"برج العرب" في مصر.. إطلاق سراح الجثث

"برج العرب" في مصر.. إطلاق سراح الجثث

19 نوفمبر 2016
(من السجون المصرية، تصوير: خالد دوسقي)
+ الخط -

ليس غريبًا أن يموت المعتقلون السياسيون في مصر دون سبب يذكر، وتُرسل هيئة السجون جثثًا عليها آثار تعذيب، وتفجع الأسر في أبنائها المعتقلين السياسيين حصرًا. والذين يقضون في حوادث ما زالت تتكرّر رغم احتجاجات أهالي السجناء.

شهد مؤخّرًا سجن "برج العرب" بمحافظة الإسكندرية "جرائم" جديدة، كما وصفها أهالي المعتقلين الذين اعتصموا للمطالبة بالحفاظ على حياة أبنائهم، مرفقين بتغطية وسائل إعلامية.

تبدأ القصّة بالاعتداء على أحد المعتقلين في "عنبر الإعدامات" من قبل إدارة السجن، فيهتف المعتقلون ضدّ الاعتداءات المستمرة والعنف الممارس عليهم، ويصدر قرار من طرف إدارة السجن في ثاني أيّام الحادثة، بمنع الزيارات وتأجيل حضور المعتقلين لجلساتهم وإبقائهم في الزنزانات.


الضابط عمرو
ضابط في سجن "برج العرب" يدعى عمرو عمر، اعتدى مع مجموعة من العساكر على "عنبر 12"، أحد العنابر السياسية، وخلف إصابات وكسورا بين المعتقلين، وتكرّر الأمر في العنابر الأخرى، ووصل الأمر إلى إلقاء غاز مسيل للدموع داخل الزنزانات.

علم الأهالي ما يحدث لأبنائهم المعتقلين، فاتّخذوا تدابيرهم للحفاظ على حياة أبنائهم بالاعتصام السلمي أمام السجن والهتاف ليطمئنوا بالداخل، بعدها حضرت أعداد من سيارات الترحيلات، لنقل المعتقلين إلى سجون أخرى، وهو ما يعرف بالتغريبة، وجرّدوا المعتقلين من ممتلكاتهم الشخصية المتمثلة في الملابس والأفرشة.

تطابقت رواية تسنيم جمال إمام، ابنة أحد المعتقلين داخل سجن "برج العرب" محكوم عليه بـ 40 سنة سجنًا، مع روايات تحدثت عن اعتداء الضابط عمرو عمر على معتقلي"عنبر الإعدامات"، حيث أصّر الضابط أن يُخرج المعتقلين في مواعيد الزيارة مقيّدين كنوع من الإهانة أمام أهاليهم، فبدأ المعتقلون بالهتاف والضرب على قضبان الزنزانات، فقطعت إدارة السجن الكهرباء والماء عنهم لمدّة ثلاثة أيّام، فأضرب المعتقلون عن الزيارة، وبدأ الأهالي بالتصعيد الإعلامي احتجاجًا على ما يحدث داخل السجن، وكان الردّ، هو تعرّض أبنائهم لسلسلة اعتداءات أخرى والشروع في ترحيلهم.

تضيف تسنيم: "رأينا تعزيزات أمنية تدخل للسجن، وشاحنة قمامة تخرج بها أغراض المساجين، ولم نسمع أي خبر عن والدي إلا بعد أربعة أيّام من الأحداث، بعد أن رُحّل إلى سجن وادي النطرون".


من أنتم؟
الشاب معاذ صالح عبد العزيز (24 سنة)، فقد ذاكرته داخل السجن، حيث أنه لم يتعرّف على أهله أثناء الزيارة ولا على شقيقه التوأم المسجون معه، وأثناء موعد الزيارة في سجن جمصة في محافظة الدقهلية الذي نُقل إليه بعد "أحداث البرج"، يروي والده صالح عبد العزيز تفاصيل هذا الحادث، بداية من اعتقال ولديه معاذ ومصعب منذ ثلاث سنوات، على ذمة قضايا ملفقة لهم، وتم حبسهم في سجن برج العرب، وبعد تصاعد الأحداث الأخيرة تم تغريبهم في سجن جمصة.

يقول والد معاذ: "لم يتعرّف ابني أثناء الزيارة، إلى أحد من أهله الحاضرين، والده ووالدته وأخته، وكان يقول لنا من أنتم؟".

وذكر عبد العزيز، أن آثار الاعتداء والضرب، كانتا باديتين على وجهه ورأسه، مرجّحًا تعرض ابنه للضرب على رأسه ما أدى إلى فقدان ذاكرته، مؤكدًا أن وضعه في السجن سيؤدي إلى تدهور حالته الصحية.

ويروي والد معاذ، أنه رأى في الزيارة شبابًا تعرّضوا لحروق على الوجه ومناطق متفرقة من أجسادهم، نتيجة إلقاء مواد حارقة عليهم في الزنزانات، وأثناء رحلة الترحيل، كانوا بدون ملابس إلا القليل منهم فقط، وكانوا حفاةً ومكممين ومعصوبي الأعين".

وناشد المتحدّث، منظمات حقوق الإنسان بالتحرك لإنقاذ المساجين، مضيفًا أنه سيتوجّه ببلاغ للنائب العام ومنظمات حقوق الإنسان لطلب النجدة، موجهًا خطابه للمسؤولين القائمين على السجون ووزارة الداخلية: "هل بعد كل هذا الظلم تتوقّعون الاستمرار، اعلموا أن الشباب لن ييأس في استعادة حقه".


هاشتاغ الجريمة
انتقل تصعيد الأهالي من الاحتجاج أمام أبواب السجون، إلى فضح ممارسات إدارة السجون على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قاموا بإطلاق هاشتاغ #جريمة_برج_العرب، ونشروا شهاداتهم عن الحادثة، وما وجدوا عليه أبناءهم أثناء زيارة السجون.

شقيقة أحد المعتقلين، قالت إن المعتقلين يتعرّضون للضرب المبرح، وأن كثيرا منهم تعرضّوا لكسور وجروح بالغة، وكسور على مستوى الأسنان، أو حروق تحتاج إلى تدخّل طبي. مضيفة أن المساجين سرّبوا رسائل مع زملائهم المرحّلين منهم، طالبوا فيها أهاليهم بالاعتصام أمام السجن حتى لا تتم تصفيتهم في ظروف غامضة.

وروت زوجة معتقل أثناء الزيارة، أن زوجها كانت تظهر عليه آثار حروق، وقال لها إن المعتقلين يموتون داخل السجن، وإن هناك إصابات بالغة بقيت دون علاج، كما تعرض السجناء للتجويع منذ أربعة أيّام، وقاموا بإحراق ملابسهم، وكل من يخرج إلى الزيارة يتعرض بعد الزيارة إلى الضرب المبرح، وصب الماء المغلي على السجناء، ونقلت عنه زوجته مطالبته بالتصعيد الإعلامي، قبل أن يتعرّضوا للتصفية.

المساهمون