"الموازنة" ليست فيلم رعب

"الموازنة" ليست فيلم رعب

27 أكتوبر 2014
الموازنة تحدد سياسات الدولة (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
نشأت الموازنة بمفهومها الحديث في المملكة المتحدة في أوائل القرن السابع عشر، حين ظهرت فكرة إعداد ‏إيرادات ونفقات الدولة لتحديد حجم المداخيل والمصاريف العامة.
عملياً، يعني مصطلح "موازنة" معادلة حجم ما تجبيه الدولة (إيرادات) وما تصرفه (نفقات)، عبر رسم سياسة مالية واقتصادية تحقق التوازن المالي ‏ضمن فترة زمنية، تحدد عادة بعام واحد. وحين تغلب النفقات الإيرادات يتحقق العجز، وفي الحالة المعاكسة يتحقق الفائض.
والموازنة العامة، هي فعلياً آلية التصرف بالأموال العامة، أي أموال الناس. ومن خلالها يمكن التعرّف إلى فلسفة الدولة وسياستها الإقتصادية والإجتماعية والتنموية. ويمكن من خلال أرقام الموازنة الاستدلال إلى أولوية الحكومات وأهدافها.
إذن، الموازنة ليست فيلم رعب. وذلك، حتى لو حاولت بعض الأنظمة إعدادها بطريقة يصعب على المواطن غير المتخصص بالاقتصاد تفكيك أرقامها. الموازنة العامة للدولة هي فاتورة الكهرباء والمياه والضرائب التي ندفعها وكلفة ركن السيارة في الشارع وما تقتطعه الدولة من الأجر... هي باختصار، كل ما تحصّله الدولة من المواطن والشركات والمؤسسات، لتتشكّل لديها الإيرادات العامة. في المقابل، الموازنة هي كل ما نحصل عليه من خدمات في مقابل الأموال والضرائب التي ندفعها.
وإذا ما كانت الحكومة كريمة في رفع حجم التقديمات، فإنّ المواطنين سيشعرون بشكل ‏مباشر بمتانة الموازنة، وبالتالي متانة اقتصادهم الوطني وبجودة الخدمات العامة التي تقدم لهم. أما العكس فيعني حكماً أنّ ثمة خلالاً ‏في الاقتصاد الوطني سيظهر تلقائياً في جيوب المواطنين ومستوى معيشتهم.‏
كذلك يجب التنبه إلى حجم الأموال المرصودة للاستثمارات، سواء ‏كانت زراعية، صناعية أو خدماتية. ذلك لأن زيادة حجم "الكوتا الاستثمارية" ضمن الموازنة يعني ‏عملياً زيادة فرص العمل، ورفع المدخول الفردي، والمزيد من البحبوحة الاقتصادية.‏
ومع ذلك، فإنّ أرقام الموازنة قد تعطي صورة ملتبسة في بعض الأحيان عن الوضع الاقتصادي ‏لدول معنية.‏
مثال عن الخلل في فلسفة الموازنة: في الجزائر تشكل عائدات تصدير النفط والغاز 97% من إيرادات الموازنة، وعدم التنويع في الاقتصاد يجعل الإيرادات تحت خطر الانخفاض في حال تراجع أسعار النفط العالمية. وقد ارتفع عجز الموازنة هذه السنة 18%. وقد قدّرت ‏موازنة سنة 2014 الإيرادات بـ51.75 مليار دولار، بينما تصل النفقات إلى 68.13 مليار دولار، رغم ‏تحذيرات الصناديق المالية الدولية من ارتفاع العجز إلى هذه الحدود.‏
(خبير اقتصادي لبناني)

المساهمون