قلق بعد إصابة كورونا الأولى في شمال سيناء

قلق بعد إصابة كورونا الأولى في شمال سيناء

02 مايو 2020
لا بدّ من اتخاذ تدابير وقائية (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

لطالما حرص سكان محافظة شمال سيناء على استمرارية خلوّ محافظتهم من فيروس كورونا الجديد، في ظلّ ضعف الإمكانات الطبية في مستشفياتها وعدم قدرتها على مواجهة أزمة بحجم جائحة كورونا، وقد ساعدهم في ذلك حالة الإغلاق التام التي تفرضها قوات الجيش المصري منذ سنوات على المحافظة، ومنع أيّ مواطن لا يحمل بطاقة شمال سيناء من دخولها. لكنّ ذلك كله لم يمنع الفيروس من أن يحطّ في المحافظة أخيراً، فأُعلن عن إصابة أولى في مدينة بئر العبد، الأمر الذي نشر القلق في أوساط المواطنين. هؤلاء يخشون انتشار كورونا، في ظلّ ضعف الإجراءات الحكومية لمواجهته، بالإضافة إلى تحفّظهم على الإجراءات التي رافقت اكتشاف الحالة وكيفية التعامل معها في مستشفى بئر العبد النموذجي المخصّص لعزل مصابي كورونا.

وكانت الإصابة الأولى قد سُجّلت في شمال سيناء، الخميس المنصرم، بعد أشهر على بدء انتشار الفيروس على الأراضي المصرية. وأعلنت عن ذلك مديرية الصحة والسكان بالمحافظة في بيان مفصّل أصدرته حول الموضوع، موضحةً كذلك أنّ فرق الترصّد قامت بعمل التقصي الوبائي وأنجزت تعقيم منزل المصابة وتتابع مخالطيها. وشدّدت المديرية في بيانها على ضرورة أن يتّبع المواطنون الإجراءات الاحترازية المفروضة من قبل الدولة لوقاية أنفسهم من العدوى.

وفور الإعلان عن الإصابة، سادت حالة من القلق بين أهالي شمال سيناء، وسط تساؤلات عن كيفية وصول العدوى إلى المصابة وعن مكان سكنها والإجراءات الطبية في التعامل معها وعن مخالطتها آخرين لم يدخلوا الحجر. كذلك تساءل المواطنون عن المرحلة التالية بعد اكتشاف الإصابة، في ظلّ القدرة المتواضعة لمستشفيات المحافظة، سواء لجهة الكوادر الطبية أو الإمكانات المادية. بالتزامن، سُجّل ارتفاع في مستوى حرص المواطنين وحذرهم في خلال تحركاتهم وتنقّلهم في داخل المحافظة، خصوصاً أنّ اكتشاف الحالة جاء في الأسبوع الأوّل من شهر رمضان، في حين يكثر تحرّكهم في سياق الزيارات العائلية واللقاءات الاجتماعية المختلفة.



وعن الإجراءات الصحية في سيناء، يقول مصدر طبي في مستشفى بئر العبد لـ"العربي الجديد" إنّ "المصابة المسنّة عُزلت مع فريق طبي لن يغادر العزل قبل شفائها". ويوضح أنّ "المصابة من سكان مدينة بئر العبد وكانت تعاني التهاباً رئوياً حاداً وكانت تراجع طبيباً في عيادته الخاصة طيلة الأسابيع الماضية، علماً أنّها لم تغادر المحافظة منذ أشهر. بالتالي قد يكون الفيروس انتقل إليها عبر أحد زائريها الذين كانوا في محافظة الإسماعيلية". يضيف المصدر الطبي أنّه "بناءً على ذلك، فُرض الحجر المنزل على كلّ مخالطي المصابة، وعُقّم منزلها وعيادة الطبيب الخاصة، وحُجر الطبيب المعالج وعائلته"، مشيراً إلى أنّ "حالةً من الصدمة أصابت العاملين في المستشفى وعائلة المصابة عند سماعهم أنّ نتيجتها موجبة بعد وصولها من مختبرات الوزارة".

ويتابع المصدر الطبي نفسه أنّ "الطواقم الطبية في المستشفى اعتادت حجر المشتبه في إصابتهم بكورونا في خلال الأسابيع الماضية، وبعد ظهور النتائج السالبة يُسمح لهم بالمغادرة. وهذا ما جرى كذلك مع السيّدة المصابة، إذ إنّ التعامل معها طوال مدّة مكوثها في المستشفى أتى على أساس أنّها تعاني التهاباً رئوياً حادّاً لا علاقة له بفيروس كورونا الجديد. وعندما بيّنت النتيجة غير ذلك، استدعى الأمر تغيير إجراءات التعامل معها فوراً، وطُلب من كلّ مخالطيها في داخل المستشفى وخارجها الالتزام بالحجر الصحي على الفور وإبلاغ إدارة المستشفى بكلّ الأعراض التي قد تظهر عليهم أو على مخالطيهم".



ويشير المصدر الطبي إلى "وجود قصور في المعلومات حول كيفية التعامل مع الإصابات لدى الطواقم الطبية كافة في محافظة شمال سيناء، ما يستدعي اهتماماً حكومياً عاجلاً بالمحافظة للحؤول دون انتشار الفيروس فيها"، مشدداً على "ضرورة توفير الإمكانات والمستلزمات اللازمة للتعامل مع الإصابات ومع حالات الاشتباه في الإصابة، من قبيل الزيّ الطبي المعتمد وأجهزة الفحص والأدوات اللازمة لها، بالإضافة إلى توفير سيارات إسعاف مخصصة لنقل المصابين أو المشتبه في إصابتهم، وأجهزة التنفس الصناعية وغيرها من المواد الطبية اللازمة لمواجهة الفيروس. وذلك في حين أنّ مستشفيات شمال سيناء في حاجة، بالأساس، إلى دعم حكومي شامل لرفع مستويات الخدمة فيها ولإبقائها بقدرات طبية تمكّنها من مواجهة الأزمات، بما فيها جائحة كورونا". ويكمل المصدر الطبي أنّ "الطواقم الطبية، بحسب ما تبيّن، على استعداد كامل لتلقّي أيّ معلومات ودورات متخصصة في سبيل الارتقاء بمستواها لمواجهة الجائحة"، لافتاً من جهة أخرى إلى أنّه "لا بدّ من توفير الدعم المادي والمعنوي للطواقم الطبية العاملة في مستشفى العزل بمدينة بئر العبد".