إدمان ألعاب الفيديو.. خطر يهدد اللاعبين

إدمان ألعاب الفيديو.. خطر يهدد اللاعبين

13 نوفمبر 2020
15 لاعباً محترفاً يحاولون التعافي من إدمان ألعاب الفيديو (Getty)
+ الخط -

باتت الألعاب الإلكترونية حاجة ملحّة للعديد من الشباب في العالم خلال السنوات الأخيرة، إذ يقضي العديد منهم ساعات أمام الشاشة لخوض غمار منافسات وهمية وشيّقة في الوقت عينه، وقد ارتفعت نسبة الإدمان على ألعاب الفيديو مع الإغلاق العام في العديد من البلدان في عام 2020، بسبب جائحة كورونا التي تواصل حصدها للأرواح وتسجيل حالات مرتفعة في العديد من البلدان، لا سيما في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.

ولم يؤثر هذا الأمر فقط على الشباب العاديين، بل انغمس فيه كبار الرياضيين، خاصة لاعبي كرة القدم، على غرار نجم باريس سان جيرمان والمنتخب البرازيلي نيمار دا سيلفا، والسويدي زلاتان إبراهيموفيتش لاعب ميلان الإيطالي، وسرخيو أغويرو نجم مانشستر سيتي، ومسعود أوزيل لاعب أرسنال، والقائمة تطول.

مشكلة نفسية
كشف معالج نفسي بارز أن عدد لاعبي كرة القدم الذين يسعون للعلاج من إدمان الألعاب قد ارتفع منذ أول إغلاق لفيروس كورونا.

وقال ستيف بوب، أحد كبار مستشاري الإدمان في بريطانيا، إنه يساعد حالياً 15 لاعباً محترفاً و30 شبه محترف في حل هذه المشكلة، التي باتت تؤثر على حياتهم بشكلٍ مباشر، خاصة أن هذا الرقم هو ثلاثة أضعاف الرقم المسجل قبل جائحة كورونا، تحديداً قبل فترة التوقف التي عاشها عالم كرة القدم لمدة 3 أشهر تقريباً.

وأضاف خبير الإدمان بوب "الأمر يخرج عن نطاق السيطرة، لقد تضاعف عدد اللاعبين المدمنين على ألعاب الفيديو ثلاث مرات منذ الإغلاق الأول".

عندما توقفت كرة القدم ولم يكن لدى اللاعبين ما يفعلونه، أصبحت الألعاب أكثر جاذبية. الآن، على الرغم من عودة التدريبات والمباريات، إلا أنها لا زالت تُمثّل مشكلة، لأن اللاعبين لم يتخلوا عنها تماماً.

بطبيعة الحال، لاعبو كرة القدم مختلفون عن الأشخاص العاديين، خاصة أن أسلوب حياتهم مغاير، فقد أكد غاريث بيل في إحدى المقابلات أن حياتهم تشبه "الروبوتات" (رجال آليين)، يأكلون وفق نظام معين ويخرجون في أوقات محددة، بالتالي لديهم وقت أكثر من أي شخص آخر للعب، وهذا الأمر مدمر للعقل، في الحقيقة هو وباءٌ صامت لا يحظى بالاهتمام الكافي من قبل الإعلام والقيمين على الرياضة بشكلٍ عام، خاصة أن نتائجه قد لا تتعلق فقط بالجانب الجسدي والصحي، إنما التأثير الأكبر قد يكون نفسياً، مما قد ينعكس عليهم في الملعب وخارجه، إذ من الممكن أن يؤدي ذلك إلى العنف، بحسب ما كشف أحد اللاعبين الذين لم يكشفوا هويتهم.

قضاء وقت طويل أمام شاشة الحاسوب أو "الآي باد" لممارسة ألعاب الفيديو قد يكون بالنسبة للبعض أمراً عادياً، وهو لا يؤخذ على محمل الجد كما ينبغي، فمنع شاب مثلاً في العشرينيات من عمره، منغمسٌ في هذه الألعاب لفترات طويلة ضمن نمط معين، يشبه في الحقيقة خطف طفلٍ من أمه، أي بحال أخذك لجهاز التحكم الخاص به، قد يتحول إلى شخصٍ آخر وربما عدائي، أو قد يفشل في إكمال يومه بشكلٍ طبيعي.

بحسب صحيفة "ديلي ميل"، فإن لاعبي الدوري الإنكليزي الممتاز ليسوا محصنين من هذا الإدمان، يسافرون كثيراً، ولديهم وقت طويل في غرف الفنادق لملئه، وهنا قد تتعقد المشكلة.

خطرٌ كبير
تم إدراج ما يسمى بـ"اضطراب الألعاب" كحالة ثابتة متعلقة بالصحة العقلية، من قبل منظمة الصحة العالمية منذ عام 2018. في أكتوبر 2019، أُطلقت NHS (هيئة الخدمات الصحية الوطنية) أول مركز وطني لاضطرابات الألعاب، وذلك بهدف علاج المرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و25 عاماً.

وقال رالف هسينهوتل، رئيس ساوثهامبتون العام الماضي، إنه يرى هذه المشكلة "مثل إدمان الكحول أو إدمان المخدرات''، وأكد أنه اعتاد على إيقاف تشغيل "الواي فاي" في فنادق الفريق لحماية لاعبيه.

بدوره، قال جيف ويتلي، لاعب خط وسط مانشستر سيتي السابق، الذي يشغل الآن منصب المدير التنفيذي لرعاية اللاعبين في اتحاد كرة القدم، لـ"ديلي ميل" "قد لا يرى بعض الناس أنها مشكلة مقارنة بالمشروبات أو المخدرات أو القمار. قد لا يرون أنه ضارٌ مثل تلك الأمور، قد لا يرون الأعراض. لكن بعضها يمكن أن تكون مشابهة لحالات إدمانٍ أخرى، لأن الناس مهووسون بالشرب أو القمار ويمكن للناس أن يصبحوا مهووسين باللعب".

وهنا يطرح السؤال نفسه، هل أنا ألعب لأنني أستمتع بذلك، أم ألعب لأنني مضطر لفعل هذا الأمر؟ هل تتداخل ألعابي مع أجزاء أخرى من حياتي، مثل علاقتي أو وظيفتي؟ إذا تم إهمال مجالات أخرى في حياتك، فهذه علامة واضحة على وجود مشكلة تحتاج إلى حل.

قد يغرق بعض الشباب في ألعاب الفيديو حتى ساعات الصباح الأولى. إذا لعب شخص ما لمدة 10 ساعات متواصلة، يومًا بعد يوم، فهو لن يأكل أو ينام بشكل جيد، بالتالي إذ كان اللاعبون يفعلون ذلك بهذا النسق لفترة زمنية، فإن أجسادهم لن تسمح لهم بأداء التمارين بشكلٍ مناسب، وقد يتعرّض العديد منهم للإصابات وتراجع المستوى.

وطلبت الأندية من رابطة اللاعبين المحترفين (التي لديها خط مساعدة يعمل على مدار 24 ساعة وقادر على ربط لاعبي كرة القدم بالمستشارين) التحدث إلى اللاعبين حول العادات السيئة للعب.

كما قامت "سبورتنغ تشانس"، وهي مؤسسة خيرية للصحة العقلية أسسها قائد منتخب إنكلترا السابق توني آدامز، بإجراء مكالمات ومحادثات بشأن ألعاب الفيديو، كما عمدت إلى تقديم عددٍ متزايد من الجلسات التعليمية حول هذا الموضوع.

 

من جانبه، أكد أليكس ميلز، رئيس قسم التعليم في سبورتنغ تشانس "هناك أشخاص يأتون من خلال شبكة العلاج الفردية لدينا ولديهم مشكلة مع الألعاب، إنها ليست بأعداد كبيرة، ولكنها مشكلة أكثر مما كانت عليه قبل 10 سنوات".

التخوف الأكبر بطبيعة الحال أن يستمرّ اللاعبون في هذا الأمر، وأن تتطور حالتهم أكثر، وحينها سيصبح علاجها صعباً للغاية.

المساهمون