"داعش" يقترب من طريق حمص ـ دمشق

"داعش" يقترب من طريق حمص ـ دمشق

09 اغسطس 2015
يتهم "الائتلاف" المعارض قوات النظام بـ"السماح لداعش بالتغلغل" (الأناضول)
+ الخط -
يستعدّ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، لشنّ هجوم على بلدة صدد، في ريف حمص، ذات الغالبية المسيحية، وهي آخر بلدة لجهة الغرب، قبل الوصول الى طريق عام دمشق ـ حمص الدولي. ويتزامن حراكه الجديد مع جهوده للسيطرة على بلدة مهين، الواقعة شرقي صدد، والتي تضمّ أحد أكبر مستودعات الأسلحة لدى النظام السوري.

وإذا كانت قضية اختطاف التنظيم لعائلات مسيحية في مدينة القريتين، التي استولى عليها يوم الأربعاء، قد حازت على الاهتمام الإعلامي، فإن أهداف "داعش" من هذه التحركات، تبدو أبعد من ذلك، كما يرى الناشط الإعلامي أبو محمد الحمصي.

وقال الحمصي لـ"العربي الجديد"، إن "داعش حاول بداية التقدم باتجاه بلدة مهين التي تضم مستودعات الأسلحة، لكنه وبالنظر إلى الموقع المُشرف لمستودعات التسليح وارتفاعها عن محيطها، واجه صعوبة في ذلك وحوّل اهتمامه إلى بلدة صدد، مستبقاً وصوله إليها باختطافه عائلات مسيحية في القريتين، بغية التأثير على معنويات أهالي صدد ودفعهم للنزوح. فضلاً عن التأثير على معنويات قوات النظام في بلدة مهين، بحيث سيتواجدون بين فكّي كماشة التنظيم في حال سيطرته على بلدة صدد. مع العلم أن النظام تفادى نشر عناصره داخل مهين لخشيته من تسلل عناصر التنظيم إليها والاستفراد بعناصره هناك، وفضّل الدفاع عن البلدة من مستودعات الأسلحة المشرفة على المنطقة". وتكمن أهمية مهين في وجود المستودعات العسكرية الضخمة ومطار الشعيرات العسكري، بالإضافة لوقوعها على طريق حمص ـ دمشق الدولي، ما يجعل التنظيم على مشارف مدن دير عطية، والنبك، وقارة في القلمون. وتتألف مستودعات مهين من 32 مستودعاً تضمّ آلاف الأطنان من الأسلحة والذخائر من كافة الأنواع الخفيفة والمتوسطة والثقيلة.

اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يرحب بالقرار الأممي الخاص بهجمات "الكيماوي" بسورية

وكانت "الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان"، قد ذكرت أن "داعش يستعدّ لشنّ هجوم واسع على صدد لقربها من مطار الشعيرات من جهة، وبهدف السيطرة على آبار الغاز الموجودة فيها من جهة أخرى". وأشارت الشبكة إلى أن "نحو 5000 عائلة مسيحية من السريان الآشوريين في صدد، بدأت تشعر بالقلق والخوف، وبدأ العديد منها بالنزوح باتجاه حمص ودمشق". وأضافت أن "الأهالي ورجال الدين أطلقوا مناشدات للتدخل الفوريّ لوقف الهجوم المحتمل على البلدة، تحديداً بعد سيطرة التنظيم على بلدات الحدث وحوارين ومهين التي تبعد 10 كيلومترات عن بلدتهم". ولفتت الشبكة إلى أن "التنظيم احتجز عقب هجومه على القريتين، عشرات العائلات من أبناء البلدة، بينهم مسيحيون، وسط أنباء غير مؤكدة عن تنفيذ حكم الإعدام ببعض هؤلاء المحتجزين".

وكان التنظيم سيطر على القريتين بعد اشتباكات مع قوات النظام، ما أدى إلى نزوح عدد كبير من سكانها، بينهم حوالي 1400 عائلة من السريان الآشوريين، توجهوا نحو بلدتي زيدل وصدد، فيما توجهت عائلات أخرى نحو بلدة الفرقلس وحمص ودمشق. وشهدت القريتين إضافة إلى قريتيّ حوارين والحدث حركة نزوح كبيرة إثر الدمار الواسع الذي طال تلك المناطق بسبب الاشتباكات والقصف، إضافة إلى انقطاع الاتصالات والمواد الغذائية والطبية.

وأعلن "داعش" سيطرته على قرى الغنثر (19 كيلومتراً شمال مهين)، والحدث (9 كيلومترات شمال مهين)، وحوارين (كيلومترين شمال مهين). وكشف أنه "استحوذ في القريتين على 10 دبابات من طراز تي 72، إضافة إلى صواريخ مضادة للطيران، وصواريخ حرارية من طراز كورنيت". كما أعلن أنه "قتل 40 عنصراً لقوات النظام، خلال الأيام الماضية، بعد عثور عناصره عليهم خلال عمليات تمشيط للتلال في محيط القريتين".

من جهته، شنّ طيران النظام عشرات الغارات الجوية على القريتين، وقرى الغنثر، والحدث، وحوارين، ومحيط مهين في محاولة لوقف تقدم التنظيم، ما دفع السكان للنزوح عن المنطقة باتجاه الرقة والقلمون، خوفاً من انتقام النظام كما حدث في مدينة تدمر بعد سيطرة التنظيم عليها.

وقد أطلق ناشطون في حمص نداءات إنسانية لحماية المدنيين من انتقام قوات النظام، بعد اتهام وسائل إعلامية تابعة للنظام أهالي القريتين بتسهيل دخول التنظيم للمدينة، لتبرير القصف العشوائي المكثف على المدينة.
ومع سريان الشائعات بأن "داعش يتقدم باتجاه حمص"، يسود استنفار في أحياء النظام الموالية مثل الزهرة والأرمن والمهاجرين والعباسية والزهراء في حمص، مع محاولة قوات النظام للحشد باتجاه القرى الشرقية، وسط حالة من الفوضى وخلو الشوارع من الأهالي.

من جهته، اتهم "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" السورية النظام بـ"المساهمة في تسهيل عملية اختطاف تنظيم الدولة للعشرات من العائلات السورية السريانية من القريتين". ووصف سيطرة "داعش" على البلدة بـ"الوهمية، لأن قوات النظام انسحبت من المنطقة وتركت الأهالي لمصيرهم، في سيناريو أقرب لسيناريو تسليم مدينة تدمر"، بحسب تصريح الأمين العام لـ"الائتلاف" محمد يحيى مكتبي.

واعتبر مكتبي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "قوات النظام سهّلت تقدّم تنظيم الدولة، وتحديداً في المناطق ذات التنوّع الطائفي والعرقي، لاستغلاله سياسياً، إلا أن هذا التقدم بنفس الوقت يؤكد أن الأسد لم يعد قادراً حتى على حماية الأراضي التي يسيطر عليها".

اقرأ أيضاً: الائتلاف السوري يتلمّس تغييراً روسياً... وينتظر ترجمته