أنا أعمل.. إذاً أنا موجودة

أنا أعمل.. إذاً أنا موجودة

11 مارس 2016
تقدير مجتمعيّ لا يوازي الجهد المبذول (فرانس برس)
+ الخط -

تُسأل بعض النساء عن الإنجاز الأعظم الذي يمكن أن يحتفلن به في حياتهن. تجيب سحر أنّ إنجازها الأبرز سيكون حين تفتح ورشة عملها الفنية الخاصة. تفكر ميرا طويلاً. لم تعرف ما قد يكون إنجاز حياتها. تفكر في أهم إنجازات عملها السابق. يملأ الفخر عينيها وهي تتكلم عن نجاحاتها السابقة. تجيب ندى تلقائياً وهي تضحك أنّ الإنجاز الأبرز هو اتخاذها القرار بالزواج في أواخر الثلاثينات متراجعة عن قرارها بالاستقلالية.

الفكرة التي نحاول تسليط الضوء عليها تتلخص بالمقولة التالية: "ضعفا الجهد = نصف التقدير". تبذل معظم النساء جهداً إضافياً لإثبات ذاتهن في المجتمع. والنتيجة هي تقدير مجتمعيّ لا يوازي الجهد المبذول. وتكتمل الحلقة المفرغة حين يصبح التقدير الناقص نظرة ذاتية للنساء أنفسهن.

تعكس النماذج السابقة إذاً بعض ما تفكر به النساء لوصف الإنجاز الذي ربما يعكس قيمتهن لذاتهن. عادةً ما تكون قيمة الذات مبنية على من نكون وليس ما نعمل. هي إذاً تترجم نظرية محوّرة مفادها: "أنا أعمل.. إذاً أنا موجودة". العمل هنا ليس بمفهومه العادي من حيث هو انخراط في سوق العمل أو الأعمال المنزلية. العمل هنا هو بمفهوم مضاعفة الجهود من أجل إثبات الذات.

في اليوم العالمي للمرأة هذا العام وفي كلّ عام، تنطلق الدعوات للاحتفال بالإنجازات. تحكم الإيجابية هذا اليوم، وإن كان أيضاً محطة للتذكير ببعض القضايا التي يتوجب تسليط الضوء الإعلامي والرأي العام، عليها. لا يهم إذا كان هذا يحدث يوماً واحداً في السنة فقط. المهم أنه يحدث. في هذا اليوم، تبدأ بعض الجمعيات البحث عن "نيش" (حيّز) أثبتت فيه النساء تقدماً لتسليط الضوء عليه. تظهر فجأة سيدات الأعمال والنساء المحظيات، والسيدات اللواتي يحتللن مناصب عالية ليشاركن تجاربهن.

هؤلاء النساء لسن الأكثرية على كل حال. وبالتالي، الحالات الخاصة ليست موضوع البحث. لكن يبقى أنّهن يعطين انطباعاً لدى النساء الأخريات بضرورة العمل بشكل مضاعف أو ثلاثة أضعاف من أجل الحصول على ترقية أو منصب أعلى في سوق العمل. أو ربما يكون الأمر ببساطة أن تبحث بعض النساء عن هدف جديد بشكل مستمر لتحقيقه لتشعر بقيمة وجودها. وغالباً ما لا تشعر الكثير من النساء بأنهن أنجزن شيئاً ما، ولو حققن الهدف أو سلسلة الأهداف التي وضعوها.

قمة السخرية في هذه الحالة هو حين تُسأل إحداهن عن أبرز إنجاز في حياتها يمكن أن تحققه، لتقول إنّ حصولها على حق الجنسية لأطفالها وزوجها هو ذلك الإنجاز. حين يصبح الوصول إلى الحق "إنجازاً" يكون السيستم بشموليته قد حقق "هدفه".

*ناشطة نسوية

اقرأ أيضاً: نساء ضد حقوقهن

المساهمون