بتحديقتيْن أكتشف تضاريس اللامرئي

بتحديقتيْن أكتشف تضاريس اللامرئي

23 نوفمبر 2016
("كوميديا"، بول كلي)
+ الخط -
قفص

عندما مات الشاعر المتشرّد، افتقد كلبُهُ إيقاعَ الحياة المعهود. استوحش الكلبُ وضلّ في الطرقات، يبحث عن نبيذ الصباح الرخيص، وعن إيقاع جديد لنباحِهِ الغريب. عثرت البلدية به فأعطته إيقاعه بعد أسبوع.

تطوّر

يخرج تشافي في غبش المساء من باب الشركة، مُيمّماً نحو محطة المترو في "ساحة إسبانيا". خطواته اليوم ثقيلة وذهنه متبلّد.
يجلس لصق سيدة مُسبَلة الجفنيْن، وينظر ـ كالعادة ـ في المساحة بين قدميه. بعد دقائق يسترق نظرة طويلة لسبعة رجال من حولِه، فيجدهم مشغولين بالموبايل.
يفكر ويبتسم بحرج، لأنّ أحدهم ربما يراه الآن. تتسع الابتسامة، رغماً عنه، ويتّسع الحرج.
أخيراً ينفجر بالضحك، فيقوم مهرولاً حتى أول عربة، حيث السائق.
ربع ساعة وينزل.
الضحك يتبخّر تماماً، وتبقى الفكرة:
كنا بصفر خصية أيامَ وحيد الخصية*، والآن بثلاث.

*الإشارة إلى فرانكو

سوبر ميركادو

كلبان في انتظار صاحبهما على الباب. الشراة يدخلون ويخرجون، وينعس المتسوّل.

زوجان

اذهبي للجحيم. وذهبت هي للنوم، وبقي هو ينتظر.

تضاريس

حدّقتْ مونسرّات أبايو مرتين وهي جالسة في الصالة. في الأولى، لم تر الكنبة والتلفزيون وصور الأحفاد. في الثانية، رأت غباراً تحت الكنبة، نملةً خلف الصور، دماً على التلفزيون المطفأ. ارتعشت وهي تفكّر: ما بالي اليومَ بتحديقتيْن أكتشف تضاريس اللامرئي؟

لغز 1

الأفضل أن تظل تتسكع أنت وكلبك. هو يتشمّم البول على البلاط، وأنت تتشمم عطور السائحات في باسيج دي غراسيا. حتى ينقضي النهار وتؤوبان إلى الشقة. هو يتناول بيضة مسلوقة، وأنت تتناول فخذ الدجاجة البائتة. هو يذهب إلى الشرفة لينام، وأنت تسهر لتحلّ المعضلة: أيهما أسبق، البيضة أم الدجاجة؟
لو حللتها، ربما تفهم ألغاز ما يدور حولك في هذا النظام الرأسمالي.

لغز 2

يستيقظ فلورينثيو في تمام السادسة صباحاً من كل يوم. هذا هو روتينه القارّ منذ ثلاثين سنة. في السادسة ودقيقة: ينفصل جفنه الأعلى عن الأسفل، أوتوماتيكياً. في السادسة وخمس دقائق: تنتهي آخر تمطيعة ويغادر الفراش. في السادسة والنصف، يكون انتهى من حمّامه وحان وقت الفطور: كوب النيسكافيه والسيجارة. في السابعة إلا ربعاً يكتئب وهو يغلق باب الشقة، ذاهباً على أقدامه إلى العمل. في الثامنة إلا ربعاً يصل. يجامل الحارس بلطف ويصعد نحو مكتبه في الطابق الثالث. في الثامنة وعشر دقائق، يتردد في فتح النافذة وتهوية المكتب. لمَ يا فلورينثيو؟ ـ لأنني حين أفتحها، حضرتك، أرى لغز العالم.


المساهمون