يجتمع في منزل العمور، الكائن في حيّ الفخاري على الحدود الشرقية بين محافظتي رفح وخان يونس جنوبي القطاع، بعض أصدقائه القادمين من مناطق مختلفة تلبيةً لدعوتهم إلى تناول الوجبة التي لا يتقنها الكثير من الناس.

تحتاج "فتّة العجر" إلى جهد ومشاركة مجموعة من الأشخاص لمتابعة طرق عملها من شواء العجر وتقطيع الطماطم والفلفل وتجهيز العجينة في النار إلى حين وضعها أمام الضيوف لأكلها، وكلّ ذلك في سبيل إنجاز أكلة فلسطينية تراثية بدوية.

الشاب رامي أبو طعيمة، أحد ضيوف العمور يقول لـ"العربي الجديد": "لا يمرّ موسم من مواسمها إلا وأشارك في تناولها. وكلّ من يتذوق هذه الأكلة للمرّة الأوى سينتظرها كلّ عام، فهي ذات مذاق مختلف عن كل ما أكلت في حياتي". ويضاف: "أنا متعوّد على تناولها مرتين في كلّ موسم وهي بالنسبة لي أفضل من اللحوم".

وعمد إلى استخدام القرصة البدو الذين يقطنون في الأرياف، قبل أن تنتشر على نطاق أوسع، وهي معروفة لدى البدو في سيناء ومناطق عربية أخرى، وتعدّ من أهم الأكلات الشعبية التراثية الفلسطينية وتنتشر في محافظتي رفح وخان يونس على وجه الخصوص.

ناجح الحميدي، وهو لاجئ من مدينة بئر السبع المحتلة، يقول إن القُرصة "أكلة بدوية تعرفَ عليها أهل الحاضرة وأدخلوا عليها مسميات حضارية جديدة"، ويعتبر تناولها "من العادات الاجتماعية"، مشيراً إلى أنّ "البدو قديماً كانوا يستفتحون يومهم بأكل فتة العجر".

أما عبد الله العورجاني، الذي قطع مسافة 7 كيلومترات للحضور أملاً في تذوّقها للمرّة الأولى، فذكر لـ"العربي الجديد" أنّها أكلة طيبة: "رغم عدم انتشارها وعدم معرفة كثير من الناس في القطاع بطرق إنجازها".

دلالات

المساهمون