صناديق الثروة السيادية العربية

صناديق الثروة السيادية العربية

19 نوفمبر 2014
الاستثمار العربي في البورصات(فرنس برس/getty)
+ الخط -
يعتمد المجتمع العربي على الإدارة الحكومية الاقتصادية لتكون مصدر القرارات التي توجه مقدار السيولة وحجم التعاملات في البورصة. هذا الترابط فرض على الكثير من البورصات العربية، إن لم يكن كلها، الشكل التقليدي في رسم الاستثمار بانتظار دخول مباشر من تلك الحكومات أو عبر شركات مملوكة لها.

مصادر الدخل 
أصبحت صناديق الثروة السيادية أخيراً أكثر تنظيماً وأكثر أهمية للدولة في إطار تنويع مصادر الدخل. إضافة إلى الحاجة إلى الصناديق للاستفادة من فوائض أو مخصصات مالية بغرض الحصول على فرص واعدة وتحديداً في أسواق رأس المال.
وقد أصدرت مؤسسة الصناديق السيادية (SWFI)، المختصة بالإحصاءات المتعلقة باستثمارات الدول، الشهر الماضي قائمتها الخاصة بتصنيفات الصناديق الأكبر حجما في العالم.
وقد تصدرت دول الخليج العربي الترتيب على مستوى الصناديق السيادية العربية. وبلغت القيمة الإجمالية لصناديق الثروة السيادية في دول العالم 6838 مليار دولار أميركي.
وتنوعت أصول تلك الصناديق في مختلف أنواع الأدوات المالية ما بين عقار أو ودائع أو سندات وصكوك، والحصة الأكبر كانت للأسهم.
فقد باتت غالبية أسهم الشركات العربية وازنة خارج دولها، مع الاحتفاظ بحصة مؤثرة محلياً مقابل حصص المستثمرين الأفراد أو الشركات الخاصة. هذا الواقع دفع بعض المتنفذين بكل دولة للضغط على مديري تلك الصناديق للعمل على زيادة السيولة الموجهة للبورصة المحلية. إضافة إلى تحقيق التخارج من بعض تلك الاستثمارات ذات الطبيعة طويلة الأجل، مما يقلل من عدد الأسهم الحرة والتي يمكن أن تكون اللبنة الأساسية في المضاربات. كما أن عددا من الأسهم، غير المملوكة لمستثمر إستراتيجي وذات المدى الطويل نسبياً، تستغل في الكثير من الأغراض سواء للصندوق السيادي أو للمتنفذين من المستثمرين.
من ناحية أخرى، وبعد اكتمال عقد الجهات الرقابية في منطقة الخليج العربي، بوجود هيئات أسواق مال، فرضت تلك الهيئات أشكالا مختلفة من الإفصاح. أما الهدف الأساس فهو تعزيز مستوى الشفافية ليتضح الحجم التقريبي لاستثمار تلك الصناديق في بورصات الخليج. وجعلت هذه الهيئات مهمة مراقبة الصناديق أسهل من السابق. بحيث اعتمدت النسب المفصح عنها في التملك للأسهم المدرجة في البورصة، لتكون بمثابة مؤشر أولي عن توجه الصندوق السيادي في عمليات زيادة الشراء والاستثمار أو التخارج وفق نسبة معينة أو حتى القيام بعمليات بيع تؤدي إلى تبعات خطيرة.
في الكويت مثلاً، أعلنت الهيئة العامة للاستثمار (مديرية صندوق الثروة السيادي) عن نيتها بيع عدد من الأسهم المملوكة من قبلها لتكون بذلك السبب الأبرز وراء تراجع أداء البورصة الكويتية. وتشددت هيئة أسواق المال لتطال هيئة الاستثمار بضرورة إفصاح الأخيرة عن الملكيات غير المباشرة. وهذا الأمر، زاد التعقيد المرتبط بقوانين الدولة، والتي تحتم خضوع الشركة التي تمتلك منها أي هيئة حكومية 25% من الأسهم على الأقل، لمراقبة ديوان المحاسبة التابع للبرلمان الكويتي.
وهذا ما تتخوف منه جهات استثمارية عدة. وترى تكتلات اقتصادية من هذه العمليات الرقابية عرقلة لتوسع نشاط الشركة، مع توقعات فتح ملفات قد تصل لكشف حالات فساد إداري ومالي فيها. الأمر الأخير، يخالف أيضاً رغبات المتنفذين من المستثمرين، وذلك على الرغم من مصداقية النظريات الرأسمالية في تحرير الاقتصاد من يد الدولة وتحويله إلى القطاع الخاص، لتدعم وجود الشركات بإدارة ذات شراكة فعالة ما بين القطاعين العام والخاص برقابة الحكومة.
وتتجه الأنظار نحو الدوحة، عاصمة قطر، غدا الخميس الموافق 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2014. حيث يعقد اجتماع هام لصناديق الثروة السيادية العالمية ضمن المنتدى الدولي السادس، والذي يعقد لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط.
ويأتي الاجتماع في ظل أزمات مالية عاصفة لدول كانت قد شهدت تركيزاً عالياً من تلك الصناديق في الاستثمار، ما أدى إلى تراجع النمو في أصول عدد من هذه الصناديق. كذلك، من المتوقع أن يبحث الاجتماع استمرارية التخوف من تكرار أزمات مالية قد تصيب دولاً كبرى قريباً. وذلك وفق معطيات هامة، منها تراجع أسعار النفط لأقل مستوى سعري خلال الأعوام الأخيرة، بعدما هبط سعر برميل برنت لأقل من 80 دولارا أميركيا.
ويكتسب هذا الاجتماع أهمية قصوى، في مراقبة التوجهات المعلنة في رفع أو تخفيض الاستثمار وفق معادلة المخاطر. وذلك مع أهمية دعم الاستثمارات المصرفية. حيث إن القطاع المصرفي يعتبر الأهم بالإضافة إلى القطاع العقاري الذي كان جوهر الأزمة المالية العالمية في عام 2008. وهذا ما يعزز ضرورة حماية تلك الاستثمارات حتى لا تتكرر الأزمة أو حتى يتم تقليل الأثر المقبل من أي موجات بيع نتيجة تخوف الكثير من كبار المستثمرين، واتجاههم نحو مزيد من التحوط نحو استثمارات أقل تبايناً وأكثر أمناً.

دلالات

المساهمون