الخزانة

الخزانة

06 سبتمبر 2014
"سوق الخواجات" في القدس القديمة (تصوير: علاء غوشة)
+ الخط -
[المشهد الرابع]

 

تيسير: شو ضَل أَعمل؟

ليال: شوف المُحامي، وإذا عَ المصاري ما تِهكل هَم، بابا بيساعِدنا

تيسير: لمّا تصيري 25 سنة بيفرجها الله

قبل هيك عَبَث

لا بابا ولا ماما

ولا حتى تصريح

ناسية إنو أنا أسير مُحرَّر

ليال: لا، بس إنتَ شو دخلك؟ أنا يلي بدي التصريح وما بقدِّم ع أَساس إني مَرَتك، مندبِّرها بأي شي، بشوف مؤسسة "إن جي أو" بيقدمولي طلب

تيسير( يضحك ضحكاً هستيرياً): صاروا مؤسساتنا يشتغلوا في الارتباط الأمني

ليال: ما تتمسخر

تيسير (بسخرية): أعوذ بالله، أصلاً مين حامينا غيرهم

فِش حدا بيشكل خطورة ع الاحتلال قدّهم،

لهيك بيعطوهم تصاريح

وِلّا شو بتفكري؟

ليال: واحنا شو بدنا فيهم، يساعدوني بالتصريح وكَثَّر الله خيرهم

تيسير: هدول سبب مصيبتنا، فكرك ليش أنا بشتغلش؟

لأنهم مُزورين، مش محاسب شريف زيّي كان الأول على دفعته

(نسمع صوت الأب دون أن نشاهده على الخشبة): تعملش منها قصة يابا، زي ما المحامي كذّاب المفروض يكون المحاسب نصّاب

(يبدو على ليال الانزعاج من اقتحام/ تنصت الأب على الحديث)

تيسير: بس هذا مش أخلاقي يابا

شو بدي أحكي لألله يوم الحِساب الأكبر؟

الأب (يجلس على كرسيه خارج الغرفة) : "عَرج الجَمَل مِن شُفّته" مِن هون ليومها راح يكون دفتَرَك مليان بقصص تانية، مش راح يدّقولك يوم القيامة على فاتورة برّاني لتمَشّي حياتك كُل إسبوع، أو على القليلة مع هالحرامية في البلد مِش راح يطلع دفتَرك أكبر من الكبريتة، فحُط راسك بين الروس

تيسير: بس هاي نذالة، صرت مشتغل بـخمس مؤسسات لهلق، وعَ حطت إيدَك؛ الشهر الأول، يا دوبَك الثاني إلا هُمة حالقينلي

الأب: يابا، ولا مَرّة بَقبل على حالي إنو ابني يكون نذل، بس في هاي الأيام إحنا مجبورين، بتعرف ليش؟

(صمت)

لأنو روسنا على المقصَلة

وعشان تكون محاسب هاي الأيام وتعيش، لازم تكون نَذل

شوف ولاد عيلة خوري، كُلهم مُحاسبين

فِش إشي بيشتروه إلّا بياخدوا عليه فاتورة، وانت سيد العارفين، بيطَلعوا الطاق عَشَرة

أولّها بتبدا مع المدير ولا المديرة، مرِقله، اتدّقلوش... بعدها بلِش زَرِق أغراضك وفواتيرك بين فواتير الشغل، مهو المدير أصلاً بيكون يمَرق أغراض داره بين الفواتير، ومين غير المحاسب راح يقفروا؟ لتكون امفَكِّر اللي بيعطوا المصاري سائلين، ما هُمّ أضرط

تيسير: والله بعرف، بس هاي نذالة

الأب: وانت بتدفعش إيجار وراسك ع المقصلة، كيف بكرا لتسكن لحالك؟

اسمع مِنّي، هيك بيطلعلك معاش غير معاشك

تيسير(باستغراب): برضو نذالة، بدّك أسرق أموال المعتَّرين؟

الأب: "ومن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه"، يابا بدّك تعيش والمُحاسب لازم يكون "دبور"، هاي هي كل المعادلة، تبقى تدخل على مدير المؤسسة  تفِلجه، ما اتضَيِّع ولا فاتورة بدون ما تُضربها يعني؛ افهم راس مديرك على الطاير وكون أنّتنّ مِنو، لأنو هذا يلي بيحدد عمرك مع المؤسسة.

الهَدَف إنّك تِستَمر في شُغلك بإذن الله.

لا تِطمع، أو حتى تلمّح إنو بِدّك زيادة معاش بأول كمّ ضربة، إلّا إذا هو لحالو طعماك وقتها كول واشكر: بس ما تبالغ في الشُكر؛ خَليك اثقيل، وما تنسى إنك دبّور ومديرك بيعرف إنّك مُمكن تُقرصه، وياما ياما مُحاسبين صاروا مُدرا...

وكل ما "لفّيت" للمدير أكثر، بيتعَلَق فيك أكثر، مش لسواد عينيك، لأ، لأنّك بتمسك عليه مماسك أكثَر، وبيصير مصيركم من مصير بعض، وحتى لو حاول "المُغرضون" يوقعوا فيك، بيضل شغلك ماشي، وإذا وَقّف وقتها بيوصلك ثمن السكوت والرضى، وتأكّد إنو هُمّ في عُبَّك مش العكس، لأنو يا دوب حصتَك عيار مسمار صغير في الخزانة، بس هالمسمار إذا ما اتزيّت كُل فترة بيصير يطلِّع صوت، وإذا انشال بيخَرِّب وبيصير يجرح.
(يتبع)

* مقطع من نص مسرحي بالعنوان نفسه. 

المساهمون