الاستثمار البيئي ينجح في الجزائر

الاستثمار البيئي ينجح في الجزائر

28 يناير 2015
سبخاوي: الإيمان بالقدرات أساس نجاح المشاريع (العربي الجديد)
+ الخط -
تتعالى الأصوات الداعية إلى الحفاظ على البيئة ‏والمحذرة من خطورة تلويثها، في الوقت الذي تشهد فيه الجزائر جرائم متزايدة في هذا المجال. المتهمون أصحاب السيارات الذين يعمدون ‏الى تفريغ زيوت محركات سياراتهم وشاحناتهم في أي مكان، وفي ‏أحسن الأحوال في محطات الوقود. علماً أن القدرة الاستيعابية لكافة محطات الوقود في كافة الأراضي الجزائرية، لا تتعدى 25 ألف متر ‏مكعب من الزيوت المستعملة والمسترجعة. وهو ما يعادل 12‏% فقط ‎‏من كمية الزيوت المفرغة بها سنوياً. حيث يتم استبدال نحو 150 ألف طن ‏من الزيوت سنوياً لمختلف أنواع محركات ‏السيارات والمركبات في البلاد.
هذه الأرقام تعني، وفق تقارير المنظمات البيئية، أن 88‏‎%‎‏ من الزيوت المحترقة ترمى في الطبيعة، وهذا الأمر دفع بالمنظمة ‏العالمية للبيئة أخيراً إلى إعداد تقرير تحفظت فيه على هذا التصرف ‏المعادي للطبيعة.‏
‏ومن هنا جاءت فكرة الشاب محمد سبخاوي من ولاية الجلفة (300 كلم ‏جنوب العاصمة)، الذي فكر في خوض غمار تجربة الاستثمار في ‏أعمال استرجاع وتدوير زيوت محركات السيارات.
إذ يقول محمد سبخاوي في ‏حديث لـ "العربي الجديد" إنه خلال إقامته في كل من سورية ومصر أثناء ‏دراسته إدارة الأعمال، لاحظ الاهتمام الذي توليه هاتان ‏الدولتان لنشاط تدوير الزيوت المستعملة في محركات السيارات، ومدى ‏الفائدة الاقتصادية والبيئية الناجمة عن ذلك.
ويضيف سبخاوي أنه ‏بعدما نضجت لديه فكرة إقامة مشروع مماثل في الجزائر، سافر إلى ‏تركيا ومن ثم السعودية، حيث طور فكرته أكثر في هاتين الدولتين الداعمتين لهذا النشاط في إطار الحفاظ على البيئة والتنمية ‏المستدامة.‏
ويؤكد سبخاوي أن لهذا المشروع قيمة بيئية هامة وهي ‏استراتيجية تبنتها العديد من دول العالم، إذ تتم عملية استرجاع هذه ‏الزيوت وتحويلها إلى زيوت قاعدية لتستخرج منها عدة مواد أخرى ‏صالحة للاستعمال مثل الشحوم الصناعية والشموع وغيرها.
ويؤكد ‏المستثمر الشاب أن هذه الزيوت المستعملة تحتوي على تركيبات سامة ‏ومضرة بالبيئة، إذ إن طناً واحداً منها يحتوي على 300 غرام من ‏الرصاص، ثم إن كثافتها الضعيفة مقارنة بالمياه تجعل لتراً واحداً ‏منها قادرا على تغطية مساحة 1000 متر مكعب من المياه وتلويثها، ‏ما يجعل خطرها على البيئة كبيراً. ‏
وفي حديثه عن الانطلاقة الفعلية لمشروعه، يوضح ‏سبخاوي أنها كانت سنة 2013، بعدما قدم فكرته إلى الوكالة الوطنية ‏لدعم تشغيل الشباب، ضمن صيغة المرافقة التي تقدمها الوكالة والتي ‏تعتمد مساهمة المستفيد بـ 72‏‎%‎‏ من قيمة المشروع، فيما تدعمه ‏الوكالة بنسبة 28‏‎%‎‏ من القيمة المتبقية. مع امتيازات الإعفاءات ‏الجبائية والضريبية لعدة سنوات لصالح صاحب المشروع.‏
ويلفت سبخاوي إلى أن مساهمته المالية في المشروع بلغت ستة ‏ملايين دينار جزائري، ودعمته الوكالة بمليوني دينار، ويشرح ‏أن وكالة دعم وتشغيل الشباب بولاية الجلفة فتحت له الأبواب ‏وقدمت له كل التسهيلات.‏
ويقول سبخاوي إنه انطلق في العمل في البداية برفقة أخيه فقط، ‏وحالياً تشغل ورشته ثمانية عمال بصفة دائمة وتستعين في فترات ‏ذروة العمل بأربعة عمال مؤقتين.
ويضيف أنه ‏تحصل خلال الفعاليات التي شارك بها، على شهادات وتكريمات مختلفة منها حصوله على ‏المرتبة الثانية بعد إنجلترا لأحسن مشروع في أسبوع المقاولات ‏في موسكو، من حيث التنمية المستدامة وتوظيف العمالة والتسارع نحو ‏التوظيف والاقتصاد الأخضر. وكذلك نيله شهادة أحسن مشروع في ‏الجزائر في صالون السلامة والتشغيل. بالإضافة إلى تكريمات ‏وجوائز أخرى عديدة محلية وجهوية في ولاية الجلفة.‏
ولفت سبخاوي إلى أن طموحه حاليا هو أن يطور مشروعه، وأن ‏ينجح فيه أكثر عندما يتحول إلى المنطقة الصناعية هذه السنة، وأن ‏يوظف أكبر عدد ممكن من الشباب وترتفع عائدات نشاطه، "لأن كل ‏مؤسسة اقتصادية تقوم على ثلاثة مبادئ هي النمو، ‏الاستمرار والربح، وهدفي هو أن تستمر المؤسسة وتنمو أكثر لتزيد ‏أرباحها ومنافعها".‏
ويختم سبخاوي حديثه بنصيحة للشباب مفادها بأنه "إذا كانت عندك فكرة ‏استثمارية ولديك المؤهلات لذلك، ومؤمن بالمشروع ‏الذي تحمله، فما عليك إلا التقرب من مختلف الهياكل التي خلقتها ‏الدولة لصالح تشغيل الشباب، والأكيد أنك ستلقى الدعم الكافي ‏وسينجح مشروعك".‏