أضاعت المعارضة السياسية أثمن فرص إيجاد حل لوقف النزيف السوري، وتم ارتكاب أفدح الأخطاء، وما زالوا مستمرّين في غيهم، لعدم وجود صوت سوري موحد، يسقط عنهم الشرعية، تماماً كما سقطت شرعية النظام. وينتظر أبناء الثورة أن يدوي الصوت السوري الحر اليوم.
تقع الثورة السورية ضحية دبلوماسيات صعبة ضائعة بين مصالح سياسية لدول، واقتصادية لدول أخرى. وحتى اللحظة، لم تستطع قوى المعارضة السورية الممثلة لهذه الثورة قراءة هذه الدبلوماسيات بشكلها الصحيح، ولم تضع أي استراتيجية للتعامل معها.
يصل الشك عند السوري الثائر إلى حدّ القناعة، شبه التامة، بوجود عناصر مهمة فاعلة من رموز المعارضة، من صناعة النظام، تتبع له، واستطاع زرعها في جسد المعارضة الهشّ، وسيطرت بعوامل كثيرة على قرار تلك المؤسسات، حتى باتت تلك المؤسسات رهينة لها، وتتحكم بها.
في نظر الموالين، أيّ حديث لبديل بشار الأسد يعني الفوضى، يستفزهم السّؤال عن البديل. وفي حالهم هذه يتمثّلون قول مارتن لوثر "من الأفضل أن نعاني الألم من الطّاغية المستبد، على أنّ نعانيه من عدد لا حصر له من الطّغاة الغوغاء".
يستطيع بشار الأسد، ومن خلفه حزب الله والإيرانيون، البدء بجولة جديدة من العمليات العسكرية في الجنوب والشمال في أي وقت يريدونه لخلط الأوراق وإبقاء الصراع متصاعدا في سورية، لمنع تداول موضوع رحيل الأسد.
لم يشهد العالم، منذ الحرب الباردة، صراعاً عالمياً كالذي يحدث في سورية، فقد أصبحت سورية مستباحة من عدد لا متناه من الدول، ومسرحًا للصراع العسكري والسياسي، وتُرك السوريون يواجهون قوى عسكرية كبرى وحده، من دون أي دعم أو مساندة.
براكين الحقد تتجلّى في أشد صورها مع سوريين متحلقين حول شجرة الميلاد، يحتفلوب بالعيد، وقلوبهم يملأها الفرح على مصير السوريين في الطرف الآخر، أهالي قرى سراقب وجرجناز، ذوي القلوب المفجوعة من هوْل مشاهد القصف والدمار.
ستذهب اللجنة الدستورية بالسوريين إلى دستور جديد، أو إلى تعديل دستور النظام لعام 2012، وسيجري النظام نفسه استفتاء على النتائج الصادرة عن هذه اللجنة تحت سلطته وبإشرافه، وتحت تهديد أجهزته الأمنية ورعبها، وفي غيابٍ شبه تام لأي إشراف دولي.