"الجبن الأبيض" سفير بلغاريا إلى العالم

"الجبن الأبيض" سفير بلغاريا إلى العالم

20 ابريل 2015
فوائد عديدة وطعم شهي (Getty)
+ الخط -

يتميّز الجبن الأبيض، أو الـ"سيرنه" البلغاري، بطراوته الهشّة ومذاقه اللذيذ، الذي يجمع بين الملوحة والحموضة الخفيفتين. ويُعتبر من أعرق الصناعات الغذائية التقليدية في بلغاريا، وأحد المكونات الأساسية في المطبخ البلغاري منذ العصور القديمة حتى اليوم، وخصوصاً في المأكولات الشهية، وأشهرها "البانيتسا" و"الشوبسكا سلاتا".

ويُقصد بالـ"سيرِنه"، الجبن الذي يُحضّر بالوصفة التقليدية من الحليب الطازج الكامل الدسم، المستخرج من البقر أو الغنم أو الماعز، وأحياناً خليط منها. وبحسب الوصفة، فإنّ إنتاج كيلوغرام من الجبن، يتطلب من خمس إلى ست ليترات من الحليب، تُضاف إليها المنفحة (أنزيم الكيموسين)، ما يؤدي إلى تخثر البروتين، والحصول على كتلة طرية، تُسمى "سيرِنينا"، يتم فصلها عنه.

تُصفّى الـ"سيرِنينا"، وتُقطّع وتوضع في قوالب، وتُحفظ بالمياه المالحة لمدة تراوح بين 30 إلى 45 يوماً، في درجة حرارة بين 10 و12 درجة مئوية، وهو ما يكسب الجبن طراوته ومذاقه الطيب، ولا يسمح للبكتيريا الهوائية بالنمو والتكاثر. وبما أنّ بلغاريا ليست من البلدان الحارة، فإنّ عملية التجبين لا تحتاج إلى الكثير من الملح.

للجبن الأبيض تاريخ طويل يتزامن مع قيام الدولة البلغارية عام 681، ويرتبط بمؤسسها الأوّل خان أسباروخ، ويُعتقد أن اكتشاف طريقة تحضيره تمت بالصدفة. إذ تقول الرواية إنّ فرسان أسباروخ اعتادوا أثناء رحلاتهم على حمل الحليب في قرب جلدية، كانوا يعلّقونها على سروج أحصنتهم. وفي إحدى الرحلات الطويلة، تخثّر الحليب وتخمّر، وتغيّر طعمه، ليتحوّل هذا التخمّر الطبيعي إلى مهنة. وبفضل خصائص الجبنة الغذائية، أصبح من الوجبات الأساسية لدى البلغار، وشهد عدة تطورات.

ارتبط التجبين في البداية بضرورة حفظ حليب المواشي لمدة طويلة، لا سيما الأغنام منها، المتكاثرة في منطقة تراقيا. وعلى الأرجح كان الرعاة والبدو الرحّل هم من يتولون إنتاج الجبن الأبيض. أما في القرون الوسطى، فقد أصبحت الأديرة هي المركز الأساسي لإنتاج الأجبان، ثم انتقل إلى المزارع في الأرياف، ولكن بكميات قليلة حتى منتصف القرن التاسع عشر، حين استطاع هانسن، عام 1870، إنتاج المنفحة التجارية وعرضها في الأسواق، ما ساعد على حلّ الكثير من مشاكل صناعة الجبن. ثم قام لويس باستور عام 1900، باكتشاف طريقة البسترة، وأصبح بالإمكان معالجة الحليب بالحرارة، والتخلص من الميكروبات الضارة، وإنتاج كميات كبيرة من الجبنة بلا خوف من فسادها.

بعد الحرب العالمية الثانية، افتُتحت معامل خاصة بصناعة الأجبان في بلغاريا، وبدأ تصديرها إلى الخارج، لا سيما إلى الاتحاد السوفييتي والدول العربية. عام 1989، انخفض الإنتاج بسبب تغيير المصنّعين، وتقنيات التصنيع التي تخطوها في بداية الألفية الثالثة، إذ أصحبت صادرات الأجبان أعلى بحوالي ثماني مرات من الواردات عام 2006، وكانت الولايات المتحدة أولى الدول المستوردة.


اقرأ أيضا:
ولائم العزاء في مصر.. ضيافة ورحمة ونور
"سمنو": حلوى ربيع الإيرانيين ونذور عامهم الجديد
المطبخ السوداني ابن بيئته ومرآتها

دلالات

المساهمون