الاختناق المروري يُفقد مصر 5.6 مليارات دولار سنوياً

الاختناق المروري يُفقد مصر 5.6 مليارات دولار سنوياً

16 سبتمبر 2015
الازدحام يخنق القاهرة (فرانس برس)
+ الخط -
قدّرت دراسة صادرة عن البنك الدولي، تحت عنوان "الازدحام المروري في القاهرة"، حجم الخسائر الباهظة التي يتحملها الاقتصاد المصري بسبب أزمة اختناق المرور، وتحديداً في العاصمة القاهرة، بأكثر من 50 مليار جنيه سنوياً، أو ما يعادل 5.6 مليارات دولار. 
هذا الرقم قد يبدو مُبهماً عند مقارنته بكُلفة التكدس المروري بالمُدن العالمية، ولكن عند مقارنته بإجمالي الناتج المحلي سيظهر حجم الكارثة. فهذه الدراسة تكشف وقت إعدادها، أن حجم الخسائر المذكورة بلغت 4% من الناتج المحلي الإجمالي.
وعلى الرغم من أن نيويورك تخسر 10 مليارات دولار سنوياً، بسبب طول وقت الرحلات والأموال المُهدرة على الوقود، فإن هذه القيمة لم تتجاوز 0.07% من الناتج المحلي. لا يختلف وضع إندونيسيا كثيراً، إذ إن خسائرها المرورية المُقدرة بـ 5 مليارات دولار، تُعادل 0.6% من الناتج المحلي.

قصص مأسوية

هذه الخسائر ليس شرطًا أن تدفعها الدولة، ممُثلة في دعم ضئيل للمُنتجات البترولية أو تأخر وصول الشحنات الحكومية المنقولة براً، بل تتُرجم إلى قصص مأساوية يسدد المصريون ثمنها يومياً.
ولعل حالة المواطن محمود محمد (موظف 27 عاماً) خير مثال على هذه المأساة، إذ يقول لـ "العربي الجديد": "كُنت أقطع مسافة 45 كيلومتراً للذهاب على العمل يومياً من شرق القاهرة حتى حي الدقي في وسط العاصمة، مُستغرقاً ساعتين كاملتين بسبب الاختناق المروري الذي يُصيب أرجاء القاهرة كافة، في حين أن هذه المُسافة إذا قطعتها في السادسة صباحاً لا تتعدى 40 دقيقة على أقصى تقدير".
ويُضيف محمد "كنُت أسدد 7.5 جُنيهات يومياً في المواصلات ذهاباً وإياباً من العمل، برغم أنه يُمكن تقليل المصروفات إلى 4.5 جُنيهات عبر ارتياد مترو الأنفاق، إلا أن التكدس الذي تشهده عربات المترو يحول دون اتخاذ هذه الخطوة".

اقرأ أيضاً:التقشف للشعب والامتيازات لرجال الأعمال 

وبسبب تأثير الإرهاق اليومي للمواصلات على أداء محمود في العمل، قام باستئجار شقة قريبة من مقر عمله بالشراكة مع عددٍ من الشباب مقابل 150 جنيهاً، بخلاف ارتفاع مصروفات الطعام الشهرية خارج منزله بواقع 300 جنيه.
هذه الكُلفة تختلف من شخص لآخر حسب وسيلة التنقُل، إذ يقول مصطفى محمود (مُحاسب 26 عاماً) "في الصباح الباكر أقطع 40 كيلومتراً في طريقي إلى العمل، في غضون 35 دقيقة، وتستهلك سيارتي 3 ليترات من البنزين بقيمة 7.80 جنيهات، ولكن وقت الذروة بدايةً من الـ 12 ظهراً حتى السادسة مساءً ترتفع المُدة المُستغرقة بالطريق إلى 90 دقيقة، وترتفع معها فاتورة استهلاك البنزين إلى 7 ليترات، بما يُعادل 18.20 جنيهاً بفارق 10.40 جنيهات عن الكُلفة المستهلكة في الظروف العادية".

شبكات ضعيفة

ويكفي أن نعلم أن الـ 10.40 جنيهات المهدورة، تكفي لتغطية حاجات أُسرة مُكونة من 4 أفراد من الخُبز لأكثر من 10 أيام، بواقع 20 رغيفاً يومياً مقابل جنيهاً واحداً.
وتقول مديرة الاستثمار بصناديق البنية التحتية نيفين غالي، إن شبكة الطرق غير كافية لاستيعاب عدد السيارات، ما يتسبب في تكدس المرور، بالتوازي مع اختراق الجميع لقواعد المرور، سواء رجال المرور أو السائقين أو المارة، إلى جانب تسبب ضعف المرافق، مثل انفجار أنابيب الصرف الصحي في تعطل حركة المرور. وأكثر الأمثلة تجسيداً لفساد نظام المرور في مصر، هو تسبب الرشى بعدم تنفيذ آخر القرارات الحكومية بشأن حظر سير سيارات النقل الثقيل نهاراً.
وتقول غالي: "الأزمة تنعكس على المواطنين من زاوية أخرى، فضعف شبكة الطرق في العاصمة، وكذلك في المُحافظات التي تضم مناطق صناعية يتسبب في ارتفاع كُلفة شحن البضائع، والتي تُمرر بشكل غير مباشر إلى المواطنين عبر رفع أسعار بيع السلع والخدمات. بل إنها تتسبب أحياناً في فشل الشركات في الالتزام بمواعيد تسليم الشحنات، ما ينعكس سلباً على مناخ الاستثمار بشكل عام وعلى المشاريع الاقتصادية".

اقرأ أيضاً:التعليم الرسمي في مصر: فاتورة الأكلاف الموازية

المساهمون