ارتدادات زلزال الربيع العربي

ارتدادات زلزال الربيع العربي

12 ابريل 2019
+ الخط -
كما يعرف في علوم الزلازل، هناك اهتزازات أرضية عقب كل زلزال، وهي تعرف بالارتجاجات المتتالية لسطح الأرض حيث تنتج من حركة الصفائح الصخرية في القشرة الأرضية. ويسمّى مركز الزلزال "البؤرة"، يتبع ذلك بارتدادات تدعى أمواجاً زلزالية، وهذا يعود إلى تكسر الصخور وإزاحتها بسبب تراكم إجهادات داخلية.
ويبدو من المشهد العربي في العقد الحالي أن الزلزال قد وقع بالفعل في العام 2011 في البؤرة، تونس، وتبعتها سلسلة من الزلازل في مصر واليمن وليبيا وسورية، والتي كانت نتيجة طبيعية لعقود من الكبت والإجهاد الداخلي للشعوب. ولكن يبدو أن زلزال الربيع العربي لم ينته بعد، وأن ارتداداته تضرب شعوبا أخرى ليست بعيدة من بؤرة الزلزال الأول، وأن ما يحدث في السودان والجزائر هو أحد تلك الارتدادات، فالثورة السودانية تبدو، منذ انطلاقاتها، واضحة المعالم، فهناك رئيس منذ ثلاثين عاما في سلطة قمعية لم تنتج للسودان (سلة الغذاء العربي) شيئا يذكر، ناهيك بتجزئة السودان والمجاعة والحروب الداخلية.
الرئيس السوداني الذي أتى عبر الدبابة إلى رأس السلطة، يؤكد الشباب السوداني أن محاولات الحوار مع نظامه لم تعد مجدية، وأن الشعب السوداني قرّر التغيير، فهو لا يملك شيئا ليخسره، وقد أوضح ذلك بجملة واحدة وهي "يسقط بس".
أما في الجزائر، والتي لا تزال تزيل الورم من جسدها رويدا رويدا، تقدّم لنا نموذجا سلميا لإرادة الشعوب في التغيير، وكأنها تقطف ثمار الصحوة العربية في زمان الربيع العربي، فالجميع هناك فهم الدرس وفهم ألاعيب الثورة المضادة، والتي لا تزال تدار في اليمن ومصر وليبيا. وأدرك جيش الجزائر أن مصيره معلّق بيد الشعوب، وليس في يد أمراء النفط والسلاح، فانحاز مع أصوات حناجر شباب الجزائر التي صدحت في عموم الجزائر بجملة واحدة "يتناحو قاع"، أي أن يتغيروا بالكامل، فلا مجال للمفاوضات مع شعب صبر عشرين عاما من أجل كرامته ورفاهيته، ولم ير سوى العصابة التي ابتعلت كل شيء.
وعلينا جميعا أن ندرك أن زلزال الربيع العربي، على الرغم من تبعاته، إلا أنه السبيل الوحيد للخروج من طوق الديكتاتوريات والأنظمة المستبدة إلى فجر الحرية والمساواة والدولة المدنية.
936052AB-488A-4614-B5D1-F9AF8D3778FD
936052AB-488A-4614-B5D1-F9AF8D3778FD
غمدان الزعيتري (اليمن)
غمدان الزعيتري (اليمن)