أمهات لسن بخير

أمهات لسن بخير

20 مارس 2015
عيد الأم لا يعني الجميع (فرانس برس)
+ الخط -

غداً ستنهال المعايدات على الأمهات. سيضجّ "فيسبوك" بستاتوسات التغني بهن. سينقلب "التايملاين" ليتحوّل إلى ألبوم صور عن "أجمل الأمهات". ستصدح أغنية "ست الحبايب" بصوت فايزة أحمد من الراديوهات و"يوتيوب". سيجيء الأطفال من المدارس ودور الحضانة ببطاقات معايدة صنعوها لأمهاتهم. وسيستشرس التجار ببيع منتوجاتهم للأمهات. ستمتلئ المنازل بالزهور والورود وقوالب الحلوى، وستشعر الأمهات بلحظة تقدير خلال هذا اليوم. سيبتسمن، فمعظم العالم العربي يحتفل غداً بعيدهن.

هناك على المقلب الثاني 114 ألف أم سورية (بحسب دراسة لمنظمة اليونيسيف ــ آذار 2015) قد وضعن مواليدهن خلال سنوات الأزمة السورية الأربع في بلدان اللجوء. 114 ألف أم لن يحتفلن بعيدهن. سيكنّ على الأرجح مشغولات بالتفكير بكيفية تأمين أبسط سبل العيش لأطفالهن. قد يعني لهن هذا اليوم ربما انتهاء موسم العواصف وأزمة الصقيع وهمّ التدفئة. سيمر هذا اليوم كغيره من الأيام، والشاغل الوحيد ربما: ماذا سأطعم أطفالي؟ وكيف سأؤمن لهم التعليم أو الحماية؟ قد لا يجدن الوقت للتفكير بمستقبل هؤلاء الأطفال، وكيف ولدوا كلاجئين، ومستقبل القلق الغامض الذي ينتظرهم. فمشاكل اليوم أكبر من هموم الغد.

هناك أيضاً على المقلب الثاني، 145 ألف أم سورية (بحسب دراسة لمفوضية اللاجئين السوريين ـ تموز 2014) يعنَيْن بشؤون أسرهن وحدهن. هؤلاء الأمهات الوحيدات، وإن عرفن بعيد الأم، فالأمر لن يعنيهن. هؤلاء الأمهات يعانين القلق والعزلة والضغط النفسي. من هؤلاء الأمهات من أرسلت أطفالها بدءاً من عمر 6 سنوات للاستجداء على الطرقات أو بيع الأغراض من أجل تأمين ثمن إيجار الشقة. ومن هؤلاء الأمهات من سعت لتزويج بناتها بعمر مبكر قد يصل إلى حد 12 سنة من أجل التخلص من عبء اقتصادي ولضمان تأمين "حماية" لهن. آخر ما يهم هؤلاء الأمهات هو مجيء عيد الأم "الميمون" لتذكيرهن بأنهن مقصرات بواجبات الأمومة وتقديم الحضن الدافئ لأولادهن وبناتهن.

وليس بعيداً عنهن الـ 13 ألف أم اللاتي يمتن سنوياً في المنطقة العربية بسبب مضاعفات الحمل والولادة. والأمهات أجمعين في معظم أو كل البلدان العربية اللواتي يعانين من تمييز قانوني مجحف في ما خص الأحوال الشخصية، لاسيما في ما خص الحضانة.
إذا كان لابد من احتفال بعيد الأم، فليكن من أجل تحسين وضع النساء والأمهات في البلدان العربية. لتلتزم الحكومات بتحسين الصحة الإنجابية والجنسية للنساء والفتيات، ورفع الظلم والتمييز عنهن في القوانين والممارسات. وإذا كان لابد من احتفال بالأمهات، فليكن ذلك بعيداً عن إهدائهن مكنسة كهربائية أو غسالة أوتوماتيكية أو "عاملة أجنبية".

المساهمون