سقوط توتنهام في الأنفيلد...ما فشل فيه بوكيتينو هذا الموسم

سقوط توتنهام في الأنفيلد...ما فشل فيه بوكيتينو هذا الموسم

12 فبراير 2017
ماني تألق وحسم مباراة توتنهام (Getty)
+ الخط -

حقق ليفربول فوزا مهما وسهلا في الوقت نفسه على حساب توتنهام، في قمة هذا الأسبوع من الدوري الإنكليزي، ليواصل فريق المدرب كلوب نتائجه المبهرة أمام الكبار، ويقدم الخصم اللندني واحدة من أسوأ مبارياته بعد أن استسلم سريعا، وابتعد تماما عن المنافسة على لقب البطولة، في جولة جديدة فاز خلالها تشيلسي بعيدا عن مواجهته كعادة البريميرليغ هذا الموسم.

أسهل خصم
رغم المستوى المبهر لكتيبة الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو خلال الفترة الماضية، إلا أن توتنهام يعتبر أسهل خصم ممكن لزعيم الميرسيسايد، فالألماني يورغن كلوب يعشق هذه النوعية من المنافسين، الفرق التي تلعب بضغط متقدم ودفاع مرتفع، لا تعود إلى مناطقها الخلفية، ولا تدافع طوال المباراة في انتظار المرتدة، وبالتالي فإن سلاح "الغيغين برسينغ" عمل بشكل فعال هذه المرة، لأن كل شيء كان معدا للعمل بالأنفيلد.

يعاني الليفر كثيرا أمام الدفاع المتكتل، ويجد لاعبوه صعوبة بالغة في التعامل بالمساحات الضيقة، نظرا لصعوبة خلق الفراغ بالنسبة لمجموعة تجيد لعبة التحولات أكثر من أي شيء آخر. وفتح توتنهام المباراة منذ الدقيقة الأولى، باعتماده على خط دفاع رباعي يبتعد بمسافة شاسعة عن حارس مرماه، ما أعطى الثلاثي فيرمينو وكوتينيو وساديو ماني فرصة أكبر للركض والعدو وبقية الأمور الهجومية الأخرى.

بسبب اللعب بدفاع بعيدا عن لوريس، تواجد هجوم الليفر في أغلب الوقت داخل الثلث الأخير من الملعب، واعتمد لاعبوه على رمي الكرات الطولية من الخلف إلى الأمام، إما عن طريق قلبي الدفاع مباشرة، أو بواسطة هيندرسون وفينالدوم، ثنائي المحور الذي يقوم بوظيفة نقل الهجمة باتجاه أصحاب المهارات بالقرب من المرمى، وجاء الهدف الأول بهذه اللعبة المتوقعة، الصناعة من الهولندي والانطلاقة ثم التسديد بواسطة السنغالي.

هبوط اضطراري
دفع بوكيتينو الثمن غاليا بعد غياب كل من روز وفيرتونغين، الأول يستخدمه اللاتيني كساعد هجومي سريع على اليسار، بينما يدخل الثاني إلى الداخل ليصبح قلب الدفاع الثالث، في سبيل صعود الظهيرين إلى منتصف ملعب المنافس، والحصول على زوايا تمرير أشمل وأدق في العمق وعلى الرواق، إنها خطة 3-4-2-1 التي أعطت توتنهام رونقا مختلفا طوال الفترة الأخيرة، لكن بعد الغيابات الإجبارية، تحول الفريق مرة أخرى إلى رسم 4-2-3-1.

أثّر غياب روز بالسلب على الجبهة اليسرى، وظهرت مساوئ الظهير الأيمن والكر سريعا، بعد أن تم إجباره على القيام بالواجب الدفاعي، نظرا لتمركز ثنائي فقط في القلب، فلم يقدم اللاعب الإنكليزي الشيء الكبير في الحالتين، وزاد الضغط على لاعبي الارتكاز، لأن وانياما ضعيف في الاحتفاظ بالكرة تحت الضغط، ولا يمرر بشكل إيجابي إلى الأمام، ليحاصر زميله ديمبلي بين مطرقة الدفاع العشوائي وسندان الهجوم السلبي. هكذا جاء السقوط التكتيكي بعد مرور ربع ساعة فقط من الشوط الأول.

مع فشل الدفاع والوسط في بناء هجمة منظمة، أصبح وجود رباعي آخر في الهجوم أمراً لا قيمة له، بسبب العزلة الإجبارية المفروضة على إريكسن وسون أسفل الأطراف، لدرجة أن ديلي آلي ترك موقعه الهجومي وعاد كلاعب وسط ثالث، ليفقد هو الآخر قيمته الحقيقية، بالتحرك بين الخطوط والإتيان بشكل عمودي دون رقابة، لقد سقط الضيوف دفاعيا وهجوميا في آن واحد أمام ليفربول.

المهاجم
يخطف ماني مرة أخرى الأضواء من الجميع في مباريات ليفربول، الأفريقي أفضل نسخة ممكنة للاعب الذي يعشقه يورغن كلوب، ليس أفضل ممرر، ولا يسجل أهدافاً أكثر من المهاجمين، وبكل تأكيد لن يكون الأكثر صناعة في إنكلترا، بالإضافة إلى أنه يراوغ بسرعته لا بمهارته الفائقة، ومن الصعب أن يأتي بحركة أو بتصرف غير متوقع، لكنه ناجح، بل ناجح جدا مع كل الفرق التي لعب لها، وبالتالي لا غرابة أبدا في انتقاله من ريد بول سالزبورغ إلى ساوثهامبتون ثم ليفربول.

ثلاثة فرق تعتمد على لعبة التحولات، تبني كل هجومها على الضغط الراديكالي ومحاولة قطع الكرة في منتصف ملعب الخصم، لذلك أفضل مهاجم لها هو ذلك اللاعب الذي لا يتوقف لحظة عن الركض، يجري يمينا ويسارا، للخلف وإلى الأمام، وساديو ماني هو أفضل نسخة لتقديم هذه الخصائص، ليستخدمه المدير الفني كلاعب "جوكر" بين الوسط والهجوم، يقطع الكرة بنفسه في لحظة، ثم ينطلق من الارتكاز إلى منطقة الجزاء في اللحظة الأخرى.

وبالعودة إلى هدفي المباراة، سنجد أن ماني استغل تقدم دفاعات توتنهام لينفرد بالحارس لوريس في أول فرصة، ثم يضغط بنفسه على الدفاع ويخطف الكرة ليمررها إلى زميله لالانا، قبل أن يتابع التسديدة ويضعها بنفسه في الشباك، هو ليس بمهاجم ثابت أو حتى متحرك، وغير قابل للتصنيف كلاعب وسط صريح، بل أفضل وصف ممكن له أن يعرف باللاعب المباشر، أو الكل في الكل أثناء التحولات.

النصف الفارغ
يتغزل الجميع بلا استثناء في توتنهام ومشروعه الشاب رفقة بوكيتينو، أسماء صغيرة وكرة جذابة مع نتائج جيدة ومستقبل أفضل على المدى البعيد، وزاد المديح بعد الفوز المستحق على حساب تشيلسي منذ أسابيع، لكن فريق شمال لندن يعاني من مشاكل واضحة أثناء بعض المباريات، وضح الأمر بعض الشيء أمام السيتي في ملعب الاتحاد، ثم تكرر بطريقة أخرى ضد ليفربول هذا الأسبوع.

تعامل غوارديولا بذكاء مع دفاع توتنهام المتقدم، وكسر ضغطهم العالي بإجبارهم دائما على العودة إلى مرماهم، لذلك لعب كون أغويرو في منطقة التسلل خلال فترات طويلة من اللعب، وكان الأمر مقصودا، حتى يرمي دفاع السيتي كرات طولية خلف دفاعات "السبيرز"، وينشغل الدفاع بوجود أغويرو أمامهم، مع حصول ستيرلينغ وساني على مساحات واضحة نتيجة تحركات الأرجنتيني، وحصل فعليا فريق الاتحاد على فرص بالجملة وسجل هدفين.

وأعاد كلوب اللعبة لكن بطريقة أخرى، عن طريق غلق زوايا التمرير تماما أمام دفاعات توتنهام، بوضع خمسة لاعبين وراء الارتكاز، فينالدوم وكوتينهو ولالانا وفيرمينو وساديو ماني، كل هؤلاء لمحاولة قطع الهجمة قبل أن تبدأ، ونجح أصحاب الأرض في مهمتهم بسبب الأخطاء الفردية الناتجة عن غيابات بعض الأساسيين، وابتعاد كين ورفاقه تماما عن بقية زملائهم في المنتصف.

يبقى هذا الفوز مهما لكلوب على المستوى الفني والمعنوي، لكنه لن يؤدي إلى نتائج مماثلة في قادم المواعيد، لأن ليفربول يواصل استنزاف طاقات لاعبيه، باللعب على وتيرة واحدة طوال التسعين دقيقة، دون تحكم في نسق وشكل المباراة، ما يؤثر في ما بعد على الجانب اللياقي للدعائم الرئيسية، حدث ذلك من قبل في أكثر من مناسبة، وسيتكرر في القادم مهما نجحت هذه المجموعة في إحراج الكبار والفوز عليهم.

المساهمون