طبق كروي ملكي ستشهده المملكة المتحدة والعالم غداً الأحد في نهائي "يورو 2020"، الذي كان يحلم به كل عشاق الكرة العالمية، والأوروبية خصوصاً، بين إنكلترا صاحبة أفضل خط دفاع في "اليورو"، إذ لم تتلقّ سوى هدف واحد، وإيطاليا صاحبة ثاني أفضل خط هجوم بـ12 هدفاً، في بطولة تحطمت فيها كل الأرقام قبل المباراة النهائية، حيث بلغ عدد الأهداف المسجلة 140 هدفاً، من بينها 11 هدفاً عكسياً لأول مرة في تاريخ البطولة، وهدف واحد فقط من ركلة حرة مباشرة أيضاً لأول مرة في بطولة احتسب فيها الحكام 17 ركلة جزاء سجل منها تسعة فقط، و143 بطاقة صفراء، إضافة إلى 6 بطاقات حمراء في خمسين مباراة وصلت منها سبع إلى الوقت الإضافي، وثلاث إلى ركلات الترجيح بمشاركة 490 لاعباً في البطولة.
إنكلترا التي ستلعب النهائي الأول لها في تاريخ البطولة ستكون مرشحة بقوة بسبب عاملي الملعب والجمهور، والتحفيز الكبير الذي يشكله بحثاً عن أول تتويج من نوعه وثاني تتويج بلقب بطولة كبرى بعد فوزها بكأس العالم سنة 1966 في الملعب نفسه.
وكان عليها انتظار خمسة وستين عاماً لتبلغ نهائي بطولة كبرى بجيل متميز ينشط في الدوري الأفضل والأندية الأقوى في أوروبا، بلغ نصف نهائي كأس العالم في روسيا، ودرجة كبيرة من النضج بقيادة هاري كين الذي يبحث عن أول لقب له في مشواره الكروي مع منتخب بلاده الذي صار الثالث عشر في أوروبا يصل إلى نهائي "اليورو" الذي ستكون فيه إنكلترا محظوظة بلعب مباراتها السادسة على ملعبها في ويمبلي من أصل 7 مباريات بحضور جماهيرها التي سيكون لها دورها هي أيضاً في صناعة الفارق.
عامل الملعب والجمهور سيكون مفيداً، لكن خبرة الطليان وحنكتهم وتجاربهم السابقة وتحفيزهم ستكون كلها عوامل مساعدة لهم على صناعة الفارق ومواصلة سلسلة المباريات التي بلغت ثلاثة وثلاثين من دون هزيمة بمناسبة النهائي العاشر لإيطاليا في بطولة كبرى، الرابع في نهائيات كأس أمم أوروبا التي توجت بها مرة واحدة سنة 1968 وخسرتها في 2000 و2012.
وهي التي لم يسبق لها أن خسرت أمام إنكلترا في بطولة كبرى في أربع مواجهات سابقة، فازت في ثلاث منها وتعادلت في واحدة في يورو 2012، قبل أن تفوز فيها بركلات الترجيح التي أهلت هذه المرة إيطاليا إلى نهائي ويمبلي بصعوبة أمام منتخب إسبانيا الذي كشف عن عيوب في تشكيلة روبرتو مانشيني، وجعلتها تعود لاعتماد منظومة اللعب الدفاعية المعروفة بها بعدما أظهرت في الدور الأول ودور ثمن النهائي عن قدرات هجومية كبيرة، ولكن يبدو أن الإرهاق سكن قلوب الإيطاليين وأثّر فيهم.
مهما قلنا، فانه سيكون من الصعب تصور سيناريو نهائي الغد ومصير اللقب، لكن الأكيد أن المنتخبان الإيطالي والإنكليزي يستحقان اللعب في النهائي، والتتويج باللقب الذي سيلعب على جزئيات بسيطة وعلى الجانب البدني الذي سيكون فاصلاً إذا بلغت المباراة الوقت الإضافي أو حتى ركلات الترجيح، خصوصاً بعد موسم شاق لعب فيه اللاعبون بمعدل خمسين مباراة مع نواديهم ومنتخباتهم طوال الموسم في ظروف استثنائية غابت فيها الجماهير عن مدرجات الملاعب.
قبل أن تعود بمناسبة البطولة وتعطي المنافسة نكهة خاصة وجمالية غابت عنا لأشهر طويلة بسبب وباء كوفيد 19 الذي لم يمنع ما يقارب مليون مناصر من حضور المباريات في الملاعب الأحد عشر التي احتضنت بطولة استثنائية قد يكون مصيرها استثنائياً بتتويج إنكلترا لأول مرة، أو استثنائياً بتتويج منتخب غاب عن آخر نسخة في كأس العالم، وعاد بمنظومة لعب مغايرة لتلك التي اشتهر بها على مدى عقود.
سيكون من الصعب تصور خسارة إيطاليا المرشحة الأولى منذ مباراتها الافتتاحية، بعد غيابها عن مونديال روسيا الأخير قبل ثلاث سنوات، وتألقها مع روبيرتو مانشيني دون خسارة لحد الآن، كذلك سيكون من الصعب على الإنكليز تفويت فرصة التتويج باللقب لأول مرة على ميدانهم في موعد قد لا يتكرر، ومباراة يعيشونها بنحو لم يسبق له مثيل، لدرجة طالب فيها الإنكليز بإعلان الاثنين يوم عطلة مدفوعة الأجر للموظفين، ومع عطلة مدرسة للتلاميذ في حال التتويج باللقب.
أما في حالة الخسارة، فسنعيش دراما جديدة وخيبة أمل تفوق خيبة سنة 1996 التي خرج فيها الإنكليز أمام الألمان في نصف النهائي الذي ضيع فيه المدرب الحالي جاريث ساوثجيت ركلة الجزاء، ولا يريد أن يضيّع التتويج باللقب كمدرب لجيل مبدع كل الظروف خدمته لكي يبلغ النهائي وتخدمه لكي يتوَّج على أرضية ملعب "ويمبلي" في ليلة لن تكون ككل الليالي.