الطاقات المتجددة في الجزائر: استفاقة العملاق

الطاقات المتجددة في الجزائر: استفاقة العملاق

01 يونيو 2015
الطاقة الشمسية أهم طاقة متجددة تتوفر عليها الجزائر (Getty)
+ الخط -
تقدّر مساحة الجزائر بأكثر من 2.3 مليون كيلومتر مربع، تمثّل الصحراء منها نسبة الـ 80%، وما نسبته 20% من مساحة الصحراء الإفريقية مجتمعة. وهي تشكّل ميزة هامة للبلاد، حيث جعلتها تتوفر على مخزون هائل من الطاقة الشمسية، يعتبر من أعلى الاحتياطات في العالم. بالإضافة إلى هذه الطاقة تتوفّر البلاد أيضاً على احتياطي ضخم من اليورانيوم يصل إلى 29 ألف طن، ما يغطي حاجاتها من الطاقة لمدة 60 عاماً.

كما تمتلك حالياً مفاعلين نوويين تجريبيين "السلام" "ونور" لإنتاج الكهرباء، بقدرة إنتاج مجتمعة تصل إلى 18 ميغاواط، كما يتوقع أن تنجز الجزائر العام 2020 أول محطة نووية، على أن تبني بعدها محطات أخرى كل خمسة أعوام، لضمان أمنها الطاقوي.


مخزون قياسي
تبقى الطاقة الشمسية أهم طاقة متجددة تتوفر عليها الجزائر، إذ تعد أكبر نسبة من الطاقة الشمسية على مستوى الدول المتوسطة، تحتوي على ما يعادل أربع مرات مجمل الاستهلاك العالمي للطاقة، أي نحو 37 ألف مليار متر مكعب من الغاز في العام، وقد أنشأت الجزائر محطة للطاقة الهجينة بحاسي الرمل تعدّ الأولى من نوعها على مستوى العالم، تعمل بالغاز والطاقة الشمسية معاً بمعدل إنتاج يصل إلى 150 ميغاواط، والأخرى بغرداية بقدرة 1.1 ميغاوات.

وكانت الجزائر قد انخرطت في العام 2010 في مشروع "ديزيرتيك" باعتباره الأوفر حظاً للظفر بأكبر أجزاء هذا المشروع الموزع بين شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بالنظر إلى مساحة أراضيها وتوغلها في عمق الصحراء، وهو مشروع ضخم تقدر كلفته بنحو 400 مليار يورو، يهدف إلى تلبية 15% من حاجات أوروبا من الكهرباء بحلول العام 2050، بالإضافة إلى جزء من حاجات شمال إفريقيا، عبر حقول الطاقة الشمسية فيها، إذ يعتمد على الطاقة الشمسية الحرارية وليس الخلايا الشمسية، ويمتدّ على مساحة 17 ألف كيلومتر مربع في الصحراء الكبرى، وتحديداً بالجزائر، بهدف تزويد دول أوروبية وإفريقيا بالكهرباء، من خلال شبكة عظمى للألياف العالية التوتر تنطلق من عمق الجنوب الجزائري باتجاه وسط وجنوب إفريقيا وكذا نحو القارة الأوروبية عبر البحر الأبيض المتوسط.

خطوات للأمام
يرى الخبير الاقتصادي ياسين ولد موسى أن الجزائر بدأت التفكير في استغلال الطاقات المتجددة منذ العام 1980، عندما انتقل سعر برميل النفط في السوق العالمية من 11 دولاراً للبرميل إلى 35 دولاراً، فقررت تغيير النمط الطاقوي لديها من الطاقات التقليدية إلى الطاقات المتجددة، وأنشأت المحافظة السامية للطاقات المتجددة عام 1982، مكونة من خمسة مراكز ومحطة تجريبية للأجهزة الشمسية، وشرعت في استغلال هذه الطاقة، بالموازاة مع استغلال الطاقة النووية في المجال الطبي والزارعة، وكذا للكهرباء.


ويقول ولد موسى لـ "العربي الجديد": كان على الدولة أن تستغل طاقات القطاعين العام والخاص معاً، وعدم الاعتماد على القطاع العام فقط في هذا المجال، وهو الخطأ الذي أدى، بالإضافة إلى التغييرات السياسية التي شهدتها الجزائر وعدم استقرار المؤسسات، إلى حدوث تراجع في المسار القوي الذي كان منتهجاً آنذاك.

ويلفت ولد موسى إلى أن الجزائر تتوفر على إمكانات طاقوية عملاقة، من حيث الطاقات المتجددة، إلا أنها تفتقر إلى التكنولوجيا الكافية لاستغلالها، الأمر الذي جعلنا حالياً في وضعية متأخرة في مجال استغلال هذه الطاقات بالشكل الكافي حتى نحافظ على احتياطاتنا من الطاقات التقليدية والحفاظ على البيئة.

ويضيف ولد موسى أن الجزائر يمكنها أن تخطو خطوات عملاقة في مجال استغلال هذه الطاقات إذا ما توفرت الإرادة السياسية لذلك، واستغلال الكفاءات العلمية والتكنولوجية المتوفرة لديها.

اقرأ أيضا: العوفي: أستثمر في شمس الجزائر

تطوير الطاقات

من جهته، يرى الخبير في مجال الطاقة الدكتور حسان غراف أن الجزائر قد تقدمت بالقدر الكافي في مجال الطاقات المتجددة، على حساب إمكاناتها العلمية والتكنولوجية والاستثمارية، حيث خصّصت ما قيمته 120 مليار دولار حتى العام 2030 لتطوير هذه الطاقات واستغلالها. ويشير غراف إلى أن الجزائر انخرطت بقوة في مشروع "ديزيرتيك"، قبل أن يتوقف مساره مؤخراً بعد انسحاب شركتين هامتين من المشروع لأسباب اقتصادية وتجارية بحتة.

ويضيف غراف "أن الجزائر خصصت لهذا المجال برنامجاً واسعاً، خصوصاً فيما يتعلق بمختلف أنواع هذه الطاقات، وهي حالياً في مرحلة الإنجاز، حيث تم إلى الأن تشغيل محطات عدّة لتوليد كهرباء بالطاقة الشمسية، كما هو الحال بمحطات حاسي الرمل وغرداية وولاية برج بوعريريج وخنشلة، فضلاً عن إنجار محطة أخرى بطاقة 30 ميغاواط بولاية سعيدة، ستكون جاهزة عملياً بحلول شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، وهذا من أصل 23 محطة إنتاج للطاقة الشمسية مقرر إنجازها بالبلاد.

ويشير غراف إلى أنه وخلال لقاءاته المتكررة مع مختصين ألمان جاؤوا إلى الجزائر للتباحث في مجال الطاقة، بما فيها الطاقة المتجددة، أكدوا تمسك بلادهم بمشروع "ديزيرتيك"، خصوصاً أن الجزائر كانت تسعى للحصول على ما مقداره 12 ألف ميغاوات للاستهلاك المحلي من هذا المشروع، أي ما يعادل 40% من الاستهلاك الوطني حتى نهاية العام 2030، علاوة على إنتاج 10 آلاف ميغاوات للتصدير إلى أوروبا.

دلالات

المساهمون