"سرطان البحر" يكسر حصار الصيادين في غزة

"سرطان البحر" يكسر حصار الصيادين في غزة

19 سبتمبر 2017
الصيادون يستفيدون من موسم سرطان البحر لكسب الرزق(عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -

يجهز الفتى الفلسطيني أنس نسمان (16عامًا) شباكه في ساعات المساء، استعدادا لجولة جديدة من الصيد يخوضها بشكل شبه يومي في بحر غزة، تبدأ بعد منتصف الليل، يحاول من خلالها جمع أكبر كمية ممكنة من سرطان البحر، الذي يعتبر ضيفاً مميزاً على موائدهم خلال الفترة الحالية.

وتبدأ رحلة الفتى نسمان في تمام الثانية فجرا، عبر رمي ما يطلق عليه صيادي القطاع بالغزل "الشِباك" في البحر والانتظار لعدة ساعات، قبل أن يقوم بسحبها هو وباقي الصيادين، ومن ثم عرضها في الأسواق.

ويشكل سرطان البحر أو ما يسميه الغزيون "الجلمبات" وسيلة لكسب الرزق للصيادين وعوائلهم هذه الأيام، في ظل المعيقات الكبيرة التي تواجههم في عملهم بفعل تقليص الاحتلال مساحات الصيد، وعدم تمكنهم من الوصول إلى المسافات المناسبة لصيد الأسماك والتي يتجاوز تواجد بعضها مسافة 12 ميلا بحريا.

وتعرضت مهنة صيد الأسماك في قطاع غزة إلى انهيار كبير، خلال السنوات التي أعقبت حصار غزة في عام 2006، ليتراجع متوسط حجم الصيد السنوي إلى 800 طن سنوياً، انخفاضاً عن 5 آلاف طن سنوياً قبل فرض إسرائيل حصارها.

وتفرض إسرائيل حصاراً بحرياً على قطاع غزة، منذ 2007، وتسمح لهم بالصيد لمسافة تتراوح ما بين 6 - 9 أميال بحرية فقط. وحسب نقابة الصيادين الفلسطينيين، فإن نحو 4 آلاف صياد في غزة يعيلون أكثر من 50 ألف فرد تضرروا جراء ممارسات الاحتلال.

ويقول نسمان لـ "العربي الجديد" إنه ترك دراسته مبكراً، واتجه للعمل في مجال الصيد، من أجل توفير الاحتياجات الأساسية له وعائلته وكسب الرزق.

ويضيف أن إجمالي ثمن صندوق "الجلمبات" الذي يحتوي على 7 إلى 10 كيلو غرامات يقدر في بعض الأيام بما يتراوح بين 20 إلى 35 شيكل، في حين يتجاوز السعر هذه المستويات في بعض الأيام ويصل إلى ما بين 50 إلى 70 شيكل، (الدولار يعادل 3.52 شيكل).

ويوضح أن موسم صيد سرطان البحر يستمر لأكثر من 70 يوما، وعادة ما يبدأ في شهر يوليو/تموز إلا أنه خلال السنوات الأخيرة بدأ الموسم يتأخر بعض الشئ لأسابيع، وهناك إقبال على شرائه سنويا.

ويحرص نسمان على عرض هذه السلعة أمام المارة قرب منزله بمخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة، أملاً في بيعها جميعها في أقصر وقت ممكن من ساعات النهار.

ويعاني صيادو القطاع المحاصر من قبل الاحتلال الإسرائيلي للعام الحادي عشر على التوالي، من واقع اقتصادي ومعيشي صعب بحكم الملاحقات والاستهداف المتكرر لهم في عرض البحر، وعدم التزام الاحتلال بتفاهمات وقف إطلاق النار المتعددة والتي كفلت السماح لهم بالوصول إلى مسافة 12 ميل بحري.

ويقول الصياد، أحمد زيدان، إن هناك إقبالاً شديداً وملحوظاً من قبل الغزيين على شراء سرطان البحر بعكس المواسم والسنوات السابقة، وبالرغم من تأخر الموسم الحالي بحكم الظروف والأحوال الجوية، والتي تنعكس على الكائنات البحرية.

ويوضح زيدان أن صيد سرطان البحر يشكل فرصة حقيقة لكسب الرزق للصيادين، في ظل ما يعانوه من عدم القدرة على الدخول إلى مسافات بعيدة بحكم الحصار البحري.

ويشير إلى أن عملهم اليومي يبدأ قبيل ساعات الفجر عبر البدء برمي الشباك ثم الانتظار قبل أن يجري سحبها وإفراغها في صناديق بلاستيكية يطلق عليها اسم "بكسة" توضع خلالها كميات تتراوح من 7 إلى 10 كيلوغرامات تباع في الأسواق بأسعار متفاوتة.

ويلفت إلى أن الموسم يتأخر بشكل تدريجي سنوياً بحكم التغير المناخي الحاصل، ويستمر لأكثر من شهرين تقريبا، يلاحظ فيها توافر كميات كبيرة من سرطان البحر في أسواق غزة، خصوصا بعد انتشارها بشكل كبير على موائد الغزيين خلال الأعوام الأخيرة.

كان البنك الدولي، أشار في تقرير له في وقت سابق من سبتمبر/ أيلول الجاري، إلى أن رفع القيود التي يفرضها الاحتلال على الاقتصاد الفلسطيني، من شأنه زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 7% في المتوسط سنوياً. ويستند التقرير إلى دراسة أجراها، تتعلق بتوقعاته لسنوات مقبلة حتى 2025، في حال أزيلت القيود الحالية.

ويعاني سكان غزة من تردي الظروف المعيشية وتفاقم البطالة. ووفقًا لإحصائيات اللجنة الشعبية لكسر الحصار عن غزة فإن نحو 60% من العاطلين عن العمل في القطاع هم من الشباب، في الوقت الذي تعتمد أكثر من 80% من الأسر الفلسطينية على المساعدات الإغاثية الدولية.

وكان رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، جمال الخضري، قال في مؤتمر صحفي في مارس/آذار الماضي، إنّ الآثار الكارثية للحصار الإسرائيلي تتصاعد وتزداد، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال تتحمل مسؤولية الأوضاع الكارثية المتفاقمة، ولابد من ممارسة المجتمع الدولي ضغطا حقيقيا على إسرائيل لإنهاء هذا الوضع.

ويقدر متوسط دخل الفرد اليومي في القطاع بدولار أميركي واحد فقط، في الوقت الذي وصلت فيه نسبة الفقر لأكثر من 65% بين السكان، في حين تجاوز معدل انعدام الأمن الغذائي نسبة 72%.

وزادت معاناة الأسر في غزة مع أزمة الرواتب، التي تعرض لها موظفو السلطة الفلسطينية قبل أكثر من أربعة أشهر، إذ تم اقتطاع ما يصل إلى 30% من رواتبهم، الأمر الذي أدى إلى تراجع القدرات الشرائية وتضرر الأسواق.

المساهمون