الفساد في العراق: اسألوا عن ثروات المسؤولين!

الفساد في العراق: اسألوا عن ثروات المسؤولين!

29 يوليو 2015
النفط العراقي لا ينتج الرفاه للمواطنين (فرانس برس)
+ الخط -
يعتبر الفساد عاملاً رئيساً في انهيار اقتصاد أي بلد في العالم، وذلك من خلال إهدار الموارد وتخريب البنية الاقتصادية وتعطيل المشاريع، والصرف على مشاريع وهمية، وفقدان الخدمات وتهديم النظام الاقتصادي. وما حصل في العراق خلال عقد من الزمان، يقدم مثالاً حياً وظاهراً على كل هذا الهدم الممنهج للاقتصاد.

ففي حين يعتبر العراق بلداً نفطياً، يعيش سكانه الفقر والبطالة والتشرد نتيجة النزاعات المسلحة المستمرة. وتتراجع في البلاد نوعية الخدمات، ويفتقد المواطنون الحد الأدنى من الأمن الاجتماعي. في حين تقبع الخطط الحكومية في دهاليز الصفقات، وتدور النفقات في حلقة هدر المال العام، لتنمو طبقة اجتماعية ضيقة يعيش على فتات فسادها ملايين المواطنين، ليصبح شعار المرحلة "حاميها حراميها". 

اقرأ أيضاً: رواتب مسؤولي العراق أكثر من موازنة الأردن

سبق للتقارير الرسمية أن أكدت أن هناك أكثر من 4600 مشروع وهمي في موازنة العام الماضي، لم ينفذ أي منها حتى اللحظة، وقد صُرفت مبالغها، وإن لجنة النزاهة ستعمل على التحقق من ثبوت المتورطين بهذه المشاريع ومن ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم. وأشارت التقارير المعلنة، إلى أن من بين المتورطين بهذه المشاريع مسؤولين كبارا، سابقين وحاليين في الدولة العراقية.

وقالت عضوة اللجنة المالية في مجلس النواب، ماجدة التميمي، إن "الخزينة العراقية شهدت ضياع 228 مليار دينار عراقي (189 مليون دولار)، في مشاريع وهمية خلال العام الماضي، كان من المفترض أن تنجزها الجهات المختصة في الحكومة السابقة (في إشارة منها إلى حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي)".
وأضافت لـ "العربي الجديد" أن "أغلب المشاريع تم منحها لأقارب المسؤولين، باعتبارهم أصحاب شركات، في حين كانت هذه الشركات وهمية لا وجود لها".

اقرأ أيضاً: مستقبل العراق في ظل الفساد: أسود كالنفط

من جهته، أكد رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية في البرلمان العراقي حاكم الزاملي لوكالات الأنباء إنفاق الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 ما يربو على 149 مليار دولار على عقود السلاح والأعتدة. وأضاف أن "غالبية عقود التسليح تمت مع الولايات المتحدة الأميركية، ولم يصل منها للعراق إلا ربعها". وأشار الزاملي إلى أن "الولايات المتحدة لم تلتزم في الوفاء بالكثير من العقود التسليحية بالرغم من دفع العراق مبالغها كاملة".
رئيس هيئة النزاهة السابق، القاضي رحيم العكيلي، يقول في اتصال مع "العربي الجديد" عن دور هيئة النزاهة في محاربة الفساد، "إن المالكي تبنى سياسة معاداة الرقابة، وحماية الفاسدين ومنع ملاحقتهم، أو التحقيق في عمليات الفساد، لذا أخضع هيئة النزاهة لإرادته وجعلها أداة للاستهداف وتصفية المعارضين، وشاهدَ زور لمنح صكوك البراءة للموالين من الفاسدين والسارقين، خصوصاً بعد 2012".

اقرأ أيضاً: أمراء الحروب يذوّبون الطبقات الاجتماعية في العراق

الخبير الاقتصادي، الدكتور علي الراوي، عميد كلية الإدارة والاقتصاد في الجامعة العراقية، رأى بدوره أن "ما جرى في العراق لا يصح أن نطلق عليه أنه فساد حكومي، بل الوصف الصحيح اللائق بالحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال أنها حكومات فساد".
وأضاف الراوي في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "ذلك يشمل الإدارة الأميركية للعراق بقيادة بول بريمر، حيث أكدت تقارير أميركية رسمية اختفاء عدة مليارات من الدولارات من المبلغ المخصص لإعادة إعمار العراق على خلفية غزوه واحتلاله".
وأكد الراوي أن "الفساد لم يعد حالةً استثنائية في الواقع العراقي بل أصبح هو المؤسسة الأبرز والأقوى حيث تتحالف على تقويته وحمايته والتغطية على آثاره أحزاب وهيئات وقوى شبه عسكرية، بالتنسيق مع الأثرياء الجدد في العراق"، مذكراً بقضايا الفساد الكبيرة التي حصلت في وزارات الداخلية والدفاع والصناعة والتجارة والكهرباء. وأكد الراوي استشراء حالة الفساد بقوله "انتقل الفساد إلى أصغر الحلقات الوظيفية في الدولة العراقية".

وختم الراوي حديثه بقوله إن "يد مؤسسات المحاسبة والرقابة الإدارية والمالية مكبلة، حيث يقتصر دورها على اكتشاف حالات الفساد والكشف عنها، وتسليم ملفاتها للقضاء الذي لا يؤدي دوره بشكل صحيح، مما أدى إلى التغطية على كبار الفاسدين وحمايتهم، كما حصل مع وزير الداخلية الأسبق أيهم السامرائي، ووزير الدفاع الأسبق حازم الشعلان، ووزير التجارة الأسبق عبد الفلاح السوداني، الذي حاول أخيراً شراء نادٍ إنجليزي كبير قبل أن تقوم مؤسسات رسمية بريطانية برفض إتمام الصفقة وإلغائها نتيجةً لماضي السوداني المجلل بالفساد".

اقرأ أيضاً: العراقيون في مواجهة زيادة الضرائب ورفع الدعم

المساهمون