المساكن الهشّة:مغاربة يتخوّفون من الأبنية غير الصالحة للسكن

المساكن الهشّة:مغاربة يتخوّفون من الأبنية غير الصالحة للسكن

15 فبراير 2016
سقوط مبان في الأحياء القديمة المغربية (عبد الحق سنا/Getty)
+ الخط -
أرقام مقلقة تثير مخاوف المغربيين. عشرات الآلاف من المنازل الآيلة للسقوط في المغرب تهدد قاطنيها يومياً. لا بل إن مدناً بأكملها مهددة بسبب غياب الصيانة، وهشاشة البناء. يشير البحث الوطني حول السكن في الوسط الحضري، الذي تم إعداده من قبل وزارة الإسكان المغربية أخيراً، إلى أن مئات منازل المغاربة مهددة بالسقوط، كونها تفتقد إلى أبسط ضروريات العيش الكريم، وهو ما يعتبر كارثة في حال سقوط هذه الأبنية. 
بحسب معطيات البحث، فإن من ضمن 6 ملايين مسكن في المدن المغربية، ترتفع أعداد المساكن التي تفتقد لأدنى شروط السكن اللائق، أو تلك المهددة بالسقوط، بحيث يصل عددها إلى ما يقارب المليون و700 ألف مسكن. إلى ذلك، يشير البحث إلى أن أكثر من 554 ألف مسكن أدرجتها نتائج البحث، تدخل في المستوى الأول من الهشاشة، بحيث تستوجب تدخلاً عاجلاً من أجل هدمها أو إعادة بنائها بسبب الخطر الذي تشكله على قاطنيها.

مدن قديمة وأخرى مهملة

يقول الخبير في مجال العقار إدريس الفينا، لـ"العربي الجديد": "إن الدراسة الأخيرة التي أنجزتها وزارة الإسكان، بيّنت أن نسبة كبيرة من المنازل في المغرب تقادمت بشكل كبير، رغم أن معظم هذه المنازل تم بناؤها في مدن تتسم بالطابع العصري. كما أن العديد من الأبنية ورغم حداثتها تعتبر مهملة، وتفتقر إلى الصيانة، ما يعرّضها للهشاشة ويعرّض ساكنيها إلى مخاطر كبيرة، وهو وضع يستفحل في ظل غياب اهتمام المُلّاك بالصيانة الضرورية، لذا نلاحظ ارتفاع أعداد المساكن الآيلة للسقوط في المغرب".

لا تتوقف أرقام هذا البحث عند هذا الحد، بل يقدم البحث الوطني، وهو البحث الثاني من نوعه بعد البحث الذي أنجز قبل 16 عاماً، معطيات أخرى، تشير إلى وجود ما يفوق 145 ألف مسكن تصنّف ضمن المستوى الثاني من الهشاشة، والذي يعني فقدان السكن لواحدة من الخدمات الثلاث الأساسية، أي الماء والكهرباء والهواء. وتنتمي الأغلبية العظمى من المساكن المصنفة في هذه الخانة إلى مستوى المنازل المغربية العصرية، أي ما نسبته 87% من مجموع المساكن. فيما يبلغ مجموع المساكن المغربية المصنفة في المستوى الثالث، أي التي لا تحتوي على مطبخ أو مرحاض خاص بها، أكثر من 33 ألف مسكن.
فضلاً عن ذلك، يشكو أكثر من 444 ألف مسكن من غياب الأوضاع البيئية الملائمة لشروط العيش، حيث تفتقد هذه المساكن لأشعة الشمس، والإضاءة الطبيعية، بالإضافة إلى غياب الهواء. وإلى جانب ذلك، يوجد أكثر من 414 ألف مسكن مغربي في بيئة ضارة أو مزعجة من حيث التلوث والمناخ. أما سادس وآخر تصنيف للدور المغربية المصابة بنوع من أنواع الهشاشة، فيضم 173 ألف مسكن، تتصف بكثافة مرتفعة، إذ لا تمنح سوى أقل من 9 أمتار مربعة لكل فرد. فيما تشير المعطيات المتوفرة إلى أن أكثر من 600 ألف مسكن مغربي تقل مساحة الواحد منها عن 50 متراً مربعاً.

ضرورة إيجاد الحلول

يطالب خبير العقار إدريس الفينا بضرورة صدور قانون ينظم هذا المجال، بحيث يفرض على مُلّاك الأبنية إصلاحات دورية، وقد يمتد الأمر إلى فرض الحصول على وثيقة إدارية تؤكد القيام بالإصلاحات، يتم تقديمها من أجل إتمام عمليات البيع أو الإيجار. ويضيف: "إن غياب القانون الخاص لوضعية المساكن الهشة، يزيد بالتأكيد من أعداد هذه المنازل سنوياً، فقبل عشر سنوات، كانت الأرقام الرسمية أقل بكثير من 1.7 مليون مسكن، بينما اليوم ارتفعت الأرقام بشكل مخيف".
من جهته، يقول رئيس جمعية باب المدينة، موسى سراج الدين، وهي جمعية متخصصة بمراقبة ملف الدور الآيلة للسقوط بالمدينة القديمة للدار البيضاء، "إن الأرقام التي تقدمها وزارة الإسكان لا تشمل أشكالاً أخرى من المساكن المنتشرة في حواضر وقرى المملكة، وهي ناتجة عن عمليات البناء العشوائي، ولهذا فإن غياب القانون وتعدد المتدخلين، يزيد من صعوبة إيجاد حلول مناسبة لهذا الملف".
ويتابع: "أعتقد أن الإشكالية الكبيرة في حل هذا الملف، تتعلق بآلية التدخلات التي تقوم بها السلطات العمومية، إذ إن الأخيرة لا تتدخل سوى في حال حدوث انهيارات وتسجيل ضحايا، في حين أن المطلوب من هذه السلطات إيجاد حلول مناسبة لوضعية آلاف المساكن الخطرة التي تهدد أرواح الأبرياء في كل لحظة، وهو رهان نواجهه كجمعيات تنشط في هذا المجال".
ويضيف: "من جهة أخرى، يطرح غياب القانون إشكالات أخرى، خاصة على مستوى محددات نوعية السكن القابل للاستعمال. وفي المغرب أيضاً، توجد آلاف المحلات المعدة في الأصل للنشاط المهني أو التجاري تتحوّل إلى مساكن لأسر بأكملها، وهناك فئات أخرى تلجأ إلى أسطح العمارات رغم عدم استجابتها لشروط السكن، وهي وضعية تستفيد من فوضى في مجال الإيجار وغياب وسائل ضبط المنتجات المعروضة للإيجار"، بحسب الخبير الفينا، الذي يختم قائلاً: "هناك فراغ حقيقي في هذا المجال، وهذا ينعش جهات كثيرة تستفيد منه على حساب صحة وسلامة المواطنين، مستفيدة من الطلب الكبير الذي يسجله القطاع".

اقرأ أيضاً:مصيدة القروض: آلاف المغاربة يعجزون عن سداد المستحقات

دلالات

المساهمون