لماذا لا تصلح الدول العربية للعيش بسعادة؟

لماذا لا تصلح الدول العربية للعيش بسعادة؟

01 يوليو 2015
+ الخط -
عند إصدار تقرير حول رفاهية العيش، وحجم رضا المواطنين العرب عن حياتهم اليومية داخل دولهم، أصبح من البديهي، البحث عن ترتيب غالبية الدول العربية بين المراتب ما بعد المئة.
آخر تقرير صدر عن منظمة "غالوب" وفق مؤشر"هيلث وايز"، قاس حجم سعادة المواطنين في 145 دولة، وذلك انطلاقاً من قياس مجموعة من المعايير، وهي: قدرة المواطنين على تحقيق طموحاتهم وأهدافهم التي سطروها، وواقع الفرد الاجتماعي، بالإضافة إلى وضعيته المالية التي ترتبط أساساً بالاستقرار في العيش، ونوع ودرجة علاقة الفرد داخل المجتمع بمحيطه، وأخيرا جودة الرعاية الصحية التي يتمتع بها داخل بلده.

اقرأ أيضا: مصاريف الخدمات الصحية باهظة عربياً

وجاءت نتائج التقرير حول حجم الرضا عن المؤشرات المذكورة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضعيفة، فقد أورد التقرير أن نسبة 15.0% فقط راضية عن جميع المؤشرات المذكورة، وبالنسبة لمؤشر تحقيق الطموحات والأهداف فنسبة 12.4% فقط تستطيع ذلك، وسجلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أدنى نسبة من بين جميع مناطق العالم الست، بل تفوقت عليها دول أفريقيا جنوب الصحراء التي لا ينعم أكثر من نصف دولها بالاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وحققت نسبة رضا تصل إلى 13.9%.

وسجلت الدول العربية نسبة رضا عن الاستقرار المالي لدى مواطنيها بلغت 25%، أما الصحة فحجم الاقتناع بجودة خدماتها سجل 22.7%، وعن الحياة الاجتماعية للفرد العربي، أورد التقرير أن حجم الرضا عنها يصل إلى 22.5%.

اقرأ أيضاً: تدبير الحكومات العربية للاقتصاد.. سيّئ

وفي ما يخص الترتيب العالمي بقياس نسبة جميع المؤشرات التي عالجها التقرير، حلت مجموعة من الدول العربية في مراتب متأخرة جدا، ومن بينها العراق الذي احتل المرتبة 102 عالميا في التصنيف الشامل، وجاءت فلسطين في الصف 112، أما المغرب فاحتل الرتبة 115، تليه مصر عربياً في الرتبة 129، ثم تونس في الرتبة 141.

وعبر المدير التنفيذي لشبكة المنظمات غير الحكومة للتنمية زياد عبد الصمد، عن وجهة نظر مخالفة للمعايير المعتمدة في التقرير المذكور، والتي اعتمدتها المنظمتان في قياس درجة السعادة في مختلف بلدان العالم.

وأوضح زياد عبد الصمد في تصريحه إلى "العربي الجديد"، أن السعادة مرتبطة أساساً بالعدالة والحقوق، والمؤشرات المستخدمة لقياسها بارتباط مع العنصرين، ما تزال هي ذاتها، رغم التغيرات التي طرأت منذ سنة 1990، حين بدأت الدول والمؤسسات الدولية في قياس مؤشرات مفهوم "التنمية البشرية"، وأضيفت للمؤشرات السابقة معايير جديدة، أشمل في الدراسة، وأعمق من حيث تقييم درجة رفاهية المجتمعات على مختلف الأصعدة.

وأضاف المتحدث ذاته، أن المؤشرات المعتمدة في التقرير السالف الذكر، قد لا تعكس بالضرورة حجم الواقع. وقال في السياق ذاته "نعم، منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تمر بحالة غياب الاستقرار السياسي والاقتصادي، لكن هناك دول حققت تقدما ملموسا في مختلف المجالات. كما نجد دولا غربية تحقق نسبا عالية في مؤشرات السعادة بناء على دراسات مماثلة، لكن نسب الجريمة فيها مرتفعة، ونسب الانتحار كذلك".

اقرأ أيضاً: آمال معلقة.. العرب ينشدون السلم ومتشائمون بمستقبلهم

وشدد المدير التنفيذي لشبكة المنظمات غير الحكومة للتنمية، في حديثه لـ"العربي الجديد"، على أن مفهوم السعادة أو رفاهية أقرب إلى مفهوم العدالة. وكشف، أنهم بصدد حوار واسع للبحث عن سبل تحقيق أهداف ما بعد عام 2015، عبر مراجعة النماذج المتبعة في الدول العربية لتحقيق العدالة والتنمية. وزاد، أنهم سوف يركزون على تعويض تأسيس الدراسات حول السعادة والرفاهية على "معدل الدخل الفردي"، الذي يعتمد عادة من طرف المنظمات المهتمة، وتعويضه بمفهوم شامل للنمو، بالإضافة إلى التركيز على تشريح القوانين والسياسات التي تعتمد لمعالجة توزيع الثروات والحقوق الأساسية للمواطنين، لأنه ومن وجهة نظره، المساواة أمام القانون مدخل مهم لرفاهية المجتمعات.

من جهته، قال نائب مدير المركز المغربي للشباب والتحولات الديمقراطية حسام هاب، إن مفهوم السعادة والرفاهية يختلف حسب الطبقات الاجتماعية في الدول الفقيرة والنامية، ومنها مجموعة من الدول العربية، ذلك أن تعريفها بالنسبة للفئات الميسورة يفوق الحاجيات الأساسية.
وأضاف المصدر ذاته في تصريحه إلى "العربي الجديد"، أن الفئات الهشة وحتى المتوسطة، تصارع فقط لتوفير أساسيات العيش، خاصة ثلاثية التعليم، والشغل، والصحة، ولا يمكن ربط توفرها بالشكل الذي تحصل عليه هذه الفئات مع مؤشرات قياس السعادة والرفاهية المشتركة بين دول العالم.