اعتداءات سوسة التونسية تعجّل بولادة قانون الاٍرهاب

اعتداءات سوسة التونسية تعجّل بولادة قانون الاٍرهاب

19 يوليو 2015
المسؤولون التونسيون يؤدون صلاة العيد (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

انتهت لجنة التشريع العام في مجلس نواب الشعب في تونس من مناقشة فصول قانون مكافحة الاٍرهاب وغسل الأموال، ومن المنتظر أن يحال صباح غد الإثنين إلى مكتب المجلس كي يُشرع في مناقشته داخل الجلسات العامة، بحسب ما أكّدت مقررة اللجنة النائبة سناء المرسني  لـ"العربي الجديد".

اقرأ أيضاً: "عقبة بن نافع"... حكاية أبرز الجماعات التونسية المسلحة

وقالت المرسني إن عمل اللجنة استمر طوال أيام رمضان، وحتى ساعات الفجر أحياناً من أجل الإسراع في إتمام مناقشة الفصول وإحالتها إلى النقاش العام، خصوصاً بعد التزام رئيس المجلس بالانتهاء منه قبل يوم 25 يوليو/تموز الذي يوافق عيد الجمهورية، وهو التزام قطعه بعد أحداث سوسة.

لكن مقررة اللجنة استبعدت أن يتم ذلك فيما تبقى من أيام نظراً لأهمية القانون وكثرة الفصول ودقتها. وتم تأجيل النقاشات حول القانون عدّة مرات، كما شهد صياغات مختلفة منذ قرابة العامين. كذلك عرفت الكثير من فصوله خلافات كبيرة سياسية وأمنية وحقوقية، مما دفع المجلس التأسيسي السابق، إلى إحالة القانون لمجلس نواب الشعب بعد فشل الحسم فيه.

وينتظر الأمنيون، خصوصاً، المصادقة على القانون لأنه يمثل إطاراً تشريعياً حامياً لهم من المحاكمة بسبب القيام بأعمال هي في صلب مهامهم الأمنية. كما ينتظر جميع التونسيين بفارغ الصبر القانون، الذي يَرَوْن فيه آلية قد تساهم في تحسين قدرة الدولة في حربها على الاٍرهاب. يأتي ذلك في ظل مخاوف حقوقية من تجاوزات قد يغفل عنها أو يتيحها القانون الجديد، عبرت عنها منظمات حقوقية. 

اقرأ أيضاً: قانون الإرهاب في تونس سيف على الصحافيين؟

وأكّدت المرسني أن مناقشة القانون داخل اللجنة لم يسجل هذه المرّة خلافات جوهرية، وأن المشروع الذي كان مطروحاً أمام المجلس التأسيسي عام 2013 جرى تحسينه من قبل وزارة العدل الحالية، وأضاف عليه نواب اللجنة تغييرات عديدة سعياً وراء إحداث توازن بين المسألتين الحقوقية والقانونية، بما لا يحدّ من عمل مؤسسات الدولة ومرونتها وسرعتها في التصدي للأعمال الإرهابية ولكنه لا يتعدى على حقوق المتهمين في المحاكمة العادلة، ولا يطلق يد المؤسسة الأمنية في مراحل التحقيقات والتنصت وغيرها، على حدّ تعبير المرسني.

وشهدت آخر جلسات اللجنة خلافاً بين بعض الأعضاء حول اعتبار التكفير والتحريض على التباغض والكراهية جريمة إرهابية. لكن جلسة الأربعاء التي تواصلت إلى غاية الرابعة فجراً تمكنت من تجاوز هذا الخلاف. وقالت المرسني إن الخلاف ليس على الأصل بل على الصياغة القانونية فقط، ولذلك أُجِّل إلى يوم الإثنين ليتم النظر في الصياغة النهائية لكل الفصول، على أن يحال المشروع كاملاً إلى مكتب المجلس.

ويسعى البرلمان إلى إنجاز مشروع يحقق التوازن بين فاعلية المؤسسات الأمنية في مكافحتها للتهديدات الإرهابية المتصاعدة، وبين ملاءمته مع القوانين الدولية وحماية حقوق المواطنين والمتهمين. وأكدت مقرر لجنة التشريع العام لـ"العربي الجديد" أن اللجنة قلّصت مثلاً من مدة التنصت على المواطنين من أربعة أشهر قابلة للتجديد (أي ثمانية أشهر في الإجمال) إلى شهرين فقط قابلة للتجديد وحصرها على المشتبه فيهم بجدية وليس على أي مشكوك فيه، وإقرار إعدام التسجيلات السمعية البصرية الناتجة من التتبع إذا نال المتهم حكماً بالبراءة، لأن هذا الفصل يستهدف الحياة الخاصة للمشتبه به وممن يكون على علاقة به داخل العائلة أو في الحياة العامة، وهي تمثل ضمانات للمواطن في مسألة التنصت من ناحية، وتمنع الابتزاز بهذه التسجيلات بعد انتهاء المحاكمة، خصوصاً بعد البراءة، من ناحية ثانية.

من جهة ثانية، كان القانون القديم موضوع جدل واسع بسبب مطلب الأمنيين والعسكريين بضرورة حمايتهم قانونياً من الملاحقة بسبب استخدام السلاح خلال المواجهات الإرهابية، وتقدمت المؤسسة العسكرية باقتراح فصل يحمي العسكريين من الملاحقة إذا وقع استعمال السلاح في المناطق الجغرافية المدنية، في حين كان القانون القديم يحيل العسكريين إلى المحاكمة بسبب ذلك. وأكدت المرسني أن هناك باباً كاملاً لآليات الحماية، يشمل الأمنيين والعسكريين وعائلاتهم والشهود والمبلغين عن الإرهابيين وعن الجرائم الإرهابية، مشيرة إلى أنه سيتم حماية الأمنيين والعسكريين من الملاحقة بسبب استخدمهم السلاح والقوة إذا كانت في إطار مهمات معلومة ومحددة.

وأضافت المرسني أن اللجنة انتهت كذلك من النظر في موضوع الهيئة العليا لمكافحة الاٍرهاب وتركيبتها التي تشمل خبراء أمنيين في مقاومة الاٍرهاب وممثلين عن إدارة الأمن والتحاليل الأمنية وفرق مقاومة الاٍرهاب والجمارك، ومختلف المؤسسات والهيئات المعنية بذلك مثل وزارة الشؤون الدينية والمرأة والشباب وغيرها، مشيرة إلى أن رئيس الهيئة سيكون خبيراً في مقاومة الاٍرهاب، وأن مرجعية الهيئة ستعود إلى رئاسة الحكومة، ويتولى رئيس الحكومة تعيين أعضائها.

وقالت إن الهيئة ستحظى بصلاحيات واسعة تصل إلى حد اتخاذ قرارات بتجميد أموال الضالعين في الجرائم الإرهابية ومتابعة تنفيذ تنفيذ القرارات الأممية بخصوص التنظيمات والأشخاص المطلوبين دولياً.

المساهمون