الأطفال السوريون في تركيا... بين لغتين

الأطفال السوريون في تركيا... بين لغتين

27 ديسمبر 2017
الأطفال بحاجة إلى تعلم كلا اللغتين العربية والتركية (Getty)
+ الخط -
عام مضى على التحاق علي، الطفل السوري ذو 12 عاماً، بالمدرسة التركية، وانفصاله عن مدرسته السورية، قضاه يصارع الكلمات التركية ويتعلم قواعدها وأصول نطقها، وبمساعدة أصدقائه الأتراك ومعلميه تمكن من إتقان اللغة وتعلمها بسرعة، حتى أصبح مترجماً للعائلة بأكملها.


والد علي المهندس صباح الحلو، يقول لـ"العربي الجديد": "عانى علي كثيراً في العام الماضي من تدني درجاته في المدرسة، كونه لا يتكلم اللغة التركية ولا يفهمها بشكل جيد، فكل الذي كان يعرفه هو بعض العبارات الضرورية والأرقام وأيام الأسبوع، إلا أنه اليوم يتكلم التركية بطلاقة. تستعين به جدته ووالدته في جلساتهما مع الجيران الأتراك. وأنا كذلك، أستعين به وأصطحبه معي إلى بعض المؤسسات الحكومية ليترجم لي".





اللغة مفتاح التعلم
تعلم اللغة التركية أصبح أولوية للأطفال السوريين، خاصة بعد دمجهم في المدارس العامة التركية، ما جعل الأهل في حيرة من أمرهم، فبعضهم فضل إلحاق أطفاله برياض أطفال ومدارس تركية بأعمار مبكرة، لتجاوز عقبة اللغة قبل دخولهم إلى المدرسة، وهو ما قامت به أمل 30 عاماً وزوجها مصطفى 36 عاماً، إذ قاما بتسجيل طفلتهما في روضة أطفال تركية عوضاً عن تسجيلها في روضة سورية، وعن ذلك تقول أمل: "تتكلم راما اللغة التركية واللغة
العربية وبعض الكلمات الإنكليزية، إلا أنها تفضل التكلم باللغة التركية على اللغة العربية. ولا أخفي قلقي من ذلك، فعلى الرغم من أننا نتحدث معها العربية في المنزل إلا أنها ترد بالتركية في أغلب الأحيان".


عدم إتقان الأطفال السوريين اللغة العربية مشكلة باتت تؤرق كثيراً من الأهل، ممن فضلوا إلحاق أطفالهم بمدارس وروضات تركية، خوفاً عليهم من مشاكل التعلم والاندماج. وهو ما دفع بعضهم إلى تفضيل رياض الأطفال السورية على التركية لتعليمها اللغة العربية للأطفال نطقاً وكتابة، قبل انتقالهم إلى المدارس التركية. في حين قام آخرون بتنقيل أطفالهم بين الروضات التركية والسورية في محاولة لتعليمهم اللغتين معاً.





الحل بتعلم اللغتين
عن ذلك، تحدثنا المرشدة التربوية والخبيرة اللغوية رهف عرب التي تؤكد على أهمية تعليم الطفل لغة البلد التي يعيش فيه، ولكن من دون إهمال لغته الأم، وحيرة الأهل إنما تنم عن غياب التوجيه الصحيح وحداثة عهد السوريين بالمشكلة، إذ تقول لـ"العربي الجديد": "بعض الأهل يرجح تعليم أطفاله لغة البلد على تعليمهم اللغة العربية، كونها ستكون لغة التعامل
والدراسة، وآخرون قلقون من ضياع لغتهم الأم، وتشتت أطفالهم في حال عودتهم إلى سورية. والحل يكون في تعليم الطفل اللغتين معاً من دون القلق من ذلك ، فآخر الدراسات تؤكد أن الأطفال ممن لم تتجاوز أعمارهم خمسة أعوام لديهم قابلية على تعلم أكثر من لغة من دون الخلط بينها، والأطفال بطبيعتهم سيميلون إلى التكلم باللغة الأسهل نطقاً، وبالتالي يفضلون التكلم باللغة التركية على اللغة العربية، ولكن لا داعي للقلق، فكل ما على الأهل القيام به هو التكلم مع أطفالهم باللغة العربية في المنزل باستمرار وعدم إهمال ذلك، وعدم إجباره على التكلم بالعربية في حال اختار التكلم بالتركية، كي لا يتسبب ذلك بتشتيت ذهن الطفل والتأثير على خياراته في التعلم".


دمج الأطفال السوريين في المدارس التركية وإجبارهم على التعلم باللغة التركية يوجب على السوريين إيجاد حلول بديلة لتعليم أطفالهم اللغة العربية وعدم السماح بضياع هويتهم العربية ولغتهم، وذلك من خلال إنشاء مراكز ومدارس لتعليم اللغة العربية والحفاظ عليها في مختلف المدن السورية، وإلحاق أطفالهم بها وعدم الاستهانة بذلك، لما له من تأثير على مستقبل الأطفال وخياراتهم.





المساهمون