"سردية الشتات الفلسطيني": كتابات الجيل الثاني

صدور "في الممر الأخير" لـ رامي أبو شهاب

18 مايو 2017
(يافا عام 1870)
+ الخط -
لا ينج الحفر في سرديات ما بعد الاستعمار من شِباك السياسة، فرغم أن النقّاد والباحثين في هذا المجال يحاولون تفكيك الرؤية الإستشراقية إلّا أن المصطلح في أساسه جرى استعارته من الغرب. تبدو الحالة الفلسطينية أكثر تعقيداً لعوامل عدّة؛ من أبرزها الإخفاق إلى حدّ كبير في صياغة مشروع تحرّر وطني، وحينها يصبح رفض الواقع واستيعابه من أجل التغيير مسارين متلازمين.

في كتابه "في الممر الأخير: سردية الشتات الفلسطيني - منظور ما بعد كولونيالي" الصادر مؤخّراً عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في عمّان، يناقش الباحث رامي أبو شهاب فرضيته من خلال الوقوف على الشّتات ضمن الأُطر المعرفية، حيث يستأنس بقواعد علم الاجتماع، وتنظيرات علمائه.

كما يختبر الشّتات من حيث الاشتراطات النصيّة والمعرفيّة ضمن سياقات المقاربة ما بعد الكولونيالية، وتشمل الصّدمة، والهويّة، والهجنة، والتشتيت، والإزاحة، والذّاكرة، واللغة، مع نماذج للكتابة الفلسطينيّة التي تتأسس على رواية الآباء أو الأسلاف من حيث تكوينها لأحكام تتصل بالشّتات والوعي به عبر ثلاثة من آباء الرّواية الفلسطينيّة، وهم إميل حبيبي، وغسان كنفاني، وجبرا إبراهيم جبرا، ويبحث في مجموعة من الرّوايات التي صدرت قُبيل توقيع اتفاقية أوسلو بوصفها مفصلاً حاسماً في تشكيل منظور جديد تجاه الشّتات، أو الكتابة الشّتاتية التي تُناط بالأحفاد.

في حديثه لـ" العربي الجديد"، يؤكّد أبو شهاب أن "الدافع وراء تأليف الكتاب قلّة المصادر العربية التي تؤسّس لخطاب الشتات لا بوصفه نتاجاً لغوياً فحسب، إنما بوصفه ممارسة"، ولهذا حاول أن يسدّ هذه الثغرة في الخطاب الثقافي الفلسطيني والعربي، على الرغم من عمق المأساة الفلسطينية خاصة، ومأساة الشتات عامة، التي تطال الكثير من المجاميع البشرية في العالم العربي.

ويرى صاحب "الرسيس والمخاتلة: خطاب ما بعد الكولونيالية في النقد العربي" أن خطاب الشتات يعدّ أهم روافد الخطاب الصهيوني، إضافة إلى سعة الدراسات وكثافتها لشعوب أخرى عانت من الشتات في حين أن الثقافة العربية لم تنتج الكثير في هذا المجال"، مشيراً إلى أن "العمل يبقى فعلاً اجتهادياً يتمثّل خطاب الشتات لدى ثقافات أخرى وأهمها كتابات روبين كوهين ووليم سافران".

يتناول المؤلّف عدداً من الرّوايات التي تنتمي إلى طيف الشّتات الفلسطيني باختلاف تموّجاته، وهي: "الميراث" لـ سحر خليفة، و"امرأة للفصول الخمسة" لـ ليلى الأطرش، و"طيور الحذر" لـ إبراهيم نصر الله، و"حليب التين" و"خلسة في كوبنهاجن" لـ سامية عيسى، و"الطّنطورية" لـ رضوى عاشور، و"السّيدة من تل أبيب" و"مصائر" لـ ربعي المدهون، و"قبل أن تنام الملكة" لـ حزامة حبايب، و"بينما ينام العالم" لـ سوزان أبو الهوى، و"غريب النهر" لـ جمال ناجي، و"6000 ميل" لـ محمد مهيب جبر، و"مجانين بيت لحم" لـ أسامة العيسة، و"موفيولا" لـ تيسير خلف.

يلفت صاحب "بناء الشّخصية الرّمزية في الرواية العربية في الأردن 1967-2003" إلى أن "القاسم المشترك بين هذه الأعمال أنها تنتمي إلى نموذج كتابات الجيل الثاني أو الأبناء الذين أدركوا الشتات بوصفه قدراً وهي مرحلة ممتدّة، حيث تتباين الكتابة بين هذه الأصوات تبعاً للتموضع الزمني كونها تقريباً صدرت قبيل أو بعيد اتفاقية "أوسلو"، فضلاً عن التكوين المكاني ومرجعية الشتات التي تشمل تقريباً مختلف أنماطه، من أجل الوقوف على التمايزات والتماثلات الخطابية، وقياسها بكتابة الآباء".

دلالات

المساهمون