الحوثيون يستغلون كورونا لفرض قيودهم: منع وإغلاق وتضييق

الحوثيون يستغلون كورونا لفرض قيودهم: منع وإغلاق وتضييق

23 يوليو 2020
الإبقاء على إغلاق الكافيهات بسبب اختلاط الشباب والفتيات(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

وجد الحوثيون ضالتهم في فيروس كورونا كسبب لإغلاق المقاهي التي تشكّل متنفساً لمئات الشباب والشابات في العاصمة اليمنية صنعاء، هذا فضلاً عن حملة تضييق تستهدف المرأة على وجه التحديد.

وطيلة السنوات التي تلت اجتياحهم صنعاء، تحوّلت المقاهي إلى قضية مركزية في نظر الحوثيين، الذين سعوا لإغلاقها باعتبارها أماكن للاختلاط بين الفتيات والشباب.

وتحاشياً لحملة شعبية كانت قد بدأت تصف طريقة حكمهم بأنها أقرب لنهج تنظيم "داعش" الإرهابي، في فرض الانغلاق وتقييد الحريات، أرجأت الجماعة موضوع إغلاق المقاهي لتكتفي بتعليمات صارمة تطالب بالفصل بين الجنسين.

وفي العامين الماضيين، قام الحوثيون بطمس ملامح صور نسائية من لافتات إعلانية تعتلي مستودعات بيع فساتين الزفاف أو محلات تصفيف الشعر، بحجة أنّ تلك الصورة تقوم بـ"تأخير النصر".

ومن هذا المنطلق، لجأت الجماعة إلى تغييرات واسعة في ملامح مدينة صنعاء، وذلك بفصل الجنسين في قاعات الدراسة بالجامعات ومعاهد اللغات، ومنع النساء من  ارتياد المقاهي الشعبية بمدينة صنعاء التاريخية القديمة.

وحاول الحوثيون، منع الأغاني في حفلات الزفاف داخل صنعاء، لكنهم فشلوا حتى الآن في تطويع المجتمع للامتثال إلى قوانينهم الجديدة، التي تدعو لاستبدال الأغنية بـ"النشيد الديني".

إلا أنّ سكاناً محليين في محافظة عمران أكّدوا، لـ"العربي الجديد"، أنّ الأغاني باتت ممنوعة في الأعراس، بكافة محافظات شمال اليمن النائية، وخصوصاً معاقلهم الرئيسية في صعدة وحجة وعمران.

وشنّ الحوثيون حرباً على العبايات الملونة التي ترتديها النساء، كحجاب إسلامي انتقل إلى اليمن من الخليج مطلع التسعينيات، ومنعوا الفتيات من دخول الجامعات الحكومية وهنّ يرتدينها، على اعتبار أنّها أحد أسباب "تأخير النصر" على التحالف السعودي.

وكتبت الحقوقية نورية سلطان، على "تويتر"، مساء الأربعاء، إنها تعرضت لحملة مضايقات واستفزازات في صنعاء جراء ارتدائها عباية باللون البنفسجي، وليس الأسود الذي تتّشح به غالبية اليمنيات.

إغلاق المقاهي
أقرّت السلطات الحوثية، الأسبوع الماضي، استئناف فتح صالات الأفراح والحمّامات البخارية والمطاعم بعد أشهر من الإغلاق جرّاء فيروس كورونا، لكن اللاّفت كان استثناء استمرار إغلاق المقاهي حتى إشعار آخر.

ولا تشكّل المقاهي بؤراً لتجمعات سكانية مزدحمة كباقي الأماكن التي شملها قرار إعادة الفتح، خصوصاً صالات الأفراح، وهو ما جعل نشطاء يؤكدون أنّ الحفاظ على صحة المجتمع لا يعدّ السبب الرئيسي وراء القرار الأخير.

وقال أحد العاملين في مقاهي حي حدّة الراقي بصنعاء، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القرار الحوثي لم يكن صادماً بالنسبة لنا، كون الإغلاق كان غايتهم منذ أكثر من عامين، تحت مبررات مختلفة أبرزها اختلاط الفتيات والشباب".

ولا تزال أبرز مقاهي صنعاء، وهي "كوفي كورنر" و"بالم"، مغلقة أمام روادها، ووفقاً لمصادر "العربي الجديد"، كانت السلطات الحوثية قد أجبرت مالكيها على تغيير رُخَصِها إلى مطاعم.

المقاهي الشعبية العتيقة المطلة على المباني التاريخية بمدينة صنعاء القديمة، باتت هي الأخرى محظورة على النساء، وذلك بعد أن بقيت متنفساً مفتوحاً على الهواء الطلق، يجمع النُخب المدنية والثقافية من الجنسين قبيل الغروب، طيلة سنوات مضت.

تضييق على النساء

وذكرت الحقوقية اليمنية، رضية المتوكل، في تغريدة على "تويتر"، إنّ مسؤولاً أمنياً طلب منهن، الثلاثاء الماضي، المغادرة من موقع مطلّ على صنعاء القديمة لمجرد أنهنّ نساء، لافتة إلى أنّ ذلك المنع تكرّر للمرة الثانية، خلال الشهر الجاري.

وفي تعليقها على الحادثة، وصفت الروائية والحقوقية اليمنية، حنان الوادعي، جماعة الحوثي بأنها "طالبان اليمن"، واتهمت الجماعة بـ"منع النساء من المشي أو الوقوف لشرب الشاي سواء على مجرى سيول صنعاء القديمة، أو في سمسرة وردة أو دخول الجامع الكبير".

وقالت الوادعي في تغريدة على "تويتر"، "صنعاء القديمة أصبحت محظورة على النساء، كرّرنا هذا الكلام خلال آخر سنتين، والنتيجة مزيد من التضييق وطلبنة المجتمع".

منع الرحلات والتخييم

كانت الرحلات الشبابية أو العائلية إلى أرياف صنعاء أو مناطق محافظة عمران والمحويت، من أهم الطقوس التي يلجأ إليها سكان العاصمة بالمناسبات والأعياد، للتخفيف من حدة الضغوط التي خلقتها الاضطرابات السياسية والأمنية، لكن يبدو أنّ ذلك أصبح شيئاً من الماضي.

إذ أحبطت جماعة الحوثيين، الجمعة الماضي، رحلة ترفيهية، خطّط لها العشرات من شباب العاصمة صنعاء إلى ريف محافظة عمران، وكانوا ينوون التخييم في وادي السيل بمنطقة حبابة، وقضاء طقوس مختلفة من الشواء وترديد الأغاني حتى الصباح، ثم العودة مجدداً إلى العاصمة، وذلك تحت مزاعم حمايتهم من قصف الطيران السعودي.

وقال علي وهو أحد الشباب الذين شاركوا في الرحلة، إنه بمجرد وصولهم إلى المنطقة المحددة والقيام بتشييد المخيمات الصغيرة، وأدوات الشواء والطبخ، بهدف قضاء سهرتهم، تمت مداهمة المكان، من قبل عشرات المسلّحين الحوثيين والمسؤولين الأمنيين في الجماعة، الذين تعاملوا معهم وكأنّهم دخلاء أو خلية تعمل لصالح التحالف السعودي - الإماراتي.

وأضاف علي، الذي طلب الاكتفاء بإيراد اسمه الأول فقط، لاعتبارات أمنية، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ القائمين على الرحلة حاولوا إقناع عناصر الحوثيين أنها مجرد رحلة سياحية ولديهم تصاريح بذلك، إلاّ أنّ العناصر المسلّحة طلبت منهم المغادرة على الفور بالتراضي، وهدّدتهم باللّجوء لأساليب أخرى في حال الرفض.

ولم يكتف الحوثيون بترحيل الشباب من الوادي، إذ قاموا باصطحابهم، وعددهم 108 أشخاص، إلى مقرّ أمني للتحقيق، حيث تمّ احتجازهم داخل ملعب حتى ظهر اليوم التالي، وهو ما جعل غالبية قاصدي الرحلة يفترشون الأرض وينامون بدون تناول أي وجبة.

ووفقاً لعدد من المشاركين في الرحلة، فقد وجّه المسلّحون الحوثيون كلمات مهينة للشباب، جراء قيامهم بتلك الرحلات، وأخبروهم أنّه كان الأولى بهم "الذهاب لقتال العدو" بدل المشاركة في هذه الأنشطة، كما تمّ اتّهام الفريق بوجود "عناصر داعشية" بينهم.

المساهمون