مهن محرّمة على الفقراء في الدول العربية

مهن محرّمة على الفقراء في الدول العربية

16 فبراير 2015
+ الخط -
لا تكفي المؤهلات الجامعية العديد من الشباب العربي للحصول على وظائف معنية، إذ إن عدداً من المهن، خصوصاً في الأسلاك القضائية والدبلوماسية، يقوم على المحسوبيات والانتقائية. ويمتد هذا الواقع الى مهن الطلب والهندسة التي لا تعتبر متاحة أمام كافة شرائح المجتمع، نظراً لتكاليف التخصص الجامعي الباهظة ليست كل المهن مباحة أمام الشباب العربي في دولهم.

يحتاج الخريجون من الجامعات والمعاهد في حالات كثيرة، إما إلى المحسوبية والوساطة للحصول على وظيفة معينة، أو أن يكونوا من أبناء النافذين داخل مهن تعتمد التوريث الوظيفي.

مهن لا تعترف بالتفوق

إذ إن قصة الشاب المصري محمد الطاروري، الذي استبعد من وظيفة في النيابة العامة، ليست سوى دليل على إحاطة مهن معينة بهالة من المحسوبية. ويحكي الشاب محمد عن تجربته لـ"العربي الجديد" بالقول: "تقدمت لشغل وظيفة وكيل نيابة خاصة، واستوفيت جميع الشروط، ثم اجتزت جميع الاختبارات التي يحددها المجلس الأعلى للقضاء بنجاح". أما التبرير الذي ساقه من رفضوا توظيف الطاروري فكان أن والديه "لا يمتلكان مؤهلات علمية عالية، ووضعهم المادي والاجتماعي لا يليق بوظيفة وكيل النيابة".

جولة على معطيات مراسلي "الاقتصاد الجديد"، وعلى أبرز المتابعين لهذا الملف في عدد من البلدان العربية، كفيلة بكشف النقاب عن الوظائف المحرّمة على الفقراء.

إذ ليست مهن القضاء وحدها هي المحرمة على أبناء الفقراء في مصر، بل تمتد استحالة التوظيف إلى السلك الدبلوماسي. وحيث يتقدم الخريجون المتفوقون للحصول على وظيفة داخل السلك الدبلوماسي، لكن يتم تفضيل أبناء الأسر الغنية وأبناء العاملين في هذا السلك، حتى ولو كانت مؤهلاتهم الجامعية متواضعة. ويسوق المشرفون على لجان تقييم مؤهلات الشباب المتقدمين للوظيفة، المبررات ذاتها وهي: "عدم انتماء المرشحين المرفوضين إلى طبقات اجتماعية تليق بمهنة السلك الدبلوماسي".

وتظهر إحصائيات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية المصرية، أن الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2014 سجلت أكثر من 30 حالة انتحار في أوساط الشباب، 15 حالة منها كشفت التحقيقات أنها مرتبطة بعدم الحصول على وظيفة. علماً أن نهاية كل عام، هي الفترة التي يتقدم خلالها الخريجون الجدد للحصول على وظائف.


السلك الدبلوماسي: "خط أحمر"

وتتقاسم الجزائر مع مصر الواقع ذاته، فيما يخص ولوج أبناء الأسر الفقيرة إلى وظائف السلك الدبلوماسي، بالإضافة إلى قطاع الإعلام الحكومي. حيث يحتاج الشباب المتقدم لهذه الوظائف إلى وساطات قوية، ومعارف داخل الدولة أو القطاع. كذا، تعتبر الوظائف الكبيرة في شركات المحروقات بدورها محجوزة لفئة اجتماعية بعينها، نظرا للرواتب الضخمة المتوافرة فيها.
ويقول النائب البرلماني الجزائري، لخضر بن خلاف، إن أول عائق أمام ولوج الشباب إلى العديد من الوظائف يكمن في نوعية التشريعات التي تضعها الحكومات.

ويوضح في تصريحه لـ"العربي الجديد" أن مضمون القوانين الأساسية لمجموعة من المهن، يكون بمثابة حاجز يمنع الخريجين من ولوج العديد من الوظائف الحكومية وحتى الخاصة.
ويعتبر النائب لخضر بن خلاف، الذي يشتغل على الملف داخل البرلمان الجزائري، أن القوانين والتشريعات الموضوعة لمجموعة من المهن، لا تراعي تخصصات الشباب في المراحل الجامعية، وتجعلهم أمام واقع يفرض الاحتكام إلى اجتهادات لجان الانتقاء، التي تستغل غياب مراسيم تنفيذية خاصة بالمهن. ويعيب المتحدث نفسه، عدم وجود تنسيق بين مختلف القطاعات لتوفير فرص للشغل، مما يرفع من نسب البطالة بشكل كبير في أوساط الشباب، الذين يجدون أنفسهم غير قادرين على ولوج المهنة التي تخصصوا بها في الجامعات.

ويختلف الحال في تونس، حيث لا وجود لمناصب أو مهن محرمة على أبناء فئة اجتماعية معينة، لكن يتم إقصاء أبناء الطبقات الفقيرة من ولوج العديد من الجامعات بسبب ظروفهم الاجتماعية، ما يعني التحكم في مستقبلهم الوظيفي. مثلاً، كل من كلية الطب والهندسة في تونس، تحتاج إلى مصاريف باهظة، لذلك نادراً ما يتواجد طلاب من أبناء الفئات الاجتماعية الهشة في هذه الاختصاصات، وتالياً في هذه المهن.
من جهته، يقول أمين عام جمعية المواطنة والتنمية التونسية، صفوان بلاقي، إن القوانين الموضوعة للعديد من المهن، تحرم بدورها العديد من الشباب من ولوج الوظائف، خاصة في القطاع العمومي. ويؤكد في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الكل أصبح يعرف أن مبادرات التوظيف التي تطرح ليست سوى مبادرات شكلية، وهناك أمور أخرى تتحكم في الحصول على منصب عمل".
ويوضح المتحدث نفسه، أن عدد مناصب الشغل القليلة التي تطرح في قطاعات معينة، تظهر أن الوثائق والشروط فصّلت على المقاس، كي يحصل أناس بعينهم عليها.
أما في اليمن والأردن، فيتطلب التوظيف في عدد من المهن مصاريف باهظة خلال مرحلة التحصيل الدراسي. حيث إن تكلفة تعليم طالب واحد في الأردن تقدر بما بين 2500 و5000 دولار في السنة في عدد من الاختصاصات. أما بالنسبة لليمن، فتفرض رسوم مرتفعة على الدراسة داخل مختلف الجامعات، وأبرز المهن التي يصعب على أبناء الطبقات المتوسطة والفقيرة ولوجها، نظرا لعدم تمكنهم من توفير أقساط دراسة التخصص فيها، هي الهندسة، والطب البشري والأسنان، وكذلك علوم الأرض، إذ إن رسوم الدراسة داخل هذه التخصصات تتراوح، حسب بيانات جامعات اليمن، بين 2000 و4000 دولار.

انفوغرافيك 


أرقام
45 ألف حالة انتحار تسجل سنوياً حول العالم في 63 دولة، بينها دول عربية، وذلك بسبب عدم الحصول على وظيفة، وفق دراسة أعدها باحثون سويسريون
%85 من طالبي العمل في لبنان يلجأون إلى العلاقات الشخصية للتوظيف. ويقول البنك الدولي إن الخريجين الجدد يحتاجون 16 شهراً للحصول على وظيفة

المساهمون