ذكاء الأبناء... حلم الأمهات و الآباء

ذكاء الأبناء... حلم الأمهات و الآباء

26 يوليو 2017
معنى الذكاء واسع جداً فلا تحصره في التفوق الدراسي(Getty)
+ الخط -
مصطلح "الذكاء" فضفاض جدا وظالم أحيانا، فالذكاء لدى كثير من الأمهات أو الآباء مرتبط بالتفوق الدراسي؛ أي أن الطالب المتفوق هو الأكثر ذكاء، وغير المتفوق هو الأقل ذكاء، وكثير من الأمهات والآباء يخلطون بين الذكاء والذاكرة، فكلما كان الطفل أكثر قدرة على الحفظ فهو الأذكى.

بينما من منظور علمي، نجد أن "الذكاء" يعني القدرات العقلية المنطقية مثل التحليل، والتخطيط، والاستنتاج والتصنيف وحل المشاكل، والتفكير المجرد، وهو ناتج مجموع عاملين: الأول: الوراثة، والثاني: البيئة، أي أن درجة الذكاء محمولة على الجينات وموروثة من الأب والأم والأجداد، ولكن تأتي البيئة والظروف فتنميها أو تقتلها

ثم جاء منظور علمي آخر، واعتبر أن تلك "القدرات العقلية المنطقية" لا يمكن أن تعبر وحدها عن الذكاء.. أين اذن الإحساس والقدرة على التعبيرعن المشاعر وكذلك فهم مشاعر الآخرين؟ وذلك ما أُطلق عليه "الذكاء الاجتماعي أو العاطفي". ثم جاء منظور علمي ثالث ليسأل: هل لاعب الكرة الموهوب عندما يضرب الكرة، هل يضربها بقدمه أم يضربها بسبب ذكاء ما في عقله؟ والإجابة هي بالتأكيد الثانية، فهناك ذكاء ما في عقل ذلك اللاعب هو الذي يمكنه من استنتاج الزاوية والقوة الأنسب لضرب الكرة. وكذلك الشخص المتميز في الموسيقى أو اللغة والأدب أو التصوير والرسم أو الأعمال اليدوية، هو يقوم بتلك الأعمال بعقله الذي يحرك يده أو قدمه، ومن هنا جاءت نظرية – أقل عنصرية – وهي نظرية الذكاءات المتعددة التي فتحت آفاقا أرحب للذكاء الإنساني.



لذلك فإنني أشفق على كثير من الأمهات والآباء الذين يقعون ضحية للفهم الضيق للذكاء فيختزلونه في التفوق الدراسي أو قوة الذاكرة أو الاكتشافات والاختراعات، وأشفق عليهم أيضا عندما يقعون فريسة لبعض مراكز أنشطة الأطفال المشهورة جدا والتي تقنعهم أنها سترفع ذكاء أبنائهم وتحولهم إلى عباقرة بينما كل ما تقدمه تلك المراكز هو أنشطة رقمية رياضية تنشط القدرة على الحفظ والتخزين والتعامل مع الأرقام.

وأنا هنا لن أناقش بالتفصيل النظريات والتعريفات المختلفة للذكاء، ولكنني سأطرح بعض الأفكار التي نحتاج أن نتفق عليها عندما نتعامل مع ملف "الذكاء" الخاص بأطفالنا، وهي:


1. نعم، هناك تفاوت وراثي بين الأطفال في صور ونسب الذكاء. وليس دورك كأم أو أب أن تغير الجينات، ولكن دورك هو معرفة مساحات القوة لاستثمارها، ومعرفة مساحات الضعف لتنميتها.

2. ابدأ دائما بمساحات القوة لأنها ستفتح شهية الطفل لتنمية مساحات الضعف، وليس العكس، فإن كانت القدرات العقلية لطفلك محدودة فيما يتعلق بالذاكرة أو التحليل أو التخطيط، بينما رأيت فيه ذكاء اجتماعيا أعلى، فابدأ بالذكاء الاجتماعي، واستثمره من خلال تعريض الطفل لأكبر قدر من الأنشطة الجماعية تحقق له قدرا من الثقة بالنفس يمكنه من تحدي نفسه في مساحات ضعفه.

3. تذكر أن معنى الذكاء واسع جدا فلا تحصره أبدا في الذاكرة أو التفوق الدراسي، ولا تقع فريسة لمن يبيع لك هذا الركن الضيق ليتربح من وراء أملك، واجتهد أن يصل هذا المعنى لطفلك، وهو لن يصل إليه إلا اذا كنت أنت ممتلئا به في الحقيقة، هذا لا يعني عدم الاهتمام بالمدرسة أو تنمية الذاكرة، ولكنه يعني عدم الاقتصارعليهما.

4. وسائل التنمية لذكاء طفلك متاحة وسهلة، بعضها يحتاج أموالا ومراكز متخصصة، ولكن أغلبها يمكن أن يتم من خلالك، فقط إذا استطعت أن تقدم بعض الوقت وبعض التركيز مع ابنك. بعض تلك الوسائل يكون فقط من خلال "الحوار" اليومي مع ابنك، والبعض الآخر من خلال أنشطة ومواقع على شبكة الإنترنت، والبعض الثالث من خلال خامات بسيطة موجودة من حولك.

المساهمون