مرّ العام 2019 على الجزائر كما لم يمر أي عام، ولم تكن السلطة تدرك أنّ المؤشرات التي سبقت بداية 2019، كانت تلوح بعام الثورة والحراك الشعبي الذي سيُسقط نظام حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ويدفع برموز حكمه إلى السجن.
بعد أشهر من الحراك الشعبي في الجزائر، تبدو السلطةُ وقد نجحت في تحويل الأنظار عن مطالب الجزائريّين إلى قضايا خلافية تتعلّق باللغة والثقافة والهوية والتاريخ، تُساندها في ذلك ترسانةٌ إعلاميةٌ تتحدّث فيها الصحافة الحكومية والخاصة على لسان رجُلٍ واحد.
يطوي قائد الجيش الجزائري، أحمد قايد صالح، برحيله المفاجئ، أمس الإثنين، صفحة من تاريخ بلده، كانت آخر سطورها انتفاضة 2019، والتي يُسجل له عدم استغلالها لتسلم السلطة، ومنع سقوط أي قتيل مدني.
كان الخميس الماضي آخر ظهور لقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، حين جرى توسيمه بوسام برتبة صدر من مصفّ الاستحقاق الوطني، من قبل الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون.
للمرة الأولى يشاهد الجزائريون رئيس الجمهورية في نشاط ميداني يتجول ويتحدث إلى فاعلين قطاعيين، خلال تدشين الرئيس الجديد عبد المجيد تبون معرض الاقتصاد الوطني، منذ آخر نشاط ميداني قام به الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في ديسمبر/كانون الأول 2012.
لم تمنع الوعود التي قطعها الرئيس الجزائري المنتخب قبل أسبوع، عبد المجيد تبون، خروج المواطنين الجزائريين الرافضين للانتخابات في مسيرات كبرى عبر كل من العاصمة الجزائرية وعدة ولايات.
أدّى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم الخميس، اليمين الدستورية أمام رئيس المحكمة العليا والمجلس الدستوري، حيث مُنح وسام الاستحقاق الوطني، وهو تقليد معمول به مع كل الرؤساء في الجزائر خلال تسلّمهم للسلطة.
إذا كان الحراك الشعبي في الجزائر قد نجح في الحفاظ على سلمية التعبئة طوال الأشهر المنصرمة، فإن الدولة العميقة نجحت، على الأقل الآن، في تدوير النظام القائم، بعد أن تخلصت من الوجوه التي كانت تثير غضب فئات واسعة من الشارع.
ليس ممكناً فصل الانتخابات الرئاسية الجزائرية التي جرت في 12 ديسمبر/كانون الأول الحالي، عن سياق طويل ومسار ملتحم من المحطات السياسية والمفصلية في التاريخ السياسي للجزائر.