مستقبل العراق في ظل الفساد: أسود كالنفط

مستقبل العراق في ظل الفساد: أسود كالنفط

17 يونيو 2015
من يوقف التدهور الاقتصادي العراقي؟ (Getty)
+ الخط -
مر الاقتصاد العراقي بظروف استثنائية خلال العقود الأربعة الأخيرة، وهو يتقدم ببطء ثم لا يلبث أن يتوقف بفعل الحروب والحصار والاضطرابات الأمنية، ولكن الخبراء توقعوا له الانتعاش خلال السنوات الأخيرة الماضية في ظل الإيرادات النفطية غير المسبوقة، والتي اقتربت من تريليون دولار خلال الفترة من 2003 ولغاية اليوم... وهو الأمر الذي لم يتحقق في ظل الفساد المالي والإداري، والسرقات الكبيرة وتجدد الاضطرابات الأمنية والحربية. أما المستقبل، فيمكن قراءته من خلال مجموعة من المؤشرات، التي تبيّن أن الاستمرار في السياسات الاقتصادية ذاتها، وملازمة المشكلات الأمنية العراقيين، واستمرار الفساد، لن يوصل البلاد سوى إلى خراب أسود كلون النفط.

منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) قالت في تقريرها الأخير أن نسبة الطلبة العراقيين المتسربين خارج المدارس بلغت 20%. ويلفت الخبراء إلى تفاقم الأزمة التعليمية، منها تحويل المدارس والجامعات والمعاهد إلى مقرات حزبية وطائفية وهجرة أكثر من 40% من الكوادر العلمية والتدريسية البلاد. كما ظهر أن ما يقارب 80% من المدارس العراقية بحاجة للإصلاح بينما لا يزال هناك أكثر من ألف مدرسة تم بناؤها من الطين والقش والخيام. وفي ظل الإنفاق الضئيل على التعليم، يبدو أن الجيل العراقي المقبل سيكون بلا مهارات وظيفية تمكّنه من تغيير المسار الاقتصادي للبلاد.

اقرأ أيضا: رواتب مسؤولي العراق أكثر من موازنة الأردن

في المقابل، يكشف وزير العمل والشؤون الاجتماعية محمد شياع السوداني عن أن "نسبة البطالة في العراق تجاوزت الـ 25%، علماً أن وزارة التخطيط كانت قد أعلنت العام الماضي أن نسبة البطالة بلغت 16%". وفيما يخص مستوى الفقر، يوضح السوداني أن "آخر مسح أجراه الجهاز المركزي للإحصاء في الوزارة هو في نهاية عام 2014 والذي أظهر وصول مستوى الفقر إلى 30%". ما يعني أن استمرار الأزمات الأمنية والاقتصادية والسياسية، سيؤدي إلى ارتفاع البطالة والفقر إلى مستويات مخيفة في العام 2025.

في حين يرى عميد كلية الإدارة والاقتصاد في الجامعة العراقية، الدكتور علي الراوي، في حديث مع "العربي الجديد"، "إن ما خصص للقطاع الصحي بشكل عام في العراق ومنذ سنوات لا يتجاوز 1% من الإنفاق العام. والإبقاء على النسبة ذاتها يعني ارتفاع معدل الوفيات وتراجع القدرات الإنتاجية للقوى العاملة، مع ازدياد الإنفاق الأسري على الصحة خلال السنوات المقبلة.

اقرأ أيضا: استمرار الهدر كلمة سر انهيار الاقتصاد العراقي

في حين يعتبر الدكتور عبد الكريم جابر العيساوي من كلية الإدارة والاقتصاد/جامعة القادسية، أن قطاع الصناعة في العراق في مرحلة الاحتضار. حيث ساهمت عدة عوامل في تدهور القطاع، منها اعتماد سياسة الباب المفتوح على صعيد التجارة الخارجية، وما ترتب عن ذلك من إغراق السوق العراقية بالسلع على حساب الإنتاج المحلي. إضافة إلى خسارة العراق كوادره الماهرة في الحروب أو الهجرة أو الفساد الوظيفي.

ويعنى ذلك من الناحية الاقتصادية، وفقاً للعيساوي "دخول الصناعة العراقية مرحلة اللاوفورات في الحجم، والتي تعني الزيادة في التكاليف الكلية. ومن ثم جاء الانخفاض الكبير في سعر النفط الخام، ناهيك عن استفحال الفساد الإداري والمالي".

بدوره، يتحدث رئيس رابطة خبراء النفط العراقيين، الدكتور علي المشهداني، في اتصال مع "العربي الجديد" عن القطاع النفطي وعلاقته بمستقبل الاقتصاد العراقي. حيث يؤكد "أن الآبار لم تصن بالشكل العلمي قبل الاحتلال بسبب دخول العراق بحروب عدة". كما أن تسرب الكفاءات النفطية وتركها البلاد بسبب قلة الرواتب كان أيضاً من أسباب إهمال القياسات الحقلية وصيانة الآبار".

اقرأ أيضا: داعش والنفط يقوضان القدرة الشرائية للمواطن العراقي

ويشير المشهداني إلى "إن الشركات الأجنبية سترفع خلال السنوات المقبلة من كلف الإنتاج بسبب مضاعفة التكاليف والرواتب الخيالية لموظفيها، وهذه كلها فاتورة تدفعها الدولة وقيمتها عشرات المليارات من الدولارات". وفقاً للمشهداني "سيكون العراق خلال السنوات العشر المقبلة في محنة اقتصادية واجتماعية كبيرة، وذلك لعدم تعزيز الموارد وزيادة الدين وعدم وجود سياسات مبنية على استراتيجيات مستقبلية".

المساهمون