نزاع "المركزي" والبرلمان العراقييْن إلى القضاء

نزاع "المركزي" والبرلمان العراقييْن إلى القضاء

27 مايو 2015
سوق الصيرفة تتأثر بمعروضات العملة (فرانس برس)
+ الخط -
بعدما أعلنت اللجنة المالية في البرلمان العراقي عن خسارة البلاد نحو 360 مليار دولار، بسبب عمليات الفساد وغسيل الأموال، جرت بين عامي 2006 و2014، تدور معركة أخرى في أروقة المحاكم بين البنك المركزي من جهة والبرلمان العراقي ممثلاً برئيسه، حول دستورية بعض المواد والفقرات التي وردت في قانون الموازنة للعام الحالي، والمتعلقة بعمل البنك المركزي.

وتمكنت "العربي الجديد" من الاطلاع على بعض ملابسات وأوراق القضية ليتبيّن أن الخلاف بين البنك المركزي والبرلمان يتعلق بالمادتين 46 و50 من قانون الموازنة رقم 2 لعام 2015، والذي أقره البرلمان ونُشر في الجريدة الرسمية.

فصول القضية
وتشير المادة 46 إلى استثناء تأسيس المصارف الإسلامية من تعليمات البنك المركزي العراقي الخاصة بزيادة رؤوس أموال المصارف، لتشجيع التعامل بالخدمات المصرفية الإسلامية، ولا تسري بأثر رجعي.

في حين تنص المادة 50 على أن يلتزم البنك المركزي بتحديد مبيعاته من العملة الصعبة (الدولار) في المزاد اليومي بسقف لا يتجاوز 75 مليون دينار يومياً، مع توخي العدالة في عملية البيع.


واتهم البنك المركزي لجنة تشريع القانون في البرلمان بمخالفة المواد الدستورية وقانون البنك المركزي، وأن البرلمان لم ينسق مع المركزي، كجهة اختصاص تنفيذية، قبل إصدار هذا القانون...

يوضح محافظ البنك المركزي العراقي السابق، سنان الشبيبي، لـ"العربي الجديد"، أن "استقرار الأسعار في مجال العملة الأجنبية يتطلب أن يطابق المعروض منها كل الطلب عليها، ليتحقق سعر صرف ثابت، يمكن تغييره حسب نسب التضخم وظروفه، ومقابلة العرض للطلب بالكامل كفيلة بمنع خلق سوق موازٍ للصرف (السوق السوداء)، وبالتالي استقرار سعر الصرف وعدم تعدديته".

ويشير الشبيبي إلى أن "حجم الاحتياطي الذي بنيناه لسنوات هو الذي يضمن استقرار سعر الصرف، ولهذا لا يجب أن يجري التصرف فيه لغير هذه الأغراض". ويؤكد الشبيبي أن "الدولار عندما يغادر البنك المركزي لا يمول العمليات التجارية فقط، بل يستخدم في تمويل كل المدفوعات الدولية".

ويخلص إلى أن "أي تحديد لسقف العرض وإلزام البنك المركزي به، سيضر بقانون العرض والطلب ويؤدي إلى عدم استقرار العملة، وهذا ينطبق على تحديد معروض المركزي في المزاد اليومي بمبلغ 75 مليون دولار"، وأنه "بدلاً من ذلك يجب تمتين شروط الرقابة ومحاربة الفساد وعمليات غسيل الأموال".


اتهامات بـ"الفساد"
التذبذب الحاصل في العملة وتحديد حصص شركات الصرافة، انعكس على السوق المحلية. ويقول صاحب إحدى شركات الصرافة في بغداد، فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن "الخطوة التي اتخذها البنك المركزي بتحديد حصة كل شركة أسبوعياً بـ50 ألف دولار بدلاً من 300 ألف، خلال الأشهر الماضية، أدت إلى تذبذب أسواق الصرف وفقدان الدينار العراقي هامشاً كبيراً من قيمته، ولكنه استعاد بعضاً مما فقده بعدما زاد البنك الحصة إلى 100 ألف دولار خلال الأسابيع الأخيرة".

ويضيف لـ"العربي الجديد" أن "هناك فارقاً بين ما كان يحصل قبل أعوام، وما يحصل الآن؛ حيث صار نقص المعروض من العملة الصعبة نهجاً متبعاً"، مشيراً إلى عمليات تلاعب بأسواق الصرف كان يقوم بها مقربون من أحزاب وسياسيين، خصوصاً قبل الانتخابات والفعاليات السياسية، حيث يتوقع أن هذه الجهات تمول حملاتها وفعالياتها من الأرباح التي تجنيها نتيجة التلاعب بقاعدة العرض والطلب، وهي مبالغ تصل إلى عشرات ملايين الدولارات أحياناً".

ويلفت إلى "أمرٍ غريب خلال الأسابيع القليلة الماضية، حيث إن من المعتاد في حال تقليل المعروض من العملات الأجنبية، أن تحصل وفرةٌ كبيرة في سوق الدينار، ولكن وفرة الدينار العراقي في الأسواق اليوم أقل بكثير من المفترض، بالقياس لقانون العرض والطلب بين العملات"، مؤكداً أنه لا يجد تفسيراً واضحاً لهذه الظاهرة الغريبة.


في المقابل، يقول صاحب شركة مسجلة في دولة عربية ومقرها في العراق لـ"العربي الجديد": "توجد ثغرات كثيرة استغلتها بعض المصارف والجهات النافذة في العراق لتضخيم مبالغ التحويل الخارجي، لما يتحقق منها من هوامش ربح كبيرة لهم".

ووفقاً لصاحب الشركة، فإن "النافذين لا يزالون يستغلون ثغرات، منها على سبيل المثال التعاقد على مواد غذائية ستنتهي صلاحية استهلاكها قريباً، حيث يتم تغيير تاريخ انتهاء الصلاحية وشراؤها بعُشر ثمنها أو أقل، وتصديق الفواتير المرسلة للعراق بالثمن الحقيقي للبضاعة الجديدة".

المساهمون