أردنيات يستغربن النمو الذي تقابله هجرة أبنائهن

أردنيات يستغربن النمو الذي تقابله هجرة أبنائهن

18 يناير 2016
في تحرك شبابي ضد ارتفاع الأسعار(خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -
"لم تعد أمورنا على ما يرام. الأزمات، التي يتعرض لها اقتصادنا، قلبت أوضاعنا المعيشية والاجتماعية رأساً على عقب. منذ سنوات يحقنوننا بجرعات من الأمل تحت عناوين مختلفة، منها: إن نسبة النمو ترتفع من عام إلى آخر، ما سيساعد على حل مشكلتي الفقر والبطالة". تتابع السيدة شيرين وهي أم لثلاثة أولاد حديثها مع "العربي الجديد": "أصغر أولادي في التاسعة عشرة من عمره، في السنة الثانية بجامعة اليرموك. وأكبرهم أنهى دراسته الجامعية منذ ثلاث سنوات باختصاص محاسبة. أما الولد الأوسط ففضل أن يتجه إلى سوق العمل بعدما حصل على شهادة التوجيهي".

وتضيف: "ولدي الصغير وكذلك الأوسط يفكران في اللحاق بأخيهما الكبير، الذي غادر البلد بعدما حصل على عقد عمل في إحدى الدول الخليجية، وبأجر يساوي ضعف أجره في الأردن". وتتابع: "هنا لا يمكنهما الاستمرار، لأن البيئة طاردة سواء على مستوى الدخل وتراجع قيمته أمام الأسعار الجنونية، أو من ناحية ارتفاع رسوم الخدمات العامة وغلاء المساكن والإيجارات. الخيار الوحيد المتاح أمامهم هو السفر".
وتقدر مصادر حكومية عدد الوظائف التي يتم توفيرها في المملكة كل عام بنحو 45 ألف وظيفة، ومع ذلك لا تتوقع قاعدة بيانات صندوق النقد الدولي أن تنخفض البطالة عن مستواها، حيث ما تزال عند 11.9% من حجم القوى العاملة، وهي النسبة التي حافظت عليها منذ عام 2014.
أما معدل البطالة بين الفئة العمرية 20 - 24 فتبلغ حسب بيانات حديثة أوردها تقرير فريق الأمم المتحدة في الأردن، ضمن أجندة التنمية لما بعد 2015، نحو 30.1% وللخريجات 68%. ويشير التقرير إلى أن نحو 600 ألف شاب أردني يعملون في الخارج، وأن نسبة الذين يرغبون بالهجرة بشكل دائم تصل إلى 34%.
وتقول السيدة عريفة إن تدهور الأوضاع الاقتصادية أدى إلى إضعاف الإحساس بالمسؤولية تجاه المعايير الاجتماعية، وتروي لـ "العربي الجديد" قصة ابنتها (22 سنة)، وهي خريجة متخصصة بالتجارة، قائلة: "عندما حظيت بفرصة عمل في شركة تجارية، لم تطل سعادتها، فقد اضطرت، بعد ثلاثة أشهر من التحاقها بالعمل، إلى أن تقدم استقالتها وتغادره، بعد أن تعرضت للتحرش من مديرها المسؤول". وتضيف: "إن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تهيمن على واقع أسرتنا دفعت مها للقبول بهذه الوظيفة، بعد أن يئست من توفرها لدى القطاع الحكومي، الذي يحتاج الانخراط فيه إلى التعامل بالواسطة، وأكبر ضرر تتعرض له المؤسسات الأردنية، حين تفضل الواسطة على الكفاءة". وتقول: "قُبلت استقالة مها ونالت حقها بعد أن نُظر إلى قضيتها وفق القانون الأردني على أنها فصل تعسفي. هكذا، تغاضوا عن العقوبة الجزائية بحق المتحرش، وتركوا ابنتي من دون حماية، كغيرها من الفتيات اللواتي يتعرضن لمثل هذه التصرفات".
وتسعى هيئات حقوقية ومدنية منذ سنوات إلى تطوير المواد القانونية المتعلقة بقضايا التحرش الجنسي، وتعظيم عقوبة المتحرش، في سياق برنامج الإصلاحات الشامل الجاري تنفيذه بالمملكة. لكنها فشلت، وبقيت المادة 29/6 من قانون العمل المعدل لسنة 2008 تعالج فعل الاعتداء على النحو الآتي: "إن للعامل، ذكراً أم أنثى، في حال وقوع فعل الاعتداء عليه، ترك العمل، والمطالبة ببدل التعويض عن الفصل التعسفي، والذي يتراوح بين راتب ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر، إضافة إلى بدل شهر الإشعار".
ووصل التحرش في الأردن حسب تقرير لمنظمة العمل الدولية إلى مستويات غير مسبوقة، خصوصاً مع انخراط المرأة في سوق العمل، وكشفت دراسة بحثية لفريق من الجامعة الهاشمية حول أبعاد النوع الاجتماعي، أن 14% من النساء العاملات يتعرضن لتحرش جنسي لفظي، فيما تتعرض 0.7% من العاملات لتحرش جنسي جسدي في مكان العمل.
وتعزو السيدة أروى م.، وهي مدرسة وناشطة اجتماعية تفشي الأزمات الاقتصادية والاجتماعية ونمو الظواهر المرضية إلى فشل الجهود التي بذلت من أجل تحريك عجلة النمو الاقتصادي. وتضيف لـ "العربي الجديد" إنها لم تسهم في تحقيق التقدم المطلوب بسبب عدم استدامتها وغياب الخطط التنفيذية لها والمصحوبة بنظم المتابعة والتقييم".

اقرأ أيضاً: الديون الأردنية ترتفع إلى نسب مقلقة

المساهمون