الشيطان مصري أم سوداني

الشيطان مصري أم سوداني

23 مارس 2017
+ الخط -

في زمن العبث العربي، الذي نعيشه منذ سنوات، ليس من حقي، وربما ليس من حق بعض القراء، أن يستبعدوا طرح السؤال أعلاه، من قبل منتسبين كثر لمهنة الصحافة والإعلام، بأي درجة من الدرجات، وأخشى القول إنه قد يصبح افتراضاً بداهياً، يتبناه كل من يستقرئ وقائع المشهد العربي بوعي وبصيرة.

ربما بدرجة أقل، ينبغي لكل عاقل، أو مدع للتعقل، ألا يهمل توقع طرح هذا السؤال، بل وتبني الإجابة، من قبل مسئولين عرب، بدرجة وزراء مثلاً!

وبعيداً عن اتهامي بالشطط، والتطرف، فإنني أدعوك قارئ تدوينتي هذه، أن تفسر لي ومعي، ما حدث من تراشق وتنابز وصل لدركات متوقعة من الانحطاط، بالقول والإشارة، على لسان من يفترض أنهم نواب في كيان برلماني اصطنعه على عينه عبدالفتاح السيسي، الذي قاد انقلاباً عسكرياً، بدأ التخطيط له قبل شهور من 30 يونيو، حسب اعترافه الذي أعلنه بلسانه، ثم دعا له وحشد في اليوم إياه، وأكمله بالإعلان الرسمي في مشهد 3 يوليو 2013، بكل ما فيه من كآبة.

ثم جاءت سلسلة من الهياج والتسافل، اللائق بإعلام الانقلاب ومن ينسبون أنفسهم لهذه المهنة، زوراً وبهتاناً، وصلت لحد السب والخوض في أعراض الأشقاء السودانيين، الذين يشاركوننا ونشاركهم التاريخ والجغرافيا، واللغة، والأديان، والعيش والملح، منذ آلاف السنين، ويرسلون لنا ونرسل لهم كل خير.

لكن النقلة الأكثر إثارة، في هذا الصخب، جاءت على لسان وزير الإعلام، الناطق باسم الحكومة السودانية، أحمد عثمان، إذ قال: "الذين عمدوا إلى السخرية يقرأون التاريخ بأقلام أجنبية زيَّفت الحقائق، لا يعلم الكثيرون أن فرعون موسى كان أحد الفراعنة السودانيين الذين حكموا مصر"، مستنداً إلى آية في القرآن تقول: "وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْم أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ".

وأضاف: "مصر بها نهر واحد، بينما السودان بها عدة أنهار، وهذا دليل واحد من عدة أدلة علمية وأثرية سيقدمها في القريب العاجل، عدد من أساتذة التاريخ السودانيين، الذين يعملون الآن على تنقيح الكتب التاريخية من الأخطاء التي وردت فيها، لتثبت حضارة بلاده الضاربة في القدم"، مدعياً أن "أهرامات البجراوية أقدم من الأهرامات المصرية بألفي عام، وهو ما سنعمل على توضيحه للعالم".

وصلنا إذاً، إلى مرحلة التباهي بانتماء "فرعون"، نعم هكذا مرة واحدة، بكل ما يحمل تاريخ فرعون من قتل، وتشريد، وبقر بطون النساء، والرجال، والأطفال الأبرياء، وبكل ما فعله برسل الله، ومنهم موسى عليه السلام.

هل لعاقل، وقد وصل مسؤولون عرب، بهذا الحجم والمستوى، لهذا المستوى من التفكير، أن يستبعد تدهور المستوى في التنابز العربي، لدرجة السؤال، بل وربما الإجابة القاطعة عن جنسية الشيطان، وإبليس شخصياً، وما إذا كان من أصول مصرية، أو سودانية، وربما من جنسية عربية أخرى؟ 

شخصياً، أعرف جنسية واحد من سلالة إبليس الأول، وأترك لكل قارئ حرية التوقع، من يكون إبليس العربي.

50C80A35-B0FB-49CC-BE88-9A8FC8B80144
نزار قنديل
كاتب وصحافي مصري، مدير مكتب مصر ورئيس قسم المراسلين في موقع وصحيفة "العربي الجديد". عمل في عدد من المؤسسات الإعلامية العربية والمصرية. يعرّف نفسه: كل لحظة تمر، بدون أن تكون لك كلمة حق وخير وجمال، هي وقت ضائع. كل لحظة لا تصمت فيها، إذا لم يكن لديك كلمة نافعة، هي ثرثرة ضارة. بعيداً عن الوقت الضائع، والثرثرة، أحاول أن أكتب. إن شئت فاقرأ ما تيسر من كتابتي.