"تيكا" التركية ترمّم مسجد "كتشاوة" العثماني في الجزائر

"تيكا" التركية ترمّم مسجد "كتشاوة" العثماني في الجزائر

21 يونيو 2014
مسجد كتشاوة (Getty)
+ الخط -

اتفقت وزارة السكن والعمران والمدينة ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف مع مؤسسة "تيكا" التركية على الشروع في "القريب العاجل" في أشغال إعادة تأهيل وترميم مسجد كتشاوة في الجزائر. وذلك بعدما ظلّ مشروع الترميم حبيس قرارات المسؤولين منذ الإعلان عنه قبل سنتين.

بُني مسجد "كتشاوة" في قلب العاصمة الجزائرية القديمة العام 1021 هجري، الموافق 1792 ميلادي، أي في الفترة العثمانية. وهو تحفة معمارية فريدة وأحد المعالم التاريخية الراسخة في الجزائر، وأقدمها في الحيّ العتيق "القصبة".

سُمّيَ "كتشاوة" نسبة إلى السوق التي كانت تقام في الساحة المجاورة للمسجد، وبات اسمها حاليا "ساحة الشهداء". وكان الأتراك يطلقون عليها اسم "سوق الماعز". فكلمة "كتشاوة" بالتركية هي مزيج من keçi وتعني ساحة، و CHAVA تعني عنزة.

يتميّز مسجد كتشاوة بطابع عمراني عربي وإسلامي أضفت عليه مسحةً جمالية خاصة نقوشٌ تكسو جدرانه الخارجية المقابلة للواجهة البحرية لساحة الشهداء. ويتمتّع المسجد بمكانة خاصّة في قلوب الجزائريين. لكنّه بعد الاحتلال الفرنسي للجزائر العام 1830 تحوّل إلى كنيسة على يد القائد الأعلى للقوات الفرنسية الجنرال الدوق دوروفيغو، الذي كان تحت إمرة قائد الحملة الفرنسية الاستعمارية ''دوبونياك''. فأخرج المصاحف منه إلى ساحة الماعز المجاورة، التي صارت تحمل لاحقا اسم "ساحة الشهداء"، وأحرقها كلّها. ويُروَى أنّه كان مشهداً يشبه مشهد إحراق هولاكو الكتب في بغداد عندما اجتاحها·

وحوّله الجنرال روفيغو بعد ذلك إلى اسطبل، بعدما قتل أكثر من 4 آلاف مسلم كانوا اعتصموا داخله احتجاجا على قرار تحويله إلى كنيسة. ثم هدم جزءاً منه في 18 ديسمبر/كانون الأول 1832. فالقرار القاضي بهدمه لم يمسّ إلا الواجهة الأمامية من المسجد وبقي محافظا على طابعه العمراني والهندسة التي تميّز العمارة العثمانية، وتحوّل إلى كاتدرائية "سانت فيليب". وصلّى المسيحيون فيه للمرّة الأولى ليلة عيد الميلاد 24 ديسمبر/كانون الأوّل 1832. فبعثت الملكة إميلي، زوجة لويس فيليب، هداياها الثمينة إلى الكنيسة الجديدة. أما الملك فأرسل الستائر الفاخرة. وبعث البابا غريغور السادس عشر تماثيل قدّيسين.

وبعد استقلال الجزائر أعاده الجزائريون إلى أصله مسجداً. وكانت صلاة الجمعة الأولى فيه بعد 100 عام من تحويله إلى كنيسة. وألقى العلامة الجزائري الشهير، أحد مؤسسي جمعية "العلماء المسلمين الجزائريين"، البشير الإبراهيمي، خطبته الأولى فيه. وهي خطبة نُقلت مباشرة على أمواج أثير الإذاعة الجزائرية.

ونظرا إلى تآكل جدران المسجد واهتراء أرضيته وإهمال السلطات المعنية له، خرجت مناشدات كثيرة للقائمين على رأس الهيئات الأثرية والباحثين والأنثروبولوجيين بضرورة الإسراع في حماية هذا المعلم الأثري الجزائري، الجزء من هويّتها وانتمائها الحضاري.

ولا يزال المسجد يحافظ على تاريخه ويصارع تقلّبات الزمن، على الواجهة البحرية للعاصمة الجزائرية. فالداخل إلى حيّ القصبة العتيقة يتراءى له من بعيد المسجد، متوسّطا ساحة الشهداء، وهي باتت اليوم سوقا تجارية مفتوحة على المنتوجات المحلية الصنع.

 

 

المساهمون