خصخصة المصارف العراقية الحكومية... حلّ أم أزمة؟

خصخصة المصارف العراقية الحكومية... حلّ أم أزمة؟

01 نوفمبر 2015
خطط لدعم المصارف الحكومية العراقية (علي السعدي/فرانس برس)
+ الخط -
يتجه العراق إلى إعادة هيكلة وخصخصة أكبر مصرفين في البلاد، "الرشيد" و"الرافدين"، من أجل إصلاح سياستهما المالية وإنهاء العزلة الإقليمية والدولية منذ أكثر من 25 عاماً، ما يثير الكثير من النقاشات، في ظل الفساد الذي ينهش العراق منذ سنوات طويلة. ويستحوذ المصرفان على نسبة 90% من أنشطة القطاع المصرفي مقابل 10% للمصارف الخاصة، ويمتلكان موجودات تقدّر بنحو مئتي تريليون دينار، أي ما يقارب 166 مليار دولار، في حين تتكوّن 60% من أصولهما نتيجة حوالات الخزينة التي تصدرها الحكومة لسد عجز الموازنة العامة، ويستخدمان في تعاملاتهما أنظمة بدائية برغم التطور التكنولوجي. 
يبلغ رأسمال مصرف الرافدين 500 مليار دينار (416 مليون دولار)، فيما يبلغ رأسمال مصرف الرشيد نحو 400 مليار دينار، أي 333 مليون دولار، ويعاني المصرفان من ديون ثقيلة ورثت من النظام السابق، حيث تصل قيمة الديون الداخلية والخارجية لمصرف الرافدين إلى 23 مليار دولار، فيما تصل الديون الخاصة بمصرف الرشيد إلى نحو مليار دولار.
يقول عضو لجنة تطوير مصرفي الرشيد والرافدين، مظهر محمد صالح، إن "المصرفين محملان بأثقال كبيرة، كونهما تحملا إرث النظام السابق من ديون داخلية وخارجية، الأمر الذي أضعف قدراتهما على توفير خدمات مصرفية"، مشيراً إلى أن الوقت الحالي يعد مناسباً لإصلاحهما. إذ إن الغاية من الإصلاح، بحسب صالح "تكمن في خلق مصارف تنافسية حكومية أو مصارف مساهمة من خلال شراكة مع مصرف عالمي".
ويشير إلى أن "الحكومة العراقية تمتلك برنامجاً إصلاحياً للنظام الإداري في الدولة، إلا أن العائق أمام إصلاحهما يتجلى في أنظمة التمويل وعلى رأسها الجهاز المصرفي"، مؤكداً أن "المصارف الحكومية تهمين على 90% من موجودات الجهاز المصرفي، لكن عملها لا يرتقي إلى مستوى الطموح".

الخدمات الحديثة

طرح البنك الدولي خطة في 2010، لإعادة هيكلة المصارف الحكومية تضمنت زيادة الخدمات الحديثة وإعادة النظر بالتسعيرات وتقليص الروتين الإداري وتوسيع صلاحيات المخولين، ومعالجة الديون الداخلية وتحسين ضمانات القروض وتقديم الائتمان الآمن والاستثمار السليم. وشملت الخطة أيضاً العمل على زيادة رأس المال وتدعيمه بالاحتياطيات وتحسين الإيرادات وتخفيض النفقات ومعالجة المديونية الأجنبية الموروثة، وتنظيف الميزانية من الديون وجعلها ضمن مديونية العراق، إضافة إلى معالجة الخسائر الموروثة وأضرار الحرب وفروقات إعادة التقييم.

ترفض المصارف الخاصة في العراق شراء أسهم في مصرفي الرشيد والرافدين في حال عرضت في سوق الأوراق المالية دون إعادة هيكلتهما وتخليصهما من الديون الخارجية والداخلية. ويقول المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة علي طارق، لـ"العربي الجديد" إنه "رغم أن مصرف الرافدين يحتل الترتيب الثالث في الوطن العربي من ناحية الودائع، إلا أن المستثمرين يرفضون شراء سهم واحد من أسهمه، لأنه من المصارف الخاسرة. لا يواكب الصيرفة الحديثة، بالإضافة إلى مديونيته الكبيرة". ويشير إلى أن "الدولة معنية بإعادة هيكلته وتطويره، وهذا الأمر يستغرق بحدود عامين، حتى يتم تحويله إلى شركة مساهمة تحتفظ الدولة بحصة منه والباقي يتحوّل للقطاع الخاص".
في المقابل، تدور العديد من الشكوك حول مدى قبول المصارف الخاصة بأن تصبح شريكاً في عمل القطاع المصرفي الحكومي، فيقول طارق إن "الحكومة العراقية عزلت المصارف الخاصة من تعاملاتها مع القطاع الحكومي طوال الفترة السابقة، ولذا لم تتدخل المصارف الخاصة، ولكن حين يُعاد ترتيب السياسات المالية للمصرفين، يمكن عندها للقطاع الخاص التدخل".
إلى ذلك، تحتاج إعادة هيكلة المصرفين الحكوميين إلى استقرار سياسي واقتصادي ورقابة من قبل مؤسسات النزاهة ومنظمات المجتمع المدني للحفاظ على المال العام، بحسب ما يؤكده الخبير الاقتصادي محمد الجبوري.
ويقول الجبوري لـ"العربي الجديد"، "لم يستطع المصرفان إحراز أي تقدم، ولذا فإن إعادة بناء هيكلية المصرفين تتطلب جهوداً كبيرة تُبذل من مؤسسات الدولة والمنظمات الرقابية المحلية والدولية للحفاظ على الأموال من الاختلاس"، مشيراً إلى أن "عمل المصرفين غير مهني".
من جهته، يقول رئيس مجلس الأعمال الوطني العراقي داوود عبد زاير، لـ"العربي الجديد"، "تدور في الأفق أفكار حول دمج مصرفي الرافدين والرشيد بمصرف واحد يتم استخدام أنظمة حديثة لتشغيله، وبالتالي خروجهما من نفق المديونية العالية".

اقرأ أيضاً:شركات السياسيين في العراق معفية من أي التزام

المساهمون