وشهدت منطقة القلمون سلسلة من الانتصارات لـ"النصرة" ومقاتلي المعارضة على حساب النظام و"حزب الله"، كان آخرها السيطرة على تلة الثلاجة، والتي تكشف مسافات طويلة لمواقع قوات النظام والحزب، ويسمح بالتقدم باتجاه بلدة فليطة.
ويأتي إعلان "النصرة" من أنها ستبدأ خلال أيام حملتها العسكرية لتحرير قرى منطقة القلمون السورية الحدودية، وربطها مشاركة "حزب الله" في القتال ضد الجبهة بقتل الأسرى العسكريين اللبنانيين الشيعة لديها، كخطة استباقية لما كشفه تصريح سابق لقائد بارز في الجبهة عن تحضير "حزب الله" لهجوم كبير ضد الجبهة، وتحرير العسكريين اللبنانيين الأسرى بـ"القوة".
وفي حال قررت "جبهة النصرة" التنسيق مع مقاتلي "الجيش الحر" و"فصائل إسلامية" أخرى، فإنه من المحتمل أن تتجه بعيداً في معركتها، خصوصاً أن المنطقة شهدت سلسلة من التوحد لفصائل المعارضة، كـ"جيش أسود الشرقية"، وهو تجمّع لمقاتلين عادوا من دير الزور، وقرروا مواصلة المعركة ضد قوات النظام، و"جيش القلمون" من أبناء المنطقة، وتجمع "القلمون الغربي"، والذي أعلن أنه يهدف إلى تنسيق الأعمال العسكرية بين الفصائل المقاتلة في منطقة القلمون.
وتشير تحضيرات "جبهة النصرة" و"حزب الله" إلى حرب واسعة بين الطرفين، خصوصاً أن الأولى بعثت برسائل لأبناء الطائفة الشيعية قالت فيها "إننا نعلمكم أن حملتنا العسكرية من أجل تحرير قرى القلمون ستبدأ في الأيام المقبلة، وأن أي تواجد لأبنائكم في صفوف عدونا، فمعنى ذلك أنكم قضيتم حتف أبنائكم الذين بين أيدينا وقد أعذر من أنذر".
كما تتجه المعركة أيضاً ضد "نصارى لبنان"، خصوصاً أن المعتقلين الخمسة الذين أفرجت عنهم "النصرة" من السنة، وحذرت الأخيرة من أنه قد جرى دفع المسيحيين إليها من قبل الحزب، متوجهين إليهم بالقول "إلى عقلاء النصارى انزعوا شرارة الحرب التي يريد التيار الوطني الحر جركم إليها"، في إشارة الى التيار السياسي الذي يتزعمه النائب ميشال عون حليف "حزب الله" في فريق "8 آذار" المؤيد لنظام بشار الأسد.
وفي هذا السياق، يرى الناشط الإعلامي، تيم القلمون، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "جبهة النصرة غير قادرة وحدها على هذه المعركة". وأوضح أن "نسبة عدد مقاتلي النصرة لا يتجاوز 10 في المائة، من ثوار جرود القلمون".
التوزع الجغرافي
سيطرت قوات النظام المدعومة بمقاتلي "حزب الله" على غالبية منطقة القلمون منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، في مقابل ذلك، لجأ العديد من مقاتلي المعارضة إلى التحصن في الجبال والمغاور الطبيعية شمال دمشق، والتي تمتد على عشرات الكيلومترات على الحدود مع لبنان.
وبعد اشتعال الحرب بين "جبهة النصرة" و"داعش" من جهة، ومقاتلي "حزب الله" والجيش اللبناني من جهة أخرى، في مدينة عرسال على الحدود السورية اللبنانية، انسحب مقاتلو "النصرة" و"داعش" مرة جديدة إلى جرود القلمون، لتنتقل المعركة إلى قوات النظام بمساندة "حزب الله"، وأعلنت القلمون منطقة عسكرية، وفرض حظر تجول، حتى إشعار جديد من القيادة العسكرية.
وتمترست "جبهة النصرة" ومقاتلو "داعش" على مسافة كيلومتر واحد فقط من تلال القلمون حتى جرود عرسال، ما يقارب 25 كيلومتراً عرضاً، و40 كيلومتراً طولاً، في حين توزع الجيش النظامي السوري و"حزب الله" في طوق من التلال المحيطة بالمدن والقرى القلمونية الحدودية، مع سيطرة على معظم مدن القلمون كيبرود ودير عطية، والنبك، بينما شهدت الزبداني معارك كر وفر بين الطرفين.