أوباما يعيّن سفيراً للاتفاق النووي وسط اتّساع دائرة الرفض


أوباما يعيّن سفيراً للاتفاق النووي وسط اتّساع دائرة الرفض


21 اغسطس 2015
لم تعول إدارة أوباما على منينديز (أندرو بورتن/getty)
+ الخط -
بعد أيام من الانشقاق "الديمقراطي" الثاني البارز في مجلس الشيوخ الأميركي، المتمثل بإعلان السيناتور عن ولاية نيوجرسي روبرت منينديز رفضه التسوية مع طهران حول مشروعها النووي، جاء ردّ إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما سريعاً بتسريب نيتها تعيين سفير جديد مهمته الوحيدة الإشراف على تنفيذ الاتفاق النووي مع إيران.

ولم تراهن إدارة أوباما كثيراً منذ البداية على منينديز، ولم تثق به، فهو يتخبّط في قضية فساد جعلته يخسر موقعه الرئيسي في لجنة العلاقات الخارجية لصالح السيناتور الأكثر اعتدالاً عن ولاية ماريلاند، بين كاردين. فيما لا تزال من جهتها، غاضبة من موقف السيناتور الديمقراطي تشاك شومر قبل أسبوعين، ليس لأنه رفض الاتفاق فحسب، بل لأنه اتصل بلائحة طويلة من أعضاء الكونغرس لحثهم على اتخاذ الخطوة ذاتها.

اقرأ أيضاً: معارك "كونية" في الكونغرس الأميركي لحسم مصير الاتفاق النووي

النكسة الثانية التي واجهتها إدارة أوباما قبل أيام كانت إعلان السيناتور "الجمهوري" عن ولاية أريزونا جيف فلايك، رفضه الاتفاق بعد تردد.

وكان رهان إدارة أوباما كبيراً على صوت فلايك لإظهار أن هناك صوتاً جمهورياً في الكونغرس يدعم القرار. أما الأصوات "الديمقراطية" فهي تخرج تدريجياً إلى العلن في دعمها للاتفاق، وستزيد الوتيرة بعد عطلة الشهر الحالي، والتي يتجنب عادة خلالها أعضاء الكونغرس الإعلان عن مواقف جدلية يمكنها أن تؤثر على العلاقة مع الناخبين في دوائرهم الانتخابية. لكن لا تزال هناك في المقابل أصوات بارزة متأرجحة بين "الديمقراطيين" في مجلس الشيوخ مثل زعيم الأقلية هاري ريد وكريس كونز وبوب كايسي، في وقت يحتاج فيه أوباما لضمان 34 صوتاً لمنع عرقلة الاتفاق. مع العلم أنه بعد إعلان السيناتور إيد ماركي دعمه، ارتفع عدد المؤيدين للاتفاق النووي إلى 25 من أصل 46 "ديمقراطياً" في مجلس الشيوخ.

وداخل مجلس النواب الأميركي، يحتاج أوباما إلى 146 صوتاً من أصل 188 نائباً "ديمقراطياً" ليضمن عدم عرقلة الاتفاق، وهنا يبقى دعم القاعدة الليبرالية قوياً ولا يتوقع أي مفاجآت.

من جهته، يتابع أوباما هذه المسألة خلال عطلته السنوية في ولاية ماساشوستس، حيث يستكمل إجراء الاتصالات الهاتفية بأعضاء الكونغرس من حزبه لضمان الأصوات التي تساعده على حسم المعركة. الحسابات حتى الساعة تشير إلى أن الحزب "الديمقراطي" لن يتمكن من عرقلة جلسة التصويت، وبالتالي سيصدر الكونغرس على الأرجح قراراً برفض الاتفاق الذي سيضع أوباما الفيتو عليه، لكن لن يحصل الحزب "الجمهوري"، في المقابل، على ثلثي أصوات الكونغرس لإلغاء مفاعيل هذا الفيتو. وقد أقر زعيم الأكثرية "الجمهورية" في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل بأن لدى أوباما "أرجحية كبيرة للنجاح".

وقبل أن يسلّم البيت الأبيض نسخة رسمية عن الاتفاق النووي إلى إيران، ذهبت إدارة أوباما بمشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي للتصديق على هذا الإجماع الأممي. وقبيل تصويت الكونغرس على الاتفاق في هذه الأيام، قرر البيت الأبيض تعيين سفير لمتابعة تنفيذه مع الشركاء الدوليين. في المقابل، تبدو خطة القيادات "الجمهورية" واللوبي الإسرائيلي في واشنطن تسليط الضوء على غياب الإجماع الأميركي حول الاتفاق، تلحقها خطوات تعرقل رفع الكونغرس العقوبات الأميركية على طهران، كما نص الاتفاق النووي.

وكشفت صحيفة "بوليتيكو" أن إدارة أوباما تنوي تعيين السفير الأميركي لدى بولندا، ستيفن مول، سفيراً للإشراف على تنفيذ الاتفاق النووي، على الرغم من عدم امتلاكه خبرة في شؤون الشرق الأوسط، إذ سبق أن عمل مول على تنسيق الجهود الدبلوماسية الأميركية حول إيران بين عامي 2008 و2010 إضافة إلى قضايا دولية أخرى. كما عمل لفترة قصيرة على شؤون مراقبة التسلح، لكنه ليس اسماً عريقاً في واشنطن.

ويفترض أن يتابع مول، على المدى الطويل، التفاصيل التقنية المعقدة لتنفيذ الاتفاق وإجراءات رفع العقوبات عن إيران، وهو ينهي الآن مهمته في وارسو. ويتوقع أن يعود إلى واشنطن نهاية الشهر الحالي. ولا يحتاج قرار تعيينه إلى موافقة الكونغرس. وسيقود مول فريق عمل يمثل وزارات رئيسية مثل الطاقة والمالية وغيرها من الوكالات الحكومية.

من جهته، أصدر كبير الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أنطوني كوردسمان تقريراً انتقد فيه "التشدد الإيديولوجي الحزبي الأميركي" حيال الاتفاق النووي مع إيران. ورأى أنه "من الواضح أن الاتفاق معقد وغير كامل، ومن شبه المؤكد أنه سيتطلّب جهوداً تفاوضية لتحديده وتوضيحه بشكل كامل، وسيكون على الأرجح مصدر خلاف دائر بين إيران والولايات المتحدة لسنوات مقبلة". واعتبر أن الحديث عن عقوبات أحادية أميركية على إيران، بغض النظر عن الاتفاق النووي، "مواقف انتخابية جيدة لمعارضي الاتفاق لكنها تتجاهل طبيعة العالم الحقيقي لاعتماد الولايات المتحدة الاقتصادي والتجاري على بلدان أخرى".

ووضع كوردسمان توصيات بتصرف الكونغرس لتجاوز الانقسام الحزبي، منها أن تعرض واشنطن على إسرائيل وحلفائها العرب "ضمانات أمنية أكثر رسمية" لبناء الثقة، منها فكرة "الردع الموسّع" التي اقترحتها وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.

 اقرأ أيضاً: آخر معارك أوباما: تسويق الاتفاق النووي داخليا

المساهمون